تعديل

السبت، 5 أغسطس 2017

من فقه القرآن : المسجد الأقصى وأحداث آخر الزمان


من فقه القرآن

المسجد الأقصى وأحداث آخر الزمان

الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي

إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك

الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس
 
www.algantan.com


قال الله تعالى :" ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم" سورة البقرة

وردت هذا الآية الكريمة وعدة أحديث نبوية شريفة تدل على تعلق المسجد الأقصى ببعض أشراط الساعة ، وهذا بيان بعضها :أولا :المسجد الأقصى لا يدخله المسيح الدجال ، الحديث الدال على هذا هو :أتينا رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال أنذرتكم المسيح أنذرتكم المسيح إنه رجل ممسوح قال أظنه أنه قال اليسرى يمكث في الأرض أربعين صباحا معه جبال خبز وأنهار ماء يبلغ سلطانه كل منهل لا يأتي أربعة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد الطور ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم غير أن ما كان من ذلك فاعلموا أن الله ليس بأعور قالها ثلاثا الراوي: جنادة بن أبي أمية المحدث: الطحاوي – المصدر: شرح مشكل الآثار – الصفحة أو الرقم: 14/376

خلاصة حكم المحدث: صحيح

ثانيا : بعثة النبي من أشراط الساعة الصغرى ، ومن متعلقات هذا الشرط من أشراط الساعة إسراء الله بالنبي صلى الله عليه وسلم  إلى المسجد الأقصى ، فالإسراء إلى المسجد الأقصى و العروج منه إلى السماوات العلى جزء أصيل متعلق بشرط عظيم من أشراط الساعة وهو  نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، الحديث الدال على هذا  ليلة أسري بالنبي إلى المسجد الأقصى ، أصبح يتحدث الناس بذلك ، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به ، و صدقوه ، و سعوا بذلك إلى أبي بكر ، فقالوا : هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس ؟ قال : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : لئن كان قال ذلك لقد صدق ، قالوا : أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس و جاء قبل أن يصبح ؟ قال : نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء في غدوه أو روحه ، فلذلك سمي أبو بكر الصديق الراوي: عائشة المحدث: الألباني – المصدر: السلسلة الصحيحة – الصفحة أو الرقم: 306

خلاصة حكم المحدث: متواتر

-ثالثا: المسجد الأقصى أرض رباط وقتال إلى أن تقوم الساعة، وهو بهذا يختلف عن المسجد الحرام الذي من صفته أن آمن يحرم القتال فيه ، الحديث الدال على هذا  عن أبي هريرة عن النبي قال: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله، لا يضرهم من خذلهم ظاهرين على الحق - إلى أن تقوم الساعة". أبو يعلى"

رابعا:  في آخر الزمان يكون المسجد الأقصى منزلا للخلافة الراشدة ، وقد تكون هذه الخلافة هي خلافة المهدي الموعود به ، الدليل على هذا  عن أبي حوالة الأزدي قال: وضع رسول الله يده على رأسي أو على هامتي ثم قال: "يا ابن حوالة: إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور والعظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك". "أحمد وأبو داود والحاكم"

خامسا: فتح بيت المقدس الذي المسجد الأقصى يمثل درته الثمينة من أشراط الساعة الصغرى،الحديث الدال على هذا  عن عوف بن مالك قال أتيت النبي في غزوة تبوك وهو في قبة من آدم فقال: "أعدد ستاً بين يدي الساعة: موتى ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً ". "رواه البخاري"..

سادسا: التضييق على المسلمين في دخول المسجد الأقصى ومنعهم من الوصول إليه حتى تصبح أمنية المسلم أن يكون له قدر السوط في المسجد الأقصى ، الحديث الدال على هذا عن أبي ذر قال : تذاكرنا - ونحن عند رسول الله - - أيهما أفضل مسجد رسول الله -- أم بيت المقدس؟، فقال رسول الله : "صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعاً". أو قال: "خير له من الدنيا وما فيها".أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه الألباني"، وآية سورة البقرة تدل على أن المسلمين سيمنعون من الوصول إلى المسجد الأقصى إلا بصعوبة ،وأن شعائر الدين كالصلاة فيه ستعطل أحيانا ، وأن الله سيرد كيد الكفار ولن يمكن لهم في المسجد الأقصى ، وإن مكن لهم فهو تمكين الخائف الذليل الحقير المؤقت الذي سرعان ما يزول لما يذوب الملح في الماء ، الدليل قوله تعالى :" ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم" يراجع تفسير القرطبي في تفسير الآية الكريمة...

 سابعا : المسجد الأقصى جزء من مكان الحشر يوم القيامة حيث القدس هي أرض المحشر والمنشر عن أبي ذر ، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ، ولنعم المصلى في أرض المحشر والمنشر وليأتين على الناس زمان ولقيد سوط أو قال : قوس الرجل حيث يرى منه بيت المقدس خير له أو أحب إليه من الدنيا جميعاً»" اللفظ للبيهقي وصححه الألباني" .

ثامنا: بقاء المسجد الأقصى وعدم هدمه أيضا هو من أشراط الساعة فالنبي صلى الله عليه وسلم دل الصحابي ذي الأصابع رضي الله عنه إلى السكن في بيت المقدس بعد موته صلى الله عليه وسلم وأن من فضائل السكن فيه رزق الله له ذرية يغدون إليه ويروحون ،فالغدو والرواح إلى المسجد الأقصى باق مع ما يعتريه من معوقات من الاحتلال  وهذا الغدو من صفته الاستمرارية ، الدليل على هذا عن ذي الأصابع رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: إن ابتلينا بعدك بالبقاء أين تأمرنا؟ قال: "عليك ببيت المقدس، فلعله ينشأ لك ذرية يغدون إلى ذاك المسجد ويروحون ""رواه أحمد"...

ملاحظات: الآية الكريمة والأحاديث السابقة تبين لنا عدة أمور : أولا: أن نظل مستبشرين بغد مشرق للمسجد الأقصى والقدس، ثانيا: ألا نيأس من الأحداث التي نعيشها في المسجد الأقصى وما حوله بل يجب علينا دفعها بإيمان وصبر ويقين ، ثالثا : أن نوطن أنفسنا أن الله اختارنا من دون المسلمين كافة لنكون خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى وأن نظل مرابطين فيه ،رابعا: أن نوقن أن النصر حليفنا وأن الذل والعار لكل من يخذل أو يعتدى أو يتخلى عن نصرة المسجد الأقصى ، خامسا:أن نرفض كل واقع يفرض على المسلمين والمسجد الأقصى لدخوله أو الصلاة فيه يتنافى مع حرية العبادة وعزتها ومكانتها، سادسا : أن  نعلم أن تخاذل أي فلسطيني مقدسي وغيره عن الرباط فيه مع قدرته عليه هو سبب لغضب الله عليه ، سابعا: أن نؤمن أن المسجد الأقصى باق إلى يوم القيامة وسيأتي عليه زمن تكون عزة المسلمين في كل العالم من خلاله حيث يكون أرضا ومكانا للخلافة التي على منهاج النبوة ، والحمد لله رب العالمين





0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More