تعديل

السبت، 27 مايو 2017

خطيب الأقصى يطالب بنصرة الأسرى واستعادة الوحدة الوطنية

خطيب الأقصى الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي يطالب بنصرة الأسرى واستعادة الوحدة الوطنية



الجمعة، 26 مايو 2017

خطبة الجمعة 26/5/2017 من المسجد الأقصى المبارك للشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي

خطبة الجمعة 26/5/2017 من المسجد الأقصى المبارك للشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي  



من فقه القرآن : رمضان والطاعات


من فقه القرآن
رمضان والطاعات
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام خطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس


قال الله تعالى: «شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان...الخ » سورة البقرة اية: 185 .

 فقه الاية الكريمة وفوائدها في المسائل الاتية:

المسألة الأولى: قال مجاهد من علماء السلف: «كتب الله رمضان على كل امة » وقال اهل التاريخ: اول من صام رمضان نوح عليه السلام لما خرج من السفينة.

المسألة الثانية: قوله تعالى «شهر رمضان :» الشهر في اللغة: مشتق من الاشهار، فلا يتعذر معرفته على احد لانه مشتهر، ولذلك فشهر رمضان مشتهر عند المسلمين انه شهر فرض الله فيه الصيام على المسلمين، ولذلك يقال في هذا الامر وما يشبهه: معلوم من الدين بالضرورة، فلا يسوغ احد انكاره، او ادعاء الجهل به، الا ان يكون قريب عهد بالاسلام. وتقول العرب: شهرت السيف اي: سللته ورمضان شهر كالسيف مسلول، اشهره الله تعالى بالامر بصيامه، ولم يذكر شهراً باسمه في القرآن الكريم غيره، واشهره النبي صلى الله عليه وسلم في عديد الاحاديث الشريفة امراً بصيامه، ناهياً عن انتهاك حرمته، داعياً الى استغلال بركاته وخيراته، والمسلمون على مر الدهور، وكر العصور، اشهروا شهر رمضان، بالاحتفال بقدومه، وتمييزه عن بقية الاشهر، بالتشمير عن ساق العبادة فيه، والاجتهاد اثناءه بالطاعات وفعل الخيرات والانتهاء عن المحرمات.


المسألة الثالثة: وقوله «رمضان » مشتق من رمض الصائم: اذا خرّ جوفه من شدة العطش. والرمضاء: شدة الحر، وقد ذكر العلماء ان رمضان والم الحظ ان رمضان في هذا العام يأتي في وقت يشتد فيه الحر، وسيأتي في الاعوام السبعة القادمة في شدة الحر، ولهذا على المسلم الصائم ان يوطن نفسه على الصبر، والاجر-كما يقال-على قدر المشقة.

المسألة الرابعة: ويقال: سمي رمضان بهذا الاسم لانه يرمض الذنوب، اي: يحرقها بالاعمال الصالحة، وهو مأخوذ من الارماض وهو الاحراق. وقيل: سمي بذلك، لان القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة والفكرة في امر الاخرة، كما يأخذ الرمل والحجارة من حر الشمس، وقيل: هو مأخوذ من رمضت النصل اذا دققته بين حجرين، حيث كانوا يرمضون اسلحتهم في رمضان ليحاربوا بها في شوال قبل دخول الاشهر الحرم.

المسألة الخامسة: واما قولنا في المسألة الرابعة ان رمضان يحرق الذنوب بالاعمال الصالحة فهذا صحيح، مواقف لما جاء في الاحاديث النبوية الشريفة، والصيام جنة اي وقاية من السيئات والنار. ولكن نرى الناس اليوم، اعني المسلمين يخلطون بين الاعمال الصالحة والذنوب في شهر رمضان، مع ان الواجب هجر الذنوب بالكلية، فرمضان توصد فيه مردة الشياطين، وتغلق فيه ابواب الجحيم، وتفتح به ابواب الجنة، فنلاحظ ان بعض الصائمين لا يتميز في رمضان بالاعمال الصالحة ومن الامثلة على ذلك، انهم يجعلون جزءاً من نهارهم واغلب ليلهم للفضائيات يشاهدون فيها الزنا والفجور والحرام ولا ينتهون عن ذلك، وأيضا نرى منهم في شهر رمضان الغضب وعدم الصبر واثارة المشاكل والشجار مع الناس، وغير ذلك من العادات القبيحة، فهل تذكر هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم وايضا: «رب صائم ليس له من صومه الا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه الا السهر .»

المسألة السادسة: واذا كان رمضان يأخذ القلوب بمرارة الموعظة كما قلنا في المسألة الرابعة، فاننا نرى قلوبا في زماننا كالحجارة بل هي اشد قسوة، لا تؤثر فيها موعظة، ولاتنفعها نصيحة، ومن الامثلة الدالة على ذلك الذين يطلقون المفرقعات والذين يبيعونها، واطلاقها وبيعها حرام شرعا، لان فيها ايذاء للمسلمين، ولأنه انفاق في معصية فهو اسراف لايقبله الله من مسلم، فهل الذي يبيع المفرقعات ثم يفتخر انه باع في يوم واحد، بمبلغ خمسين الف شيكل في منطقة سكنية واحدة، هل هذا تؤثر فيه المواعظ، وهل هو صائم على الحقيقة، وهل الذي يشتريها يؤذي الناس، فبعضهم يقتل، وبعضهم تبتر اطرافه، وبعضهم لا ينام الليل من الخوف كالاطفال، هل هذا مسلم بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده » وهل هذا صائم يقبل صيامه؟!!

المسألة السابعة: قوله تعالى «الذي انزل فيه القرآن »: هذه صفة لشهر رمضان، انه انزل فيه القرآن، والقرآن الكريم انزله الله تعالى، ليكون منهاج حياة للناس، ودستورا لهم، ولم ينزله الله عز وجل لتتلى آياته في بيوت العزاء، او لتعلق اياته وسورة على جدران المنازل والمؤسسات. والمسلم الصائم اذا اراد ان يكون من حملة القرآن الكريم، ومن الذين يرضى الله عنهم.


من فقه القرآن : كيف نصوم رمضان

من فقه القرآن
كيف نصوم رمضان
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس
www.algantan.com

قال تعالى:"يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات،فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين،فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون" سورة البقرة:184
 فقه هاتين الآيتين الكريمتين في المسائل الآتية:
 المسألة الأولى:الصيام واجب على المسلمين،والله تعالى فرضه عليهم بقوله سبحانه"كتب عليكم الصيام"وهذا لا خلاف فيه،فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"بني الإسلام على خمس شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج".
 المسألة الثانية:الصوم في اللغة:الإمساك وترك التنقل من حال إلى حال
 وهو في الشرع:الإمساك عن المفطرات مع اقتران  النية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
 المسألة الثالثة:إذا أردت أيها المسلم أن يكون صومك تاما وكاملا،فأمسك عن المفطرات من الطعام والشراب والجماع،واجتنب المحظورات والوقوع في المحرمات فإن لم تفعل ذلك نلت أجر الفريضة،ونقص من أجر صيامك،فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"
 المسألة الرابعة:للصوم عظيم الأجر،وجسيم الثواب والأخبار الصحيحة واردة في ذلك منها قول الله تعالى في الحديث القدسي:"كل عمل ابن ادم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
 المسألة الخامسة:والحكمة في أن الله خص الصوم بأنه له في الحديث القدسي السابق،لأن الصوم يمنع من ملاذ النفس وشهواتها ما لا يمنع منه سائر العبادات،ولأنه سربين العبد وربه لا يظهر إلا له سبحانه فصار مختصا به وما سواه من العبادات ظاهر،وقد يفعل البعض العبادة رياء،ولهذا صار الصوم أخص من غيره من العبادات.
 المسألة السادسة:قوله تعالى"لعلكم تتقون".فيه عدة معان وهي:
  المعنى الأول:لعلكم تضعفون،فإنه كلما قل الأكل ضعفت الشهوة،وكلما ضعفت الشهوة قلت المعاصي،ويا ليت المسلمين في هذا الزمان يفقهون هذه المعاني فيكفوا عن اعتبار شهر رمضان شهرا للتذوق وما لذ وطاب من الطعام والشراب،وأن يتذكروا أن رمضان هو شهر الجوع والصبر والطاعة وقيام الليل وتلاوة القرآن والأخلاق الفاضلة.
  وأما  المعنى الثاني فهو:لعلكم تتقون المعاصي.
 و المعنى الثالث:أ ن التقوى على عمومها تشمل كل ذلك ،فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:" الصوم جنة ووجاء"فهو سبب للتقوى لأنه يميت الشهوات،وإذا أكل المسلم وشرب في رمضان كثيرا هاجت شهوته واضطربت،وهذا سبب ما نراه من سوء أخلاق بعض الصائمين في رمضان وضيق صدورهم،فالجوع يكسر الشهوة،ويهذبها،وينشط المسلم للعبادة ويؤدب النفس،ويكفها عن المحرمات،فهل  تحقق التقوى فينا في رمضان وبعده؟!
 المسألة السابعة:قوله تعالى"فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام آخر"فيه حالتان لجواز الفطر في رمضان:
 الحالة الأولى: المرض .
 الحالة الثانية : السفر.                           
 المسألة الثامنة:وللمريض حالتان:
 الحالة الأولى:ألا يطيق الصوم أبدا فعليه الفطر واجبا وجزى الله خيرا كبار السن من آبائنا وأمهاتنا،فإن منهم من أقعده المرض المزمن ولا يطيق الصوم ومع هذا يرفض الفطر،ومثل هذا وكل  من كان مريضا مرضا مزمنا لا يطيق معه الصيام بحال،عليه الإفطار،وإخراج الفدية.
 الحالة الثانية للمريض فهي:أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة فهذا يستحب له الفطر،وقال الجمهور من العلماء:إ ذا كان به مرض يؤلمه ويؤذيه أو يخاف تماديه أو يخاف تزيده صح له الفطر.
 المسألة التاسعة:أما السفر المبيح للفطر،فالعلماء اختلفوا في الذي يجوز فيه الفطر،أما سفر الطاعة كالحج والجهاد وصلة الرحم وطلب المعاش الضروري فهذا لا خلاف في جواز الفطر فيه،وأما سفر التجارات والمباحات فرأيان:المنع والجواز،والجواز أرجح،وأما سفر المعصية،فرأيان أيضا،والمنع أرجح.
 المسألة العاشرة:ومن جاز له الفطر في السفر،فهو مخير بين الصيام والفطر،والصوم أفضل لمن قوي عليه،وبخاصة في هذا العصر الذي سهلت فيه المواصلات وطويت الطريق،روي عن عثمان بن أبي العاص الثقفي وأنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا:الصوم في السفر أفضل لمن قدر عليه"وفي حديث أنس قال:"سأفرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم".
 المسألة الحادية عشرة:قوله تعالى"فعدة من أيام أخر"أي من كان من المسلمين مريضا أو مسافرا فأفطر فليقض،وهذا المقطع القرآني يدل على وجوب القضاء من غير تعيين الزمان،فالمسافر عليه القضاء،والمريض عليه القضاء وليس كما يظن بعض الناس أن عليه الفدية،فإن الفدية تكون لمن لا يستطيع الصوم بحال من الأحوال طيلة حياته.
 المسألة الثانية عشرة:قوله تعالى"وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين"قال القرطبي هنا"واجمعوا أن على المشايخ والعجائز الذين لا يطيقون الصيام أو يطيقونه على مشقة شديدة أن يفطروا،واختلفوا فيما عليهم،فالجمهور أن عليهم الفدية،وروي عن ابن عباس أن الحبلي والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا،وذلك  عند قوله تعالى"وعلى الذين يطيقونه طعام مسكين".
نسأل الله أن نحسن الصيام وأن نتم القيام
والحمد لله رب العالمين



الجمعة، 12 مايو 2017

من فقه القرآن : ما يلزم الصائم في رمضان

من فقه القرآن
 ما يلزم الصائم في رمضان
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس
www.algantan.com

قال الله تعالى في سورة فاطر (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُور لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ )
فقه الآيتين الكريمتين وفوائدهما في المسائل التالية :

المسألة الأولى
آية القراء العاملين
والصائمين المقبولين
هذه الآية الكريمة وهي قول الله تعالى:"إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور"(1)
هي آية تحض كل مؤمن تقي نقي،ارتقى بإيمانه عملا وسلوكا،قال القرطبي:"هذه آية القرآء العاملين الذين يقيمون الصلاة الفرض والنقل،وكذا في الإنفاق"(2).
وهي آية تجمع خصال الصائمين الذين ينوون بصيامهم رضوان رب العالمين،حيث جمعت ركائز الصيام الثلاثة:تلاوة القرآن الكريم،وإقامة الصلوات فرضها ونفلها،والنفقة زكاة وصدقات،فلا طعم ولا مذاق لصيام من صام إلا بهذه الخصال الثلاثة،فهي شهد الصوم ورحيقه،وجناه وثمرته.

المسألة الثانية :
خصال تشمل العبادات الثلاثة -
وهذه الخصال الثلاثة،التلاوة والصلاة والنفقة يحصل بها الصائم العبادات بأنواعها،عبادة اللسان بتلاوة القرآن وهو رأس الأذكار،  وعبادة الجوارح والتي تترأسها الصلاة،والعبادة المالية بالنفقة الواجبة ونفقة التطوع،وتؤسس عبادة القلب بالنية الخالصة لله عز وجل لكل العبادات، قال الرازي)3) "يتلون كتاب الله إشارة إلى الذكر،وأقاموا الصلاة إشارة إلى العمل البدني،وأنفقوا مما رزقناهم إشارة إلى العمل المالي...فالتلاوة عمل اللسان،والصلاة والنفقة عمل الجوارح،وسبقها في الآية التي سبقتها"إنما يخشى الله من عبادة العلماء عمل القلب "،فيكون الصائم بهذه الخصال كما قال القشيري في لطائف الإشارات(4):"حصل على القدر الأجل من التقريب،والنصيب الأوفر من الترحيب،فأما الذين أحوالهم بالضد فمنالهم على العكس،أولئك هم الأولياء الأعزة،وهؤلاء هم الأعداء الأذلة"..
فالصائمون بهذه الخصال الثلاثة يدخلون"في مقعد صدق عند مليك مقتدر".(5)

المسألة الثالثة :
خصال الصائمين سلعتهم الرابحة
تلاوة القرآن،وإقامة الصلاة،والإنفاق في وجوه الخير،سلعة الصائم الرابحة النافعة التي لا تفسد ولا تهلك ولا تخسر ولا يتعذر ربحها(6)،وذلك لعدة أسباب أهمها:
أولا : قيامها على الإخلاص،ويفهم هذا ن قوله عز وجل"لن تبور"،ففيه إشارة إلى الإخلاص،أي أنهم لا ينفقون ليقال عنهم كرماء،ولا لشيء من الأشياء غير وجه الله،فإن غير الله بائر،والتاجر فيه تجارته بائرة.(7)
ثانيا : أن جملة"يرجون تجارة لن تبور"في موضع خير إن(8)،والمخبر هنا هو الله عز وجل،والله سبحانه:أصدق القائلين،وأصدق الواعدين.
ثالثا : وهذا الخبر مستعمل في إنشاء التبشير(9)،والتبشير في أمور التجارة هي ربحها وعدم خسرانها .
رابعا : وهذه التجارة ليست كسائر التجارات الدائرة بين الربح والخسران لأنها اشتراء باق بفان، وقوله تعالى(تجارة)استعارة لأعمالهم من تلاوة وصلاة وإنفاق(10)،وقديما قال القائل:"عليك بتجارة الآخرة،وعليك بالسلع التواجر".(11)
وما على الصائمين إلا عرض سلعهم الغالية هذه،سرا وعلانية،بحسب مقام كل خصلة،لتشهدها الملائكة الكاتبون،وجماعة المؤمنين،ليكونوا شهداء لهم عند ربهم فتربح تجارتهم،وعند المؤمنين فيقروا لهم بالصلاح والفضل والخير...

المسألة الرابعة :
أنواع التجارات مع الله تعالى

وذكر القرآن الكريم التجارة في عدة مواضع هي:
الموضع الأول:تجارة المجاهدين الذين يغزون في سبيل الله من أجل رفع كلمة الإسلام بالدعوة إليه وتمكينه في الأرض،ومن أجل دفع الصائل الذي يعتدي على حرمات المسلمين،بأموالهم وأعراضهم ودمائهم،وهذه التجارة تكون بالروح والنفس والمال،قال الله تعالى:"يا أيها الذي آمنوا هل أدلكم تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون"(11)
وهذه التجارة أرقى العبادات وأشملها،فهي تارة تكون بالجوارح،وتارة تكون بالأموال،وتارة تجمع بين الجوارح والأموال.
الموضع الثاني:تجارة النفاق المخرج من الملة،وهذه أسوأ التجارات،لأنها تجارة خاسرة،يغبن فيها المنافق نفسه،بظنه أن سلعته رابحة وهي كاسدة

مآلها الخسران المبين،قال الله تعالى:"اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وكانوا مهتدين".(12)
الموضع الثالث:تجارة عبادة الدنيا الفانية،وهي تجارة أهل الغفلة الذين غفلوا عن النعيم المقيم في الآخرة،وآثروا نعيم الدنيا الفاني الزائل،قال الله في أصحاب هذه التجارة:"وإذا رأوا تجارة أولهوا انفضوا إليها وتركوك قائما".(13)
الموضع الرابع:تجارة تلاوة القرآن الكريم وهي التجارة التي وصفها الله بالربح،ووعد عليها بالمغفرة والشكر،وهي أولى خصال الصائمين،والمؤمنين المتقين،قال الله عز وجل:"إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور،ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور".(14)
الموضع الخامس:تجارة خواص الخواص،وهي تجارة المؤمنين العارفين،أعرضوا عن كل تجارة دنيوية لأنها عرض زائل وعارية مستردة،وأقبلوا على التجارة التي ثمنها إرضاء الله والنعيم المقيم في الجنة،قال الله تعالى:"رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وايتاء الزكاة،يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار،ليجيزهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب(15)

وخصال الصائمين أعظم التجارات المؤدية إلى أفضل المآلات،فهي تجارة مع القرآن الكريم،ومع الصلاة والذكر،والنفقات الواجبة والنافلة،تجارة بالجوارح تارة،وبالمال تارة،وبهما جميعا تارة أخرى،ولمثل هؤلاء يقال:"ربحوا البيع".


خطيب الاقصى يدعو الى نصرة الأسرى في اضرابهم

 خطيب الاقصى فضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي يدعو الى نصرة الأسرى في اضرابهم







من فقه القرآن : العمل الصالح

من فقه القرآن
 العمل الصالح
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس
WWW.ALGANTAN.COM

قال الله تعالى :" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ثم تردون غلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" سورة التوبة آية:105

فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية:
المسألة الأولى: قوله تعالى "قل" فعل أمر والأمر هنا لمجموع المسلمين ،وهو أمر بالعمل  الصالح ، الذي سيظهر أثره ونتيجته في الدنيا من خلال المؤمنين وفي الآخرة حيث سيحاسب الله عليه كل عامل .
المسألة الثانية: وهذا الأمر جاء للمؤمنين بعد إعلامهم بقبول توبتهم ، وأنهم بعد قبول التوبة لا بد أن  يشغلوا أوقاتهم بالعمل الصالح حتى تعمر حياتهم بها فييكون مآلهم خير مآل في الآخرة حيث يحاسبهم الله تعالى يوم القيامة.
المسألة الثالثة: والعمل الصالح يشمل عمل القلب وهو الاعتقاد وما ينعقد عليه القلب من الإيمان والتوكل والإنابة والخوف والرجاء من الله تعالى وغيرها من أعمال القلوب الصالحة ، وكذلك يشمل العمل عمل النفوس ،فالنفس قيد يكون عملها صالحا تأمر صاحبها بالتقوى والاستقامة وهي النفس المطمئنة ، وقد يكون عمل النفس طالحا يودي بصاحبه إلى غضب الله  تعالى وعذابه وهي النفس الإمارة بالسوء ، وقد يكون عمل النفس مترددا بين الصلاح والطلاح ،  وهي النفس اللوامة التي يرجى لصاحبها الخير إذا تاب وأصلح حاله بالإنابة إلى الله تعالى والعمل الصالح ، ولهذا دعت الآية إلى العمل الصالح بعد الإخبار بقبول التوبة  للمؤمنين .
المسألة الرابعة : ومن العمل الصالح أن يقوم الإنسان المسلم بالعمل لإعالة نفسه ومن يعول،وإذا قصد المسلم بالعمل إعالة نفسه ومن يعول وحفظهم من السؤال والعوز كان  له اجر المجاهد على عمله ، فعن كعب بن عجرة أن رجلاً مرّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى أصحابُ رسول الله من جَلَده ونشاطه فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن كان خرج يسعى على ولده صِغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوَين شيخَين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفّها فهو في سبيل الله"، وعلى هذا نبشر العمال المسلمين بهذه البشارة من النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي يسمّى"عيد العمال" ،فأعظم هدية لهم في هذا اليوم هو أنهم بعلمهم وتعبهم يحصلون على الأجر في الدنيا وعلى الأجر في الآخرة بأن لهم أجر المجاهدين وهذا يدفعهم إلى احتساب أعمالهم وإخلاص النية فيها لله رب العالمين  ، وفي هذا الحديث الشريف حض للكسالى من الرجال الذين يعتمدون على غيرهم في إعالتهم وإعالة من يعولون وأسوأ هؤلاء الرجال من يعتمد على زوجته في العمل وهو جالس في بيته أو يضيع وقته في الطرقات وكذلك الذين يحصلون على مخصصات من التامين الوطني فلا يعملون ويقضون أوقاتهم في الإضرار بالناس .
المسألة الخامسة: قوله تعالى "ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تملون" فيه إشارة إلى أن نهاية عمل العامل هو توفيته أجره وبهذه المناسبة فإن الله تعالى أمر بإعطاء الأجير أجره كاملا ،فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"، ومن أعظم الذنوب أكل أجرة الأجير وعدم توفيته حقه ، وننبه هنا مؤسساتنا العربية  المحلية إلى خطورة هذه الجريمة وهي التلاعب بحقوق الموظفين والعمال ، وصوره كثيرة في مجتمعنا الفلسطيني المحلي ، وبخاصة في مؤسسات التعليم الخاصة .
المسألة السادسة: وكذلك فإن قول الله تعالى السابق في المسألة الخامسة فيه تحذير شديد من التقصير في العمل الصالح أو ارتكاب المعاصي ، ومما يتعلق بحقوق العمال التقصير في توفيتهم حقوقهم أو الاعتداء عليها ، والله في كل الأحوال مطلع على أعمالكم وتصرفاتكم ، فليحذر كل مسلم من التقصير في الصالحات ومن ارتكاب المحظورات ، وليحذر كل رب عمل من ظلم العمال والموظفين حقوقهم ،فالله أكبر منه وسيقبض روحه ويموت ولن يأخذ معه مما سلبه من حقوق العمال والموظفين إلا الوزر وتبعيته عليه وهو العذاب في جهنم.
المسألة السابعة: والمسلم يعمل من أجل مصلحة نفسه ومن أجل مصلحة غيره من المسلمين وغيرهم لأنه يعتبر نفسه عضوا عاملا نافعا في المجتمع الذي يعيش فيه ، ورلا ينبغي أن يكون العمل لصالح النفس مضادا العمل لصالح المسلمين فذا كان كذلك وجب تقديم مصلحة المسلمين على مصلحة النفس ، وهذا الذي نحذر منه يقع فيه كثير من المسلمين عامتهم وخاصتهم من حملة الشريعة ،فيقدمون مصلحة النفس وهواها على مصلحة المسلمين والدين والمجتمع ، وصوره من العامة والخاصة كثيرة .
المسالة السابعة : ينبغي على كل مسلم أن يعلم أن العمل لا بد أن يكون مشروعا فإذا كان العمل حراما غير مشروع كان كسبا حراما وعليه وزره ،كمن يعمل في الغناء والموسيقى والخمور بيعها أو تقديمها للناس والمخدرات و ملابس النساء غير الشرعية وبيع الأصنام  من الحيوانات كالجمال وغيرها فكله كسب حرا يجب الامتناع عنه ، والله سبحانه سيرزق من يترك هذا الحرام رزقا حلالا ، ودينار من حلال يضع الله فيه البركة خير من مليون دينار حرام كل دينار منها كيّة في النار.
المسألة الثامنة:  ومن الكسب الحرام كسب الموظف الذي لا يقوم بعمله على الوجه المطلوب منه، كبعض الموظفين الذي يقضي ساعات العمل في شرب الشاي والقهوة وقراءة الجريدة  وفي القيل والقال .
المسألة التاسعة : وبهذه المناسبة فإن للعمال والعمالة في الإسلام أحكامهما الخاصة بهما التي تدل على مدى احترام الإسلام لكرامة العامل  وحفظه له حقوقه كاملة ، ولا يتسع المقام هنا لتفصيلها فأنصح بالرجوع إلى مصادرها لقراءتها والإفادة منها ، والله وحده الهادي إلى سواء السبيل
والحمد لله رب العالمين


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More