تعديل

الخميس، 26 يونيو 2025

النبي والصحابة أخذوا بالأسباب وهذا أهم الدروس التي يجب على المسلمين أن يأخذوها من الهجرة النبوية

النبي والصحابة أخذوا بالأسباب وهذا أهم الدروس التي يجب على المسلمين أن يأخذوها من الهجرة النبوية سواء الحكام أو المحكومين

الهجرة التي أسست للوجود الإسلامي

من جانبه، قال الشيخ الدكتور محمد سليم خطيب المسجد الاقصى المبارك " إن الهجرة بالمفهوم العام هي حركة الإنسان عبر تاريخه الطويل، بهدف الوصول إلى المكان الذي يراه ملائما لاحتياجاته المتنوعة."

وأضاف: "أما الهجرة بالمفهوم الديني الخاص، فهي حركة الرسل والأنبياء عبر امتداد تاريخهم الدعوي، من أجل الوصول إلى المكان الآمن لتبليغ دعوتهم، ونشرها، وامتداها" .

وأضاف سليم من هذا المنطلق يأتي الحديث عن الهجرة النبوية، كونها هجرة آخر الرسل، وكونها الهجرة التي أسست للوجود الإسلامي، وامتداده عبر الزمن، وحتى يومنا هذا.

وتابع: "نحن المسلمين نحتفل بها كل عام، لأنها صارت مفتتحا لتاريخنا المجيد، المليء بالانتصارات والفتوحات".

وذكر أن هذه الهجرة لم تتوقف عند طموح النبي صلى الله عليه وسلم، أو عند أحلام الصحابة الكرام ، الذين حملوا الدعوة معه، وهم نائمون على فراشهم، أو وهم يتواكلون على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تبشرهم بالفتوحات والانتصارات، بل قاموا وبذلوا جهدهم، وأوقاتهم، وأعمارهم ، وأموالهم، في سبيل تحقيق هذه الهجرة وأهدافها ، لأنها كانت المخرج الوحيد لهم من العبودية لغير الله تعالى.

هجرة ما نهى الله ورسوله عنه

وأضاف: إن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة معه ، أخذوا بالأسباب، ولم يتكلوا على وعود الله لهم بالنصر والتمكين في الأرض، وهذا أهم الدروس التي يجب على المسلمين أن يأخذوها من الهجرة النبوية، سواء الحكام أو المحكومين، أن ينهضوا جميعا لهجرة واقعهم المذل والمخزي الذي جعلهم في ذيل قافلة الأمم، وتبعا لغيرهم.

ويرى الشيخ سليم أن على الأمة المسلمة، بمجموع أفرادها أن تجعل من أول هجرتها، أن تهجر ما نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه، فهذا هو أساس الهجرة التي يطمح لها المسلمون، والتي تؤسس للهجرة الكبرى التي توصلهم إلى سدة الحكم، ونشر الدعوة الإسلامية في ربوع الأرض، ليحل الأمن والسلام في الناس

وقال: "وفي هذا المقام ، فإن هجرة المسلمين اليوم تختلف عن الهجرة النبوية، فالهجرة النبوية كانت الانتقال من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ، لتأسيس نواة لدولة الإسلام. "

وختم الشيخ سليم حديثه بالقول "أما هجرة المسلمين اليوم فتتمثل في الثبات في بلادهم وأوطانهم ، وهجرة كل الأسباب التي تحول بينهم وبين استقرارهم فيها واستقلالهم عليها، من غير تبعية لأمة من الأمم ".

الخميس، 5 يونيو 2025

هل أجمعت الأمة على تلبية واحدة تحدد مصيرها بين الأمم؟

هل أجمعت الأمة على تلبية واحدة تحدد مصيرها بين الأمم وهي الآن تتوحد على التلبية الشرعية لبيك اللهم لبيك

السبت، 29 مارس 2025

نظرة في العيدية

نظرة في " العيدية"
رقائق إيمانية
الدكتور محمد سليم محمد علي
 خطيب المسجد الأقصى المبارك
" العيدية " التي نعطيها بناتنا ، ولأولادنا ، ولقريباتنا ، ولأمهاتنا ، هي هبة وعطية ، وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في الهبات والأعطيات ، والتي منها ما نتعارف عليه اليوم في عيدي الفطر والأضحى ب" العيدية " ، وتكون أكثر استحبابا حين نخصّ بها أرحامنا من أصولنا كآبائنا وأمهاتنا ، وأجدادنا وجدادتنا ، وحين نخص بها فروعنا من أبنائنا وبناتنا وذرياتهم ، لأن الله سبحانه أوصانا بأرحامنا أن نصلها فقال سبحانه في سورة النساء آية "1" : (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)، والمعنى كما قال القرطبي في تفسيره "5/2" : ( اتقوا الله أن تعصوه ، واتقوا الأرحام أن تقطعوها ) ، و " العيدية " ليست صدقة يتصدق بها الإنسان على غيره ، لأن الصدقة تعطى للفقير ، وأما الهبة أو العطية والتي من صورها " العيدية" فهي تعطى لذوي الأرحام خاصة على سبيل الهدية في عيدي الفطر والأضحى ، على سبيل التحابب ، والتراحم ، ومن المستحب في " العيدية" التسوية بين الأبناء فيها ، ذكورا وإناثا ، فيعطي البنت من الابن ، ولا يفضل فيها الابن الذكر على البنت ، فلا ينظر بعين واحدة ، ويتعامل مع أولاده في " العيدية " كأنه يقسم تركة وميراثا ،إلا إذا كانت هناك حاجة في التفضيل فيها ، وبخاصة إذا كانت البنت أو الأخت متزوجة ، ووضعها المالي غير جيد ، وأما بالنسبة للأبوين ، فيستحب تفضيل الأم بمزيد في " العيدية " التي كما قلنا هي هدية وعطية ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم فضلها بمزيد من البرّ على الأب حين سأله رجل : من أحق الناس بحسن صحابتي ، فقال له صلى الله عليه وسلم : (أمك) ، قال: ثم من؟ قال : ( أمك ) ، قال : ثم من ؟ قال : (أمك) ، قال :ثم من؟ قال : ( أبوك) ، وأما الأخوات فيستحب التسوية بينهن في " العيدية" ، إلا كما قلت سابقا إن كانت إحدى الأخوات محتاجة إلى مزيد بر وصلة ، وكذلك الأخوة إذا كانوا غير متزوجين وهو متزوج ، فيستحب أن يخصهم ب" العيدية " ، وإن أراد أن تشمل " عيديته " كل أخوته فبها ونعمت ، وهنا يمكنه أن يفضل في عطائه في " عيديته " الأخ الأكبر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( حق كبير الأخوة على صغيرهم كحقّ الوالد على ولده " ، وفي رواية : ( الأكبر من الأخوة بمنزلة الأب ) ، وأما العمات والخالات وغيرهن من المحرمات ، فأيضا يستحب صلتهن من خلال " العيدية " ومن المستحب لمن يعطى " العيدية " أن يدعو لمن أعطاها بالخير ، و" العيدية " مشهورة ومتعارف عليها عند أهل فلسطين ، ولكن في بعض أقطار المسلمين فهي غير معروفة، وكانت في فلسطين قبل عقود تشمل كل الأرحام من الأصول والفروع وذوي الأرحام وأذكر أننا كنا نمضي ثلاثة أيام العيد كلها في " المعايدات" على هذا الشكل ، ولا تكاد هذه الأيام تكفينا ، فرحم الله تلك الأيام التي كنا فيها في أيام العيد لا نترك قريبا ولا جارا إلا و"عيّدنا" عليه ، فكان الودّ ، والمحبة ، منتشران في مجتمعنا الفلسطيني ، وأما اليوم فيعذر بعضنا بعضا في تقليص هذا الامتداد من التراحم والتزاور الذي يتخلله " العيدية" ، بسبب الظروف السياسية ، والاقتصادية ، وكثرة الذرية والنسل ، فصرنا نخصّ ب" العيدية " خاصة الخاصة من أقاربنا ، على أننا يجب علينا التذكير ب" عيدية" زوجاتنا ، فلهن حق علينا ، وبخاصة في عيد الفطر ، الذي كُنّ فيه في شهر رمضان المبارك مجاهدات في خدمة الزوج والأولاد بعمل الولائم ، وتحضير السحور ، والحرص على أن لا يفوتنا منه شيء ، فليكن لزوجاتنا وأخص بالذكر منهن الصالحات القانتات البارات بالأهل و والعيال نصيب الأسد من " العيدية" والثناء ، وليحرص الأزواج عن سوء الخلق مع زوجاتهم وبخاصة في أيام العيد فربما يحاول البعض منهم ابتزاز الزوجة ، وأخذ ما حصلت عليه من " عيديات " ، مع أن الواجب عليه أن يبادر هو إلى إكرامها " بالعيدية" ، ولما كان أجمل ما في العيد هو صلة الأرحام والهدايا والعطايا للأطفال وللنساء ، وكذلك زيارة الجيران والأصدقاء والمعارف من الناس بشتى أنواع التواصل ، أحببت أن أضع بعضا من معالم ( العيدية ) عندنا في فلسطين ، وأهم هذه المعالم ،أولا: التكييف الفقهي ( للعيدية) هو أنها عطية وهبة ، ولذلك لا تحتسب من زكاة المال أو من الصدقة ، ولهذا لا تجزىء ( العيدية ) عن صدقة الفطر ،ثانيا: لا تكن محتالا على أبنائك وبناتك في ( العيدية) فتعطيهم إياها بيد وتأخذها منهم باليد الأخرى بذريعة ( التحويش ) لهم ، دع ابنك في العيد يكوّن شخصيته ويشكّلها من خلال تصرفه الحر فيما يملك من ( العيدية ) وليفعل بها ما يشاء ،فهو إن أنفق كل ( العيدية ) ولم يبق منها شيء،فإن في إنفاقه لها الخير الكثير لأنه من خلالها أعطي حرية التصرف في نفقة ماله وهو وحده الذي يقدر خسارته من ربحه وهو وحده الذي يستفيد من نفقة ( عيديته) ،فاتركوا أبناءكم في العيد يفرحون ( بعيدياتهم) ويكّونوا من خلالها جزءا من شخصياتهم.
والحمد لله رب العالمين

جموع المصلين المتوافدين إلى الأقصى لإحياء ليلة القدر كانت أصدق استفتاء على إسلامية المسجد

جموع المصلين المتوافدين إلى الأقصى لإحياء ليلة القدر كانت أصدق استفتاء على إسلامية المسجد

الجمعة، 28 مارس 2025

بعض أحكام ليلة العيد ويومه

رقائق إيمانية
بعض أحكام ليلة العيد ويومه
الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
أولا : استحباب الغسل والطيب ولبس أجمل الثياب ، قال ابن القيم كان له - النبي-حل’ يلبسها للعيدين والجمعة. وقال مالك : (وجميع أهل العلم يستحبون الزينة والطيب في كل عيد)وقال الشافعي : (ويلبس الصبيان أحسن ما يقدرون عليه ذكوراً وإناثا)وكان ابن عمر يغتسل قبل أن يغدو إلى المصلى يوم الفطر و النساء : يخرجن من غير زينة ولا تطيب . فيجمعن بين فعل السنة واجتناب الفتنة
ثانيا : الأكل قبل الخروج إلى المصلى في الفطر وفي الأضحى يأكل بعده . عن أنس كان النبي لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل .
ثالثا : مغايرة الطريق لما رواه جابر " كان النبي إذا كان يوم عيد خالف الطريق "
رابعا : التكبير : وهو سنة في عيد الفطر : من وقت الخروج إلى الصلاة حتى ابتداء الخطبة .
خامسا : خروج النساء والصبيان للمصلى والجميع صغارا وكبارا لحديث أم عطية : " أمرنا أن نخرج العواتق والأبكار والحيّض يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الّحيض المصلى "
سادسا : حرمة صوم يومي الفطر والأضحى لما رواه أبو سعيد نهى رسول الله عن صوم يومين ، يوم الفطر ويوم النحر ،
سابعا : التهنئة : فقد كان أصحاب رسول الله إذا التقوا في العيد يقول بعضهم لبعض " تقبل الله من ومنكم "
ثامنا : التوسعة على العيال في الأكل والشرب والبشر ، وهو مستحب ، قال النبي : "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل "
تاسعا : صلة الأرحام وبخاصة الوالدين .
عاشرا : صلاة العيد وهي سنّة مؤكدة
الحادي عشر : عدم وجود راتبة قبلية ولا بعدية لصلاة العيد . قال ابن عباس عن النبي ك"خرج يوم الفطر فصلى ركعتين ولم يصل قبلها ولا بعدها "
الثاني عشر : الاستماع إلى الخطبة . قال النبي " إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب "
 الثالث عشر : اللهو المباح . لحديث عائشة : دخل أبو بكر وعندها جاريتان تغنيان في يوم عيد فزجرهما أبو بكر فقال النبي : إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا
قال ابن حجر : فيه تعليل الأمر بتركهن أنه يوم سرور شرعي فلا ينكر فيه مثل هذا ، كما لا ينكر في الأعراس والخلاصة العيد يوم فرح وسرور بإتمام الشعائر وأداء الفرائض كالصيام والحج , العيد منبثق عن عقيدة المسلمين وليس عن أفكار الناس" عيد شرعي " العيد فرصة لكل مسلم ليجدد العزيمة على الالتزام بالإسلام وتعظيم حرمات الدين يجب في العيد البعد عن كل معصية ومخالفة شرعية مثل : الاختلاط المحرم و التبرج والاستماع للموسيقى وارتياد الأماكن المشبوهة وغيرها من الأماكن التي يعصى الله فيها وأخيرا العيد يوم الانتصار على الشهوات وعلى الشيطان بالتزام أحكام الدين.
الرابع عشر : الخطبة في المسجد الأقصى المبارك : يلاحظ أن معظم الحاضرين للخطبة في المسجد الأقصى المبارك يرتكبون مخالفات شرعية أهمها : الأولى : عدم الاستماع للخطبة بالكلام المتبادل بينهم ، فيفوتون على من يريد الاستماع إليها نصيبهم من هذا الاستماع الذي حضروا من أجل الإفادة منه ، الثانية : عدم مراعاة حرمة وقداسة المسجد الأقصى بالاختلاط ، والتصوير المتنافي مع المسلمين ، الثالثة : الاعتداء على حرمة الخطبة بالهتافات والأهازيج الصادرة من الفتيان والفتيات ، وهؤلاء فقدوا ن نصيبهم من التقوى ، ومن الوطنية التي يزعمونها ، لأن الوطنية وحب الوطن يجب ألا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية ، وألا يتطاول أحد عليها ، وهذه الهتافات والأهازيج أثناء الخطبة تطاول على حرمتها ، فمن أراد ألا يستمع لخطبة الجمعة فليسكت أو لينصرف .
والحمد لله رب العالمين

الخميس، 27 مارس 2025

قبل أن ترحل

قبل أن ترحل
رقائق إيمانية
الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
 قبل أن يرحل رمضان ، وقبل أن ترحل أنت أيضا وتغادر هذه الحياة الدنيا ، قف معي رعاك الله تعالى عند هذه الآية الكريمة من سورة يونس آية : "7" : (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (7) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)، واسأل نفسك هل عبدت الله ربك عبادة الخوف منه سبحانه ؟ أم هل عبدته عبادة الطمع والرجاء برحمته ؟ أم أن قلبك مفلس من هاتين العبادتين ، فاحذر فهذا الله لا يخاف من الله عقابا ، ولا يرجو منه ثوابا ، احذر أن تفرح بالدنيا ،أو تسكن إليها ، احذر أن ترضى بالدنيا عوضا عن الآخرة ، فم سُميت الدنيا بالدنيا إلا لدناءتها ، ولقربها من الزوال ، احذر أن تكون الغافلين ، الذين لا يعتبرون ولا يتفكرون ، إن كنت انتهكت حرمة رمضان فقبل رحيله تب وارجع إلى ربك ، وإن كنت تنتهك عمرك بالمعاصي والغفلة عن طاعة الله ربك ، فسارع في العودة إليه سبحانه ، واعبده طمعا في جنته ، وخوفا من عقابه ، فإن جنته دار خلود لا يشقى ساكنها ، وإن النار دار خلود يشقى فيها نزيلها ، وتفكر كم من رمضان أتى ومضى ، وتذكر الناس من حولك كم من حبيب كان بقربك وهو الآن في القبر ينتظر أن يبعث منه يوم القيامة ليحاسب على مثقال ذرة ،فإن كنت قادرا أن تهرب من الموت ، أو تفلت من يوم القيامة فافعل ما بدا لك ، وإن كنت غير ذلك ، وأنت كذلك ، فاقرأ هاتي الآيتين وتفرك فيهما طويلا ، ففيهما ذكر الله تعالى صفات أصحاب العقول المنتكسة التي لا ينتفعون بها في النجاة العظمى في الدارين الدنيا والآخرة ، حيث نسوا أن عقلهم مناط تكليفهم ،وأنه سبب لتمييزهم عن غيرهم من خلق الله تعالى ، وأنهم بغيره لا قيمة لهم ولا شأن ، فهل المجنون له قيمة وشأن وهل له تميز بين الناس ؟؟؟ . وأمّا هذه الصفات التي أدت إلى انتكاس عقول أصحابها فهي:أولا: الكفر بالآخرة وترك العمل لها مع أن صاحب العقل السليم حين يستخدم نظام الاحتمالات سيصل مباشرة إلى نتيجة هامة وهي يجب أن أعمل للآخرة، وذلك من خلال نظام الاحتمالات فيقول : يمكن أن تكون هناك آخرة ويمكن ألا تكون ، فالأفضل لي أن أعمل للآخرة حتى إذا كانت لا أخسر حينها الجنة والنجاة من النار لكن لو كفرت فستكون مصيبة المصائب حينئذ ،وهذا ما دعا الله إليه الناس فقال سبحانه: " وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر" ، يعني ببساطة ماذا سيخسر من يؤمن بالله واليوم الآخر، لن يخسر شيئا إلا انتكاسة عقله...ثانيا: الرضا بالحياة الدنيا دون العمل للآخرة الصفة الثانية من صفات أصحاب العقول المنتكسة ، ويدل على انتكاسته في عقله أن الدنيا ما سميت دنيا إلا لأنها دنيّة من الدناءة فهل يرتضي العاقل أن يؤثر الدنيء على ما ليس دنيئا ؟ وأيضا ما سميت دنيا إلا لقربها من الآخرة وأنها زائلة وأن الآخرة هي الباقية فكيف يفضل صاحب العقل الرشيد الفاني على الباقي الخالد ، أليس هذا انتكاسة في عقول من يختار الدنيا على الآخرة؟ثالثا: الغفلة عن النظر في قدرة الله وملكوته ، وهذه الغفلة هي أكبر المفسدات للعقول ،وهي أكبر المهلكات للبشر ، وقد حذر الله منها في القرآن الكريم في عديد المواطن وذمّ من يتصف بها بل أنزلهم منزلة الحيوان لاتصافهم بها فقال سبحانه:" أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون" وإني لأعجب أشد العجب ممن يحمل شهادات عليا ووصل مرحلة متقدمة من العلم والثقافة وارتكس عقله وانتكس فلم يصل إلى مرتبة ذلك الأعرابي الأمّي الجاهل الذي لا يعرف القراءة والكتابة ولكنه احترم عقله ووظّفه في أصل وظيفته التي خلق لها وهي التكليف فاستدل على قدرة الله وعجيب صنعه حين قال بكلام بسيط ولكنه كلام علمي عميق :" البعرة تدل على البعير والقدم تدل على المسير فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا يدل ذلك على العليم الخبير"؟؟؟ ومن ارتكس عقله وانتكس واتصف بهذه الصفات الثلاثة كان مصيره النار يوم القيامة وهذه نتيجة حتمية لمن كان كذلك ، ألا ترون معي أيها السادة القرّاء أنه لو أنّ أي موظف كان لا يذهب إلى مكان عمله ولا يعمل بما يجب عليه من أعمال بل يسخر ويستهزأ من طبيعة عمله ويشهّر بصاحب العمل ، هل يستحق الأجرة على وظيفته أم يستحق الحرمان منها بل والعقاب لسخريته واستهتاره ؟ فكيف بأصحاب العقول المنتكسة ولله تعالى المثل الأعلى!!! وأصحاب العقول المنتكسة ما انتكست عقولهم إلا لأنهم رضوا بالحياة الدنيا فلم يعملوا عقولهم بالنظر والتفكر في حياة أخرى سوف تكون وهي أفضل وأبقى من الدنيا التي يعيشون فيها ، ورضاهم بالدنيا أغلق عقولهم فجعلهم يظنون أنّ الدنيا تكفيهم ولا حاجة تدعوهم للنظر في الحياة الأخرى وهذه هي الانتكاسة الحقيقية للعقول فلو لم تنتكس عقولهم لعلموا وأيقنوا أن حياتهم الدنيا ناقصة ويدل ل نقصانها زوالها وأنهم ميتون لا يخلدون فيها ويدل على نقصانها أيضا أنها حياة لا سلامة فيها ولا معافاة ولا سعادة تامة ففيها المرض والفقر والحزن والخوف ولا تخلو من الأكدار مهما سلمت للمرء فهل حياة كهذه يتمسك بها عاقل له مُسْكة من عقل ؟؟؟

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More