تعديل

السبت، 27 أغسطس 2016

خطبة الجمعة مكتوبة 26/8/2016 الحج وشرف الأمة


خطبة الجمعة

الحج وشرف الأمة

26/82016م


الحمد لله خص المسلمين بالشرف العظيم في الزمان والمكان وفي الاستعلاء والمقام فنحن خير أمة أخرجت للناس أبى الكافرون أم رضوا ، نؤمن بالله ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فرض الحج على عباده من استطاع إليه سبيلا مرة واحدة في العمر فقال سبحانه:"ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" ، ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ونبيه ورسوله بلغ الناس دينهم قولا وعملا وخطب فيهم في الحج خطبة الوداع فكانت وصية جامعة من أخذ بها من الناس رشد وهُدي إلى صراط مستقيم ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وعلى أتباعهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم القيامة...
  
أما بعد أيها المسلمون: ...
نحن في شهر ذي القعدة ويليه شهر ذي الحجة وشهر محرم وهي من الأشهر الحرم ، وقد جمع الله لكم فيها شرف الزمان وشرف المكان وشرف الأعمال الصالحات وشرف المكانة والانتساب إلى هذا الدين وشرف علو المقام في الدارين، فمن مثلكم في الأمم  فطيروا فرحا بهذا الشرف كله وتمسكوا به وعضوا عليه بالنواجذ فأنتم والله من دون الأمم الأحق أن تسودوها  وتقودوها ليسعد البشر بشريعتكم بعد أن أشربوا ظلم العلمانية وجورها ، وبعد أن تطاولت عليهم الاشتراكية ببغيها وحقدها وبعد أن اجتمعت عليكم أمم الأرض كافرها ومنافقها تسفك دماءكم وتستخرب بلادكم وتنتهك أعراضكم وتأكل خيراتكم وهذا واقعكم  خير مثال لتكالبهم عليكم ف:"يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون"
 
يا عباد الله يا أحباب الله  ...
أما شرف الزمان فمنه الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها:"أفضل أيام الدنيا فقيل:ولا مثلهن في سبيل الله؟قال:"ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفَّر وجهه بالتراب " ، ومن شرف الزمان للمسلمين أن كل يوم من الأيام العشر أفضل من غيره من أيام السنة ، ومن شرف الزمان الذي خصّكم الله به يوم عرفة وهو يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار  ويوم النحر وهو يوم الحج الأكبر فيه يقدم المسلمون هداياهم  وأضاحيهم تقربا إلى الله تعالى ، ويتزامن يوم النحر في زماننا هذا مع تقديم المسلمين في شتى بقاع الأرض أرواحهم ودماءهم ابتغاء رضوان الله تعالى ،  فاللهم تقبل من المسلمين تضحياتهم وامنن  عليهم بالتمكين في الأرض واجعلهم أئمة وجعلهم الوارثين...
 
يا مؤمنون يا مرابطون
والعجب كل العجب من كثير من المسلمين أنهم يغفلون عن هذه الأيام وفضلها مع أن العاقل من المسلمين يتعامل مع هذه الأيام كما يتعامل مع شهر رمضان في الاجتهاد بالعبادة والطاعات وعمل الخيرات ، ثمّ إنّ أعجب العجب أن نرى فئات من المسلمين يبادرون إلى معصية الله والمجاهرة في هذه الأيام ومنها المجاهرة بإقامة الحفلات الموسيقية في حفلات الزواج والأفراح وغيرها ينفقون عليها الأموال الطائلة  ،فهل ينتظر هؤلاء ومن يسكت عليهم أو يشاركهم فيها إلا المسخ والخسف ففي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"يكون في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ قالوا يا رسول الله  ومتى ذاك"قال إذا ظهرت المعازف وكثرت القيان - أي المغنيات - وشرب الخمور"  ، وإني والله لأعجب من شعبنا كيف لا يرجع إلى ربه ليرفع عنه ما هو فيه من عذاب الخوف والجوع والظلم !!
وأعجب من الصالحين فينا كيف لا يهزهم قول النبي صلى الله عليه وسلم "يكون في آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف قالت عائشة راوية الحديث :يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟قال:نعم إذا ظهر الخبث " ،فالهلاك يعم الصالح والطالح والمسخ يكون حقيقيا أو معنويا فالحقيقي: أن يصير صاحب الذنب خنزيراً حقيقياً أو قرداً حقيقياً، ثم يموت بعد ذلك بزمن يسير، وأما المسخ المعنوي: فأن تصبح أخلاق الممسوخ أخلاق القرود، وأشهر أخلاقها التقليد الأعمى، وأخلاق الخنازير، وأشهر أخلاقها عدم الغيرة على الأنثى، وهذا واقع في بعض العصاة  اليوم، فأفيقوا من غفلتكم وارجعوا إلى دينكم وتوبوا إلى الله توبة نصوحا فان التوبة النصوح هي التي تكون توبة من كل الذنوب ، فاللهم ارزقنا التوبة والأوبة إليك ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ...

  

 

يا مسلمون يا أهل الله:
وأما شرف المكان ففي بيت الله الحرام والمشاعر العظام منى ومزدلفة وعرفة والمسجد النبوي والمدينة المنورة والمسجد الأقصى وبيت المقدس ، أما مكة والمدينة فقد حرم الله فيهما القتال وجعلها آمنين ونسال الله تعالى أن يحفظهما من كل باغ وملحد ظالم ، وأما المسجد الأقصى فقد جعله الله أرض رباط إلى يوم القيامة ولا يزال المسجد الأقصى يتعرض إلى الظلم والعدوان بدءا باحتلاله ومرورا بحرقه قبل سبعة وأربعين عاما والى الآن بشتى أنواع الاعتداءات ، والحقيقة التي يتجاهلها الظالمون أن المسجد الأقصى لا يقبل القسمة على طرفين وتستحيل فيه الشراكة بين دينين ولا يرتضي غير ولاية المسلمين عليه ولاية عامة تامة شاملة ، ومع كل هذه الحقائق فما يتعرض له مسجدنا الأقصى من انتهاكات لرحابه ومبانيه مخالف للقانون الدولي والأعراف والشرائع والأخلاق ...
يا عباد الله يا مؤمنون:
وعلى كل حال فنحن راضون بسنّة الله فينا حتى يأتي أمر الله مصداقا لقول رسولنا صلى الله عليه وسلم فينا نحن أهل بيت المقدس:"لا يضرهم من مخالفهم ولا ما أصابهم من لأواء حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " ،فيا ربنا ويا مولانا احفظنا للمسجد الأقصى واحفظ المسجد الأقصى لنا ...  يا مسلمون ، يا أهل الله
 ومن الشرف الذي جمع لهذه  الأمة شرف الانتماء لهذا الدين والولاء والبراء فيه وله  ، فينشىء في نفوس معتنقيه انتماء يتخطى الحواجز المكانية والزمانية  ، ويتجاوز الخلافات السياسية والمادية تحت اسم"الأمة الإسلامية" فيلفظ العربي الفصيح والأعجمي "لا اله الا الله محمد رسول الله" ،
 
  
 وتصطف صفوف الصلوات الخمس خلف إمام واحد يصلون لرب واحد ، ويقتطع المسلم الغني زكاة ماله لإخوانه الفقراء ويمسك أكثر من مليار من البشر عن الأكل والشرب في شهر واحد وتبعث كل أمة بوفدها إلى بلد واحد في شهر واحد لأداء نسك واحد على صعيد واحد لباسهم واحد يلبون لرب واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد فيتجلى أحد مقاصد الدين ألا وهو تحقيق الموالاة بين المؤمنين وشعورهم برابطة الإخوة الإيمانية قال الله تعالى:"إ نما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذي يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون  ،وقال:"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض"
يا مؤمنون يا مسلمون:
وهذه الموالاة تفرض حقوقا وحرمات جسدها النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة عرفات وبين يديه مائة ألف أو يزيدون حين قال :" إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا"، فماذا نقول للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين معه وبعده الذين حققوا تلك الوحدة وشرف الانتماء لهذا الدين والولاء والبراء فيه ونحن نسفك دماء بعضنا بعضا و متفرقين إلى دويلات ،وولاؤنا للكافرين ، فاللهم ألف بين قول المسلمين واجمع كلمتهم ووحد صفهم وانصرهم على من بغى عليهم ...
 
 
 يا عباد الله يا مسلمون:
وأما شرف الأعمال والطاعات فلا تغفلوا عنها في الأشهر الحرم وبخاصة في العشر الأوائل من ذي الحجة التي ستدخل عليكم بعد أيام ، ويجمع هذه الطاعات المتابعة والانقياد لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم:"وعبادة الحج يتجلى فيها الانقياد التام والمتابعة المطلقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فالحاج يتقلب في مناسك متنوعة وينتقل بين مشاعر متعددة لا يعقل لكثير منها معنى سوى الامتثال لأمر الله والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم  فهو يقبل حجرا تارة ويرمي حجرا تارة أخرى وهو يتجاوز مشعرا ليصل إلى آخر ثم يعود إلى الأول وهو يطوف سبعا ويسعى سبعا ويرمي بسبع دون أن يدرك معنى خاصا للعدد فكونوا كالصحابة  رضي الله عنهم فهذا عمر رضي الله عنه يقبل  الحجر الأسود قائلا:" إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك"  
ولم يكن الصحابة رضوان الله عليهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم في المناسك ولا في غيرها أواجب هذا أو سنة بل كانوا يعظمون سنّته ولا  يماكسون فيها ولا يتتبعون الرخص والشاذ من الفتاوى كما يصنع الناس اليوم ويعلمون بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم :"ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم"،  فلا تكونوا يا عباد الله من الذين إن عملوا ما نهوا عنه قالوا : سيغفر لنا فإنا لم نشرك بالله شيئا ، وإن قصّروا عما أمروا به قالوا إن الله غفور رحيم فهؤلاء أمرهم كله طمع ليس معه صدق ولا ورع، فاللهم ارزقنا تعظيم حرماتك والنشاط في طاعتك ومرضاتك  ... عباد الله : جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم :"ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب من قلب غافل لاهٍ"
 
 
الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين،  وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له  ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة صلى الله عليه وعلى آله وعلى أصحابه وأتباعهم إلى يوم الدين...أما بعد أيها المسلمون:
كان موسم الحج الميدان المناسب لإعلان البراءة  من الكفار على اختلاف أصنافهم ومللهم زمانا ومكانا حيث أنزل الله تعالى صدر سورة براءة :"براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهر خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير  معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم"
وقرر النبي صلى الله عليه وسلم هذه البراءة من الجاهلية وأهلها في خطبة عرفة حين قال:"ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وربا الجاهلية موضوع وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتابَ الله "... أيها المسلمون :.....إن الدرس العظيم الذي ينبغي أن يرجع به كل مسلم حجّ أو لم يحجّ أن يعلم أنه من أمة مصطفاة خُيّرت على سائر الأمم وهديت لأفضل السبل ، وأن ليس ثّمّ إلا إسلام أو جاهلية ،هدى أو ضلالة ، طاعة أو معصية ، صبغة الله أو  صبغة الذين لا يعلمون ، وقد قال ربنا عزّ وجلّ  " ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون"
  
 يا عباد الله يا أولياء الله : ...إنكم تأوون إلى ركن شديد من العقائد والشرائع والأخلاق فخذوا بها فأنتم أحوج إليها من غيركم   حتى يأذن الله بالفتح والفرج وحتى تعود لخيريتكم  وتؤدي دوركم الذي أكرمكم الله به فقد قال الله  تعالى:"كنتم خير امة أخرجت للناس " ،وهذا شرف آخر منّ الله به عليكم فالزموه وحافظوا عليه
يا  عباد الله يا مؤمنون:  ...بعد أيام يعود أبناؤنا وبناتنا إلى مقاعد الدراسة ،ونسأل الله للجميع عاما دراسيا مليئا بالتوفيق والخيرات ، ونطالب المعلمين والمعلمات أن يظلوا  الحضن الحاني والدرع الواقي لطلابنا وطالبتنا من كل شر يستهدف عقولهم أو قلوبهم أو سلوكهم ، وثقتنا بكم أيها المعلمون ويا أيتها المعلمات كبيرة فكل واحد منكم  هو بحد ذاته منهاج يحبب إلى الطالب دينه وتاريخه وقيمه ،
 وأنتم يا أولياء الأمور تذكروا أمر الله تعالى لكم :" يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، فلا تفرطوا في حقوق أبنائكم وعلموهم حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وحب القرآن الكريم ...
 اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ...
اللهم بلغنا عشر ذي الحجة وبلغنا يوم عرفة وبلغنا يوم الحج الأكبر أعزاء غانمين وسالمين غير فاقدين ولا مفقودين ...
اللهم ربنا انصرنا على القوم الكافرين وارفع الظلم عن المظلومين ...
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه يا ولي المؤمنين ...
اللهم احفظ لنا أقصانا واحفظ لنا قدسنا واحفظ يا ربنا شعبنا من كل  خلاف وشر وسوء يا أرحم الراحمين ...
اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين خيرا فوفقه ومن أراد بالإسلام والمسلمين شرا فخذه وأهلكه فإنك أنت القوي المتين  ...
اللهم ارفع الحصار عن المحاصرين وارفع الظلم عن المظلومين وأطلق سراح  الأسرى والمعتقلين...
 اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمن لهم حق علينا واغفر اللهم للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الحياء منهم والأموات...
وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون"

 

 

خطيب المسجد الأقصى يؤكد على حرمة الدم الفلسطيني ويدعو الى حماية النسيج الاجتماعي

خطيب المسجد الأقصى يؤكد على حرمة الدم الفلسطيني ويدعو الى حماية النسيج الاجتماعي

اضغط على الصورة لتكبيرها


خطبة الجمعة 26-8-2016م لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي من المسجد الاقصى المبارك

خطبة الجمعة 26-8-2016م لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي من المسجد الاقصى المبارك






الجمعة، 26 أغسطس 2016

من فقه القرآن : الأيام العشر من ذي الحجة

من فقه القرآن
الأيام العشر من ذي الحجة
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس

 قال الله تعالى  :" والفجر وليال عشر والشفع والوتر" سورة الفجر (ا-3)

  فقه الآيات الكريمات وفوائدها في المسائل الآتية:

المسألة الأولى:  ذكر المفسرون في  معنى الليالي العشر أقوالأ منها ما قاله القرطبي في تفسيره :" قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ)، قَالَ: هُوَ الصُّبْحُ، وَعَشْرُ النَّحْرِ، وَالْوَتْرُ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَالشَّفْعُ: يَوْمَ النَّحْرِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ ، وَقَالَ: َيَوْمُ عَرَفَةَ وَتْرٌ، لِأَنَّهُ تَاسِعُهَا، وَيَوْمُ النَّحْرِ شَفْعٌ لِأَنَّهُ عَاشِرُهَا. وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ فَقَالَ: (الشَّفْعِ: يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَالْوَتْرِ لَيْلَةَ يَوْمِ النَّحْرِ) . وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: الشَّفْعِ: يَوْمَا مِنًى: الْحَادِي عَشَرَ، وَالثَّانِي عَشَرَ. وَالثَّالِثُ عَشَرَ الْوَتْرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ: (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)  . وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الشَّفْعِ: عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْوَتْرِ: أَيَّامُ مِنًى الثَّلَاثَةُ. وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ.

المسألة الثانية  فالأيام العشر الأوائل من ذي الحجة هي أفضل أيام الدنيا ففي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أفضل ايام الدنيا أيام العشر"أي الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة.

المسألة الثالثة:  وهي أفضل أيام الدنيا لأن الله تعالى أتم علينا فيها النعمة بإكمال الدين وارتضائه لنا الاسلام دينا حيث أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم هذه البشرى بقوله تعالى:"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".

المسألة الرابعة:  وكان ذلك بالموقف عشية عرفة حيث حج المسلمون مع النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك العام فاستجمع لهم الدين أداء لأركانه وقياما بفرائضه فإنه صلى الله عليه وسلم يقول:"بني الإسلام على خمس" ، وكانوا قد تشهدوا وصلوا وزكوا وصاموا وجاهدوا واعتمروا ولم يكونوا حجوا فلما حجوا ذلك اليوم مع اليوم النبي صلى الله عليه وسلم أنزل الله تعالى قوله "اليوم أكملت لكم دينكم"، أي أكمل وضعه لهم .

 المسألة الخامسة :وفي ذلك دلالة على أن الطاعات دين وإيمان وإسلام فما بال بعض المسلمين اليوم ينكصون عن الإسلام ويرتدون على أعقابهم فلا يحكمون شريعة الله في حياتهم ويتثاقلون عن أداء الفرائض ويتجرؤون على فعل المعاصي المهلكات ويعطون ولاءهم لغير الله ورسوله والمؤمنين ويتنازلون عن ثوابت دينهم وعقيدتهم وتاريخهم وتراثهم

إن من يعتدي ويكسب إثما   وزن مثقال ذرة سيراه

ويجازي بفعله الشر شرا   وبفعل الجميل أيضا جزاه

هكذا قوله تبارك ربي     في إذا زلزلت وجل ثناه

المسألة السادسة:  فالمسلم العاقل يبادر إلى اغتنام هذه الأيام بالتوبة والأعمال الصالحات فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر".

 المسألة السابعة: هذه أيام من شهر ذي الحجة الذي هو من الأشهر الحرم التي أمر الله بتعظيمها  فقال سبحانه: "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم"، وقال قتادة رضي الله عنه"العمل الصالح أعظم أجرا في الأشهر الحرم والظلم فيهن أعظم من الظلم في سواهن وإن كان الظلم على كل حال عظيما".

 المسألة الثامنة: والأيام العشر الأوائل من ذي الحجة  من أفضل أيام الدنيا لأن فيها يوم عرفة فهو اليوم الذي يكثر فيه العتقاء من النار فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة".

 المسألة التاسعة: والأيام العشر الأوائل هي أفضل أيام الدنيا لأن فيها يوم النحر وقد ذهب بعض العلماء إلى أن يوم النحر هو أفضل أيام السنة لما ورد في الحديث الشريف:"إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر" ، ويوم النحر هو يوم عيد الأضحى وهو يوم الحج الأكبر فيه يذبح الحجاج الهدايا تقربا إلى ربهم عز وجل وفيه يضحي المسلمون بالأضاحي استجابة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وابتاعا لسنة إبراهيم عليه السلام.

 المسألة العاشرة :وفي هذه الأيام الفاضلة خطب النبي صلى الله عليه وسلم في المسلمين في يوم عرفة وفي يوم النحر وهاتان الخطبتان هما من أهم وصايا النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين إلى أن تقوم الساعة  حرم فيهما علينا دماءنا وأموالنا وأعراضنا ووضع الجاهلية تحت قدميه الشريفتين ،فضعوها تحت أقدامكم وأخرجوا الدنيا من قلوبكم  واجعلوها في أياديكم وأوصانا صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا فاستوصوا بنسائكم وأهلكم خيرا وأدبوهن على طاعة الله ورسوله وفي هاتين الوصيتين نهانا صلى الله عليه وسلم عن الاقتتال والخصومات فعلام تختصم ونقتتل وديننا وكتابنا وربنا واحد وقبلتنا واحدة وقضيتنا عادلة؟؟؟!!!


بارك الله لي ولكم في هذه الأيام التي تجتمع فيها أمهات العبادات  من صلاة وصيام وصدقة وحج فاغتنموها فقد صح في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم"لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسال عن أربع: عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ما عمل به".

والحمد لله رب العالمين





الاثنين، 8 أغسطس 2016

من فقه القرآن : أعمال الحاج والمعتمر


من فقه القرآن
أعمال الحاج والمعتمر
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس
WWW.ALGANTAN.COM
 
قال الله تعالى (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) سورة الحج (27)
إذا أراد المسلم أداء فريضة الحج,فانه يجب عليه أن يقصد بإحرامه واحداً من أنواع الإحرام الثلاثة وهي :
الأول : الإفراد بالحج,وهو أن يقصد بإحرامه الحج وحده,فيقول (لبيك اللهم حجاً).
الثاني : القران,وهو أن يقصد بإحرامه الحج والعمرة معاً,فيقول (لبيك اللهم عمرة وحجاً).
الثالث : التمتع,وهو الإحرام بالعمرة خلال اشهر الحج,فيقول (لبيك اللهم عمرة).
              وأشهر الحج هي : شوال وذو العقدة وذو الحجة.
ثم يحل من العمرة,ويبقى في مكة لا يغادرها,ثم يحرم بالحج في نفس العام,هذا إن كان موجوداً في
مكة المكرمة في أشهر الحج,وأما حجاجنا الذين يغادرون ديارهم إلى مكة المكرمة قبل أسبوع أو
أسبوعين,فإنهم كما قلنا يحرمون بالعمرة,ويؤدونها,ثم يتحللون من إحرامهم تحللاً كاملاً,فإذا كان يوم
التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة أحرموا للحج,وهذا يسمى التمتع لأنه أتى بالعمرة والحج في
أشهر الحج.
   والحجاج المتمتعين والقارنين والمفردين,يشتركون في أعمال من أعمال الحج ومناسكه,وينفرد
بعضهم في بعض المناسك والأعمال.
أما الأعمال والمناسك التي يشترك فيها المتمتع والقارن والمفرد فهي :
أولاً : الإحرام من الميقات.
ثانياً : الطواف بالبيت.
ثالثاً : السعي بين الصفا والمروة.
رابعاً : الوقوف بعرفة إلى الغروب.
خامساً : المبيت بمزدلفة إلى الصبح.
سادساً : رمي جمرة العقبة.
سابعاً : الحلق أو التقصير.
ثامناً : المبيت بمنى أيام التشريق.
تاسعاً : رمي الجمرات الثلاث بعد الزوال في أيامها.
عاشراً : طواف الوداع,وهو آخر العهد بمكة والبيت الحرام.
 
    ونلاحظ أن الحاج المتمتع  والقارن والمفرد,كلهم يشترك في أداء مناسك الحج وشعائره.
     لكن ما ينفرد به بعضهم من غيره,فهو :
أولاً : القارن ينفرد بالهدي عن المفرد,لأنه واجب في حقه,أما المفرد,فهو في حقه تطوع إن شاء
فعله وأجر عليه,وان شاء تركه ولا إثم عليه.
ثانياً : طواف المفرد والقارن أول قدومهما إلى المسجد الحرام هو طواف القدوم,وهو في حقهما
سنة,أما المتمتع فهذا الطواف في حقه فرض لأنه طواف العمرة.
ثالثاً : السعي بين الصفا والمروة للمفرد والقارن هو سعي الحج,وكذلك ما تبقى من نسك وأعمال,هي
من مناسك الحج وأعماله,وأما المتمتع فسعيه الأول هو سعي العمرة,وهو ركن من أركانها.
رابعاً : المتمتع بالحج يتحلل بعد أداء العمرة تحللاً كاملاً إلى يوم التروية حيث يحرم للحج,أما المفرد
والقارن فلا يتحللان من إحرامها حتى يوم النحر,بعد الحلق والرمي أو الرمي والنحر وهذا التحلل هو
التحلل الأصغر وهو لهما وللمتمتع أيضا.
خامساً : المفرد والقارن عليهما سعي واحد,يكفيهما عن الحج والعمرة,لقول النبي صلى الله عليه
وسلم لعائشة (طوافك بالبيت وسعيك يكفيك لحجك وعمرتك) وأما المتمتع فللعلماء قولان.
القول الأول : إن عليه سعيان,السعي الثاني وقته يوم النحر.
القول الثاني : إن عليه سعي واحد,وهو سعي العمرة الذي فعله عند قدومه إلى المسجد الحرام.
والذي أراه,وتخفيفاً عن الناس,أن المتمتع يكفيه سعياً واحداً,لحديث جابر رضي الله عنه (ولم
يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً) والأخذ
بهذا القول أخف على الناس, وأيسر لهم.
والله سبحانه أدرى واعلم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More