تعديل

السبت، 3 مارس 2018

خطبة الجمعة مكتوبة 19/1/2018م العاصفة الثلجية

خطبة الجمعة
العاصفة الثلجية 19/1/2018م


   الحمد لله مطرنا بفضله ورحمته قال وهو أصدق القائلين:" وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِّنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا... ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، جعل الريح والأمطار والثلوج آيات من آياته ... وجنودا من جنوده ... يرحم وينصر بهما من يشاء ... ويعذب  وينتقم بهما ممن يشاء ... فقال سبحانه :" أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ" ... وقال سبحانه أيضا:"  فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا"... اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا ... وامددنا بأموال ننفقها في سبيلك ... وبنين يرابطون في مسرى رسولك ... واجعل لنا من جنودك أعوانا وأنصارا ... ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله ... وصفيه وخليله ... حبيب القلوب وقرة العيون ...  قابل النعم بالشكر ... وواجه الضر والبأس بالرضى والصبر... فكان العبد الشكور ... والراضي المرضي الصبور ...


اللهم صل وسلم وبارك عليه ... وعلى آله وأصحابه ... وعلى أتباعهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين  ... أما بعد: أيها المؤمنون الصابرون : هذه الأيام والليالي الشاتية والباردة والمثلجة نتذكر فيها  إخواننا المسلمين ...في غزة وبورما ... وفي سوريا ولبنان والعراق. والسودان .. ونتذكر فيها العلماء الربانيين الذين يعتقلون ويلاحقون ويقتلون ...  والحكام...   عربهم وعجمهم ...  مسؤولون عن هذا الظلم الذي تقشعر له الأبدان... والذي يعيشه المسلمون في كل مكان ... ألم يسمعوا قول الله عز وجل"وقفوهم إنهم مسؤولون"..؟؟ألم يسمعوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"  اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ ، فَارْفُقْ بِهِ"... ولا نقول إلا كما قال رسولنا صلى الله عليه  وسلم : اللهم اشقق على كل حاكم يؤذي المسلمين ويعذبهم ويتآمر  عليهم ...


أيها المؤمنون ، أيها المسلمون: ... سلط الله الرياح الشديدة البرودة ... على الأحزاب ... الذين حاصروا المدينة المنورة ... وحين اشتد الحصار وعظم الكرب على المسلمين فيها... أرسل  الله جنودا من عنده ...ففرقت جمعهم ... وردتهم خزايا مهزومين ... قال سبحانه:... "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚوَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا" ... والمسلمون اليوم  لا ناصر لهم إلا الله ...فالعالم عربه وعجمه ... يتآمر عليهم ... في غزوة الأحزاب المعاصرة ...  والله سبحانه لا يترك عباده المسلمين ..فهو ناصرهم ... ومفرّج كربهم ... فصبرا صبرا يا مسلمون...  فالله ناصركم ... وجاعل لكم فرجا ومخرجا ... فالصفقة التي أنشأت غزوة الأحزاب الأولى لم تنجح... والصفقة التي عقدتها قريش مع بعضها البعض ... لقتل محمد صلى الله عليه وسلم ... أو أسره أو نفيه لم تفلح...


ف"الله متم نوره ولو كره الكافرون " ...  ويبقى الإسلام نور الله في الأرض ...ويظل المسلمون أولياءه الذين يحوطهم برعايته... وأما العذاب والخزي والعار في الدنيا والآخرة ... فللكافرين ولأوليائهم ... وحسبنا أن الله عزّ وجل  يقول:" وَلَا يَحْسَبَن الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ"...أيها المؤمنون ، يا عباد الله ...  في البرد الشديد ... الذي تحشرون به  في بيوتكم ... تذكير بنار جهنم ... فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال... : ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  ..." اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ : يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا ، فَأذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ : نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ" ... ها أنتم   تفزعون إلى المدافىء بكافة أنواعها ... لتبعدوا عنكم هذا البرد ... فماذا   قدمتم بين يدي  زمهرير جهنم لتنجوا منها؟... هذه  المرأة المسلمة التي تخرج متبرجة عارية في الصيف ... نراها في هذه العاصفة الباردة ... تستر جسمها بالثياب لتحتمي من البرد ... فبماذا تدفع عن نفسها نار جهنم إن ظلت سادرة في غيها وتبرجها ...  وتارك الصلاة ... وقاطع الرحم ... ومتعاطي المخدرات...

 ومؤذي الجيران ...  والعملاء ... ومن يبيع القدس ويتخلى عنها ... ومن يترك نصرة المسجد الأقصى الذي يعتدى عليه بصلاة المستوطنين فيه ... والذي تُمنع دائرة الأوقاف من الترميم فيه وهي صاحبة الولاية عليه ... ولا تجد من ينصرها ... ومن يسرب الأراضي ... ويبيعها لأعداء  ... ماذا يقي هؤلاء جميعا .. من غضب الله وعذابه يوم القيامة ؟؟؟ما هي حجتكم وعذركم أيها العرب والمسلمون ... يوم تقفون بين يدي الله ويسألكم : لماذا فرطتم في المقدسات ؟ لماذا انشغلتم بقتال بعضكم ... وسفك دمائكم..ورجعتم على أعقابكم ... وواليتم أعداءكم ؟ عَنْ سيِّدنا جَابِرٍ رضي الله عنه قالَ: ...  لَمَّا رَجَعَتْ إلى رَسُولِ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم.... ((ألا تُحَدِّثُونِي بِأعَاجِيبِ ما رَأَيْتُمْ بِأرْضِ الحَبَشَة!))... قالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: بَلى يَا رَسُولَ اللَّه...  بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ ... مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهابِينِهِم...  تَحْمِلُ على رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ...  فمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ... فجَعَلَ إحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْها ثُمَّ دَفَعَها... فخَرَّتْ على رُكْبَتَيْها... فانْكَسَرَتْ قُلَّتُها... فلَمَّا ارْتَفَعَتْ...  الْتَفَتتْ إِليْهِ...



 فقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ - يَا غُدَرُ - ... إذَا وَضَعَ اللَّهُ الكُرْسِيَّ ... وجَمَعَ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ... وتَكَلَّمَتِ الأيْدِي والأرْجُلُ بِما كَانُوا يَكْسِبُون...  فسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أمْرِي وأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا!...  قَالَ:...  يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسلَّم -: ((صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لا يُؤْخَذُ لِضَعيفِهِم مِنْ شَديدِهِمْ؟... نعم يا عباد الله فهل من معتبر من الحكام والعلماء وجماهير المسلمين ؟؟؟! ...  أيها المسلمون،أيها المؤمنون ... هذا الجو العاصف الماطر ... الذي يجتاح بلادنا ... آية عظيمة من آيات ربنا عز وجل... تذكرنا بالحشر في القبور... والبعث للحساب بعد النشور... فقد حشرتكم هذه العاصفة في بيوتكم... وشغلتكم عن أعمالكم ... أعددتم لمحشركم فيها بما تحتاجون من الطعام والشراب والكساء... وكذلك تحشرون في القبور... وتحشرون حين تخرجون منها في أرض المحشر للحساب... فمن أعد منكم الطعام والشراب والكساء لنفسه لمواجهة هذه العاصفة ...  فماذا أعد ليوم يحشر فيه في قبره ... ويسأل فيه عما قدم أو أخر... وماذا أعد ليوم يقف فيه بين يدي ربه يسأله ... وعن يمينه وعن شماله ومن أمامه وخلفه نار جهنم ؟؟... نعم إن الأمطار والرياح حشرتكم في بيوتكم...  لتكون لكم عبرة وذكرى ... لمحشركم يوم آخرتكم...  الذي أقسم الله على أنه حق فقال ... سبحانه:"

"فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا  ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا" ... وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : تَلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ : يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ سورة المطففين  ...  فَقَالَ: "... كَيْفَ بِكُمْ إِذَا جَمَعَكُمُ اللَّهُ كَمَا يُجْمَعُ النَّبْلُ فِي الْكِنَانَةِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ... ثُمَّ لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْكُمْ""...  يا عباد الله ،  يا مسلمون:  ...  البرد والمطر والريح والثلج الذي نعيشه هذه الأيام ابتلاء للأغنياء ، هل يسدون حوائج المحتاجين من إخوانهم المسلمين أم لا؟ وابتلاء للفقراء هل يصبرون على الجوع والبرد أم لا؟ وفي الروايات عن الصالحين الأغنياء وهو محمد بن عبدوس المالكي تصدق في ليلة شاتية بقيمة غلة بستانه كلها وكانت مئة دينار ذهبي وقال:ما نمت الليلة غما لفقراء أمة محمد صلى الله عليه وسلم..فماذا يفعل الذين يهدون الذهب والفضة  للكفار ...أو يجمعوها في صناديق لتهريبها ... ألا يذكرون قول الله تعالى " يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ  هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُون" ...



يا مؤمنون ، يا مرابطون:... من المسلمين ... من يصر على العصيان والعدوان والتقصير في حق الله... والجرأة على ظلم العباد ...  والله ينزل الغيث رحمة منه سبحانه... رحمة للبهائم والأطفال والشيوخ  ...  وقد يكون نزول الأمطار استدراجا من الله لعباده... أو تذكيرا للمقصرين منهم للتوبة والرجوع إليه... فأين التوابون ؟ وأين الأوابون إلى الله ؟ ...وقد جاء في الحديث الشريف: " لَمْ يُنْقِصْ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا" ... فأين التجار التائبون من الغش والجشع والتطفيف في الميزان؟... وأين الحكام الذين يحكمون بالإسلام ... وينشرون العدل ويحاربون الظلم والعدوان؟... وأين المسلمون الذين يعظّمون ربهم وكتابه... ويعتدّون برسولهم صلى الله عليه وسلم ويسيرون على هديه...؟عباد الله ادعوا الله
وأنتم موقنون بالإجابة


الخطبة الثانية



الحمد لله رب العالمين ... الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا... ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له... كان بما خلق عليما قديرا ... ونشهد أن  سيدنا محمدا عبد الله  ورسوله... أرسله إلى العالمين بشيراونذيرا

 صلى الله عليه...  وعلى آله وصحبه ... وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة ... أما بعد،  يا عباد الله ، يا مسلمون .... فصل الشتاء فرصة ثمينة للطاعات لا تعوض... فاستثمروه بالأعمال الصالحات... وتوبوا إلى الله فيه من المحرمات والمعصيات ...  فهذا عمر الفاروق يقول:... "الشتاء غنيمة العابدين"...  ويقول الحسن رضي الله عنه... "نعم زمان المؤمن الشتاء... ليله طويل يقومه... ونهاره قصير يصومه"... والشتاء يا عباد الله ... فصل يمر من أعماركم... فقفوا مع أنفسكم وحاسبوها ...  أين الزاد الذي قدمته ليوم القيامة؟... وقد قال الله تعالى... "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى".؟؟؟ ....


يا مسلمون يا مؤمنون:  روى زيد بن خالد الجهيني رضي الله عنه قال:صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف اقبل على الناس فقال :"هل تدرون ماذا قال ربكم؟قالوا:الله ورسوله أعلم ،قال:"أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر،فأما من قال:مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب وأما من قال:مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب" ...  وبعض الناس عند نزول المطر يقول : ينزل المطر بجنون ...  فاتقوا الله عباد الله ولا تقولوا إلا خيرا... واتبعوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم .... في الذكر والتسبيح عند رؤية المطر وسماع الريح والرعد... واتعظوا بهذه العاصفة بما فيها من رياح وأمطار برد ...  فقد قال سبحانه... "ولقد صرفناه بينهم ليذكروا"... واشكروا الله على هذه النعمة وكل النعم... فالله عز وجل يقول:"ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض"...

 يا عباد الله يا مسلمون  :... تفقدوا المحتاجين من أقاربكم وجيرانكم وأصدقائكم ...  أغيثوهم وأعينوهم ...والتفوا حول المسجد الأقصى ... فهو حصنكم الأخير ... فلا تذروه وحيدا ... ولا تجزعوا لمواقف العرب الهزيلة فالله معكم ولن يتركم أعمالكم "فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه "... و"من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة"... اللهم افتح علينا بركات من السماء وافتح علينا بركات من الأرض...وبارك لنا في أنفسنا وأهلينا وأموالنا... واجعل عاقبة هذه العاصفة خيرا لنا وللمسلمين... اللهم احفظ أقصانا من كيد أعدانا ...  وانصرنا على من عادنا ... أنت ربنا ومولانا... اللهم فرج كربات المسلمين ... وارفع عنهم الحصار وظلم الظالمين ... اللهم انصر الإسلام وارفع رايته في ربوع الدنيا ...

  واجعل كلمة المسلمين هي العليا وكلمة الكافرين هي  السفلى... اللهم أطعم جوعى المسلمين ... وأطلق سراح المأسورين ... واقض الدين عن المدينين ... وأتمم نعمة الشفاء على مرضى المسلمين ... وارفع الحصار عن المحاصرين ... واغفر لنا ولولدينا ولمن لهم حق علينا ...  واغفر اللهم للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ... وارزقنا موت السعداء ...وأجر الشهداء ... وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة :" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون"

خطبة الجمعة مكتوبة 23/2/2018م صفقة القرن ومصيرها



خطبة الجمعة
 صفقة القرن ومصيرها
23/2/2018م

     الحمد لله ..جعل الإسلام غالبا وقاهرا ومنصورا ..وجعل محمدا صلى الله عليه وسلم ..قائدا هاديا.. وسيفا ضاربا .. وقمرا منيرا ..  فأمة دينها الإسلام لا تفنى ولا تبيد ..وأمة قائدها محمد صلى الله عليه وسلم لا تهزم ولا تموت ..ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. علقنا قلوبنا به.. وأيقنا بنصره ..فنحن جنوده وهو ربنا ..ونحن عباده وهو ولينا ..قال سبحانه  - وهو أصدق القائلين - :" الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل".. اللهم إنك ترى وتعلم أن الأمم تجمع لنا للقضاء علينا وعلى ديننا .. ونشهدك أنا لا نخافهم ولا نخشاهم .. ولا نقول إلا كما علمتنا .. فحسبنا الله ونعم الوكيل .. ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله .. بطل الأبطال .. وقائد القادة الأبرار ..من اتبعه سلم .. ومن عاداه أثم وغرم .. قال وهو الصادق المصدوق :" وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري"...
محمد أشـرف الأعـراب والعجــم ..محمد خير من يمشي على قدم..محمد حــاكم بالعدل ذو شـرفٍ..  محمد مـعـدن الأنعام والحكــم.. محمد خير خلق الله من مضــر محمد خــير رسـل الله كلهـــم..  محمد دينــه حــق نـديــن بـــه .. محمد مجملاً حقاً على علــم..  محمد ذكــــــره روح لأنـفـسنـا .. محمد شكره فرض على الأمم.محمد صـفــوة الباري وخيرتـه .. محمد طـاهــر من سائر التهم.. محمد طـابـت الدنيــا ببعـثتـه محمد جــاء بالآيــات والحكـم.. محمد قـائـم للـه ذو هــــمم محمد خـاتــم للرسـل كلهم..هذا هو محمد أيها الكفار والمنافقون ..فخببتم وخابت صفقاتكم ..صلى عليه اللهُ في ملكوته ما قام عبدٌ في الصلاة وكبّرا..صلى عليه اللهُ في ملكوته ما عاقب الليلُ النهارَ وأدبرا..صلى عليه اللهُ في ملكوته ما دارت الأفلاكُ أو نجمٌ سرى ..  وصلى الله على آله وأصحابه .. وعلى من تبعه وسار على هديه ونهجه إلى يوم الدين ..أما بعد : يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم  صفقة القرن التي أعلنتها أمريكا ..سبقتها صفقات قرن عديدة ..على مر التاريخ الإسلامي.. اجتمع فيها الكفر كله .. للقضاء على الإسلام كله.. منها صفقة القرن .. التي عقدتها قريش الكافرة المشركة .. في دار الندوة .. ومنها صفقة القرن التي  عقدها هولاكو .. مع من حوله  من الصليبين والمنافقين من العرب .." يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ"..
أيها المؤمنون : أعلنت أمريكا الهدف من صفقة القرن على لسان أحد مسئوليها حيث قال :" الإسلام سرطان خبيث داخل جسد مليار وسبعمائة مليون شخص على ظهر هذا الكوكب .. ويجب أن نطارده .. ويجب أن نستأصله "..ومن قبله كان قرار قريش الكافرة في دار الندوة  .. قتل محمد صلى الله عليه وسلم .. واستئصال دينه.. ومن بعدها كان هدف هولاكو هو نفس الهدف .. فكان من ضمن رسالته التي أرسلها إلى قطز مهددا ومتوعدا قوله "نحن لا نرحم من بكى.. ولا نرق لمن اشتكى.. فعليكم بالهرب.. وعلينا بالطلب .. وما لكم من سيوفنا خلاص.. ولا من أيدينا مناص..
يا مسلمون ، يا مرابطون: أما الوسائل لتنفيذ صفقات القرن .. فكلها متشابهة .. فقريش الكافرة المشركة اتفقت على أسر أو نفي أو قتل محمد صلى الله عليه وسلم .. ونفذت أبشع أساليب التعذيب اللإنسانية على المسلمين في مكة كسمية وعمار وبلال ...وأما هولاكو . فقتل الآلآف من المسلمين .. وحرق دمر وشرّد.. وأما صفقة القرن الحالية التي يشترك فيها العالم مع المنافقين من  العرب ..فأنتم ترون وتعيشون جرائمها في العراق وفي بلاد الشام .. وفي بلاد المسلمين أينما كانوا وحلّوا ..جرائم تأبى السباع الضارية المتوحشة أن تقوم بمثلها ..فمن هو السرطان الذي يجب أن يستأصل..إن السرطان مرض خبيث إذا دخل الجسم أهلكه ..وما نراه من الكفر في العالم  هو السرطان الحقيقي .. لأنه يدمر جسم البشرية في تربيته .. واجتماعه.. وأخلاقه ..واقتصاده..وفي  حضارته ووجوده.. أما الإسلام فقد صنع أعظم حضارة في الدنيا.. وخرّج أفضل البشر في الدنيا.. وأنشأ أسعد دولة حاكمة في الدنيا.. عاش اليهودي والنصراني في  عدالتها أزمانا عديدة ..وما كان قول الفاروق عمر :" متى استعبدتم الناس  وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " إلا لتحقيق عدالة الإسلام للكتابي الذي ظلمه مسلم ..  وصدق الله ربنا وهو يقول : "لاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم حَتَّىَ يَرُدٌّوكُم عَن دِينِكُم إِنِ استَطَاعُوا وَمَن يَرتَدِد مِنكُم عَن دِينِهِ فَيَمُت وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَت أَعمَالُهُم فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُون"
يا عباد الله ، يا  أحباب محمد صلى الله عليه وسلم :  صفقات القرن منذ كانت .. تعلم أنها لا تستطيع أن تبيد المسلمين ..  فحاولت وضع مناهج للمسلمين لإخراجهم من  دينهم ..  أما قريش الكافرة المشركة فقد نشرت مفهوما مضللا في أوساط العرب وهو قولهم لمن دخل الإسلام صبأ..يعني خرج عن دين الأجداد. وهي صفة ذم .. حتى لا يجرأ أحد على أتباع الإسلام .. ثم اتخذوا وسيلة التشويش والتضليل كي لا يعرف الناس الإسلام على حقيقته .. قال الله تعالى في ذلك " وقالوا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون" .. وأما هولاكو ..فبمساعدة العرب والصليبين ألف كتابا بديلا عن القرآن  ليتبعه الناس أسماه الياسا أو الياسق .. وأما صفقة القرن الحالية .فلم تقف عند تغيير المناهج الدراسية ..بل تعدتها إلى وسائل الإعلام كلها .. وبخاصة الفضائيات . التي تغسل عقول المسلمين بكل ما هو ملوث وضلال ..






حتى صرنا نسمع من منافقي هذه الأمة من يزعم أن الأذان إزعاج .. وحتى صار التطبيع دينا يدينون به ..وحتى صار الإلتزام بأحكام الإسلام والسير على هديه إرهابا .. وحتى صارت  مباريات كرة القدم أهم من القدس عند بعض المسلمين . وحتى صار المسجد الأقصى يذكر على استحياء عند ولاة الأمور..وهذا كله وغيره.. لخّص  سببه هولاكو في سطرين اثنين فقط ..أرسلهما إلى قطز ؟؟قال فيهما بالحرف الواحد " لأنكم أكلتم الحرام .. وتعاظمتم عن نصر الإسلام.. وخنتم الأيمان .. وفشا فيكم العقوق والعصيان ..فأبشروا بالذلة والهوان" ..فليس لكم يا أهل بيت المقدس وأكنافه .. إلا أن تلجأوا إلى الله .. وترجعوا إلا دينكم .. فالوهن فيكم  كثير.. والفساد فيكم كثير .. والضلال فيكم  كثير.. وأنتم تعلمون صدق ما أقول ..فالفساد منتشر في البيوت والجامعات والطرقات ..وفي  والأبناء والبنات ..وكلما كثر الفساد والوهن والضلال .. كلما زاد عليكم الذل والهوان .." يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إل وأنتم مسلمون".." يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد .. واتقوا الله .. إن الله بما خبير بما تعملون ".. يا أيها المسلمون : أبشروا .. فقادة صفقة قريش  الكافرة..  لاقوا مصارعهم بأيادي المسلمين.. وأما هولاكو فيذكر التاريخ أنه مات بمر ض الصرع .. وهو ينبح نباح الكلاب.. وأبشروا .. فصفقة القرن  المكية الكافرة كان عاقبتها الإسراء بالنبي صلى الله عليه  وسلم إلى المسجد الأقصى في القدس ..والهجرة إلى يثرب نواة لدولة الإسلام العظيم.. وأما صفقة القرن الهولاكية فقد تم إبادتها في معركة عين جالوت ..قريبا من القدس ..على أرض فلسطين .. وأما صفقة القرن الحالية ..فكم ستكون عاقبتها وخيمة .. لأنها تحارب الله ورسوله.. ومن حارب الله  ورسوله حُرب .. " وأبشروا يا مسلمون ..فقد أرادت  قريش المشركة أن تنهي وجود الإسلام في مكة .
 ويأبى الله إلا أن يجعل مكة.. مهبط الإسلام .. ومهوى القلوب.. وأراد هولاكو أن ينهي وجود الإسلام في العراق ومصر وبلاد الشام ..فكان هلاك جنده وهزيمته فيها.. وصفقة القرن الحالية تريد أن تخرج القدس والمسجد الأقصى  وشعب فلسطين من الأرض والتاريخ ودين الإسلام .. ويأبى الله إلا أن يجعل الطائفة الظاهرة المنصورة  .. على أبواب القدس .. وعلى أبواب دمشق .. "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون" .. جاء في الحديث الشريف :" يوم الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين بأرض يقال لها الغوطة فيها مدينة يقال لها دمشق خير منازل المسلمين يومئذ" فاللهم أهلك الكفرة والمشركين.. واقتل الخونة والمنافقين.. وأعل كلمة الإسلام  وانصر المسلمين..عباد الله : استغفروا الله فإنه غفور رحيم .. وادعوه وأنتم موقنون بالإجابة..

الخطبة الثانية
صفقة القرن
الحمد لله رب العالمين .. لا ربّ لنا سواه .. ولا نشكو ضعفنا إلاّ له  .. اللهم أنت  حسبنا ومولانا ونعم الوكيل .. نشهد أنك لا  إله  إلا أنت .. سبحانك إنا  تبنا إليك وإنا من المسلمين  .. ونشهد أن محمدا عبدك ورسولك .. اللهم صل وسلم عليه وعلى آله كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد .. اللهم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، أما بعد ، يا مسلمون :إن القرن هو المجموعة من الناس الكثيرة أو القليلة التي تعيش في زمن معين ..فإذا اتفقوا على الضلال ومعاداة الرسل .. كان مصيرهم الهلاك والعذاب من الله ، ونذكر أصحاب صفقة القرن الحالية  بقول الله تعالى :" أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ" ..والله عزّ وجلّ يهلك الدول ويأذن بزوالها ..إذا اجتمع حكامها على قتل المسلمين وعلى القضاء على الدين ..وإذا سكت الناس فاتبعوهم خوفا أو طمعا ..قال الله ربنا :" وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها "..أي أمرناهم بالطاعة .."ففسقوا فيها"  .. أي: فعملوا المعاصي ونشروا الكفر.." فحق عليها القول " أي وجب  لها العذاب .. فدمرناها تدميرا" ..وإننا نحذر كل دولة ظالمة تلعب بمصائر المسلمين .. وتعتدي على مقدساتهم وتاريخهم .. وتعمل على تزييفها وإنكارها.. وننصحها أن تعتبر بما حدث لمن سبقهم من قرون ودول..فالله لهم بالمرصاد .. فهو يقول :" وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح  وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا"..ونقول لهم : إن القدس  والمسجد الأقصى لن تخرجا من عقيدة المسلمين وتاريخهم.. فهما آيات في القرآن ..وآيات القرآن لا تمحى ولا تزول..وأما أنتم يا مسلمون:فالتفوا حول كتابكم.. واعتصموا بدينكم .. واجعلوا المسجد الأقصى داركم ومآواكم.. فشدوا إليه الرحال في كل وقت وحين..  ولا تخذلوه كما يخذله العرب.. فاللقدس نسبكم.. وفي المسجد الأقصى حسبكم.. وفي الرباط تقرير مصيركم ..دخل النبي صلى الله ذات يوم في بيته وهو يقول: لا إله إلا الله .. ويل للعرب من شر قد اقترب .. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج كهذا وحلّق بأصبعيه فقالت له زينبيا رسول  الله  أنلك وفينا الصالحون ؟ قال :نعم إذا كثر الخبث" .. والخبث يا عباد الله هو الزنا وكل معصية ومنكر.. فالحذر الحذر من الهلاك .. حاربوا الزنا والفواحش والمنكرات .. ولا تجعلوا لها وجودا في مجتمعاتكم ..فإن الهلاك والعذاب لمن عصى الله ونشر عصيانه وأصرّ عليه أقرب إليه من شراك نعله .
. اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوءٍ، فاشغله بنفسه..  واجعل تدبيره تدميرًا عليه ...اللهم رد كيد زعماء صفقة القرن إلى نحورهم .. واخزهم واخز من والهم.. ودمرهم تدميرا..اللهم إن المسجد الأقصى قبلة رسولك .. ومسراه ومعراجه إليه .. فحطه بعنايتك.. واجعله في كنفك ورعايتك.. وحرره تحريرا.. يا ربنا ومولانا اجبر خواطرنا بنصرك .. واجمع شملنا على دينك.. وانصرنا على من بغى علينا .. واجعلنا من أوليائك .. وارزقنا حاكما صالحا يحكمنا بكتابك وسنة رسولك صلى الله عليه وسلم..اللهم ألف بين قلوب المسلمين.. واجمع كلمتهم على نصرة الدين ..اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولآهلينا ..ولمن لهم حق علينا ولسائر المسلمين والمسلمات  .. وتوفنا مسلمين .. وألحقنا بالصالحين السابقين المقربين.. وأنت يا أخي الكريم أقم الصلاة...



خطبة الجمعة 23/2/2018م من المسجد الاقصى لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي

خطبة الجمعة 23/2/2018م من المسجد الاقصى لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي



خطبة الجمعة 9/1/2018م من المسجد الاقصى لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي

خطبة الجمعة 9/1/2018م من المسجد الاقصى لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي





من فقه القرآن : رجاء الآخرة ورضوان الله



من فقه القرآن
رجاء الآخرة ورضوان الله
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس
WWW.ALGANTAN.COM

 قال الله تعالى:" إنّ  الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون" يونس : "7-6"

   فقه الآيتين الكريمتين وفوائدهما في المسائل الآتية:

    المسألة الأولى:هاتان الآيتان الكريمتان ذكرت صفات أصحاب العقول المنتكسة التي  لا ينتفعون بها في النجاة العظمى في الدارين الدنيا والآخرة ، حيث نسوا أن عقلهم مناط تكليفهم ،وأنه سبب لتمييزهم عن غيرهم من خلق الله تعالى ، وأنهم بغيره لا قيمة لهم ولا شأن ، فهل المجنون له قيمة وشأن وهل له تميز بين الناس ؟؟؟ .

المسألة الثانية: وأمّا هذه الصفات التي أدت إلى انتكاس عقول أصحابها فهي:
أولا: الكفر بالآخرة وترك العمل لها مع أن صاحب العقل  السليم  حين يستخدم نظام الاحتمالات سيصل مباشرة  إلى نتيجة هامة وهي يجب أن أعمل للآخرة، وذلك من خلال نظام الاحتمالات فيقول : يمكن أن تكون هناك آخرة ويمكن  ألا تكون ، فالأفضل لي أن أعمل للآخرة حتى إذا كانت لا أخسر حينها الجنة والنجاة من النار لكن لو كفرت فستكون مصيبة المصائب حينئذ ،وهذا ما دعا الله إليه الناس فقال سبحانه: " وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر" ، يعني ببساطة ماذا سيخسر من يؤمن بالله واليوم الآخر، لن يخسر شيئا إلا انتكاسة عقله...

ثانيا: الرضا بالحياة الدنيا دون العمل للآخرة الصفة الثانية من صفات أصحاب العقول المنتكسة ، ويدل على انتكاسته في عقله أن الدنيا ما سميت دنيا إلا لأنها دنيّة من الدناءة فهل يرتضي العاقل أن يؤثر الدنيء على ما ليس دنيئا ؟ وأيضا  ما سميت دنيا إلا لقربها من الآخرة وأنها زائلة وأن الآخرة هي الباقية فكيف يفضل صاحب العقل الرشيد الفاني على الباقي الخالد ، أليس هذا انتكاسة في عقول من يختار الدنيا على الآخرة؟

ثالثا: الغفلة عن النظر في قدرة الله وملكوته ، وهذه الغفلة هي أكبر المفسدات للعقول ،وهي أكبر المهلكات للبشر ، وقد حذر الله منها في القرآن الكريم في عديد المواطن وذمّ من يتصف بها بل أنزلهم منزلة الحيوان لاتصافهم بها فقال سبحانه:" أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون" وإني لأعجب أشد العجب ممن يحمل شهادات عليا ووصل مرحلة متقدمة من العلم والثقافة وارتكس عقله وانتكس فلم يصل إلى مرتبة ذلك الأعرابي الأمّي الجاهل الذي لا يعرف القراءة والكتابة ولكنه احترم عقله ووظّفه في  أصل وظيفته التي خلق لها وهي التكليف فاستدل على قدرة الله وعجيب صنعه حين قال بكلام بسيط ولكنه كلام علمي عميق :" البعرة تدل على البعير والقدم تدل على المسير فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا يدل ذلك على العليم الخبير"؟؟؟

 المسألة الثالثة : من ارتكس عقله وانتكس واتصف بهذه الصفات الثلاثة كان مصيره النار يوم القيامة وهذه نتيجة حتمية لمن كان كذلك ، ألا ترون معي أيها السادة القرّاء أنه لو  أنّ أي موظف كان  لا يذهب إلى مكان عمله ولا يعمل بما يجب عليه من أعمال  بل يسخر ويستهزأ من طبيعة عمله ويشهّر بصاحب العمل ، هل يستحق الأجرة على وظيفته  أم يستحق الحرمان منها بل والعقاب لسخريته واستهتاره ؟ فكيف بأصحاب العقول المنتكسة ولله تعالى المثل الأعلى!!!

المسألة الرابعة:وأصحاب العقول المنتكسة ما انتكست عقولهم إلا لأنهم رضوا  بالحياة الدنيا فلم يعملوا عقولهم بالنظر والتفكر في حياة أخرى سوف تكون وهي أفضل وأبقى من الدنيا التي يعيشون فيها ، ورضاهم بالدنيا أغلق عقولهم فجعلهم يظنون أنّ  الدنيا تكفيهم ولا حاجة تدعوهم للنظر في الحياة الأخرى وهذه هي الانتكاسة الحقيقية للعقول فلو لم تنتكس عقولهم لعلموا وأيقنوا أن  حياتهم الدنيا ناقصة ويدل ل نقصانها زوالها وأنهم ميتون لا يخلدون فيها ويدل على نقصانها أيضا أنها حياة لا سلامة فيها ولا معافاة ولا سعادة تامة ففيها المرض والفقر والحزن والخوف ولا تخلو من الأكدار مهما سلمت للمرء فهل حياة كهذه يتمسك بها عاقل له مسكة من عقل ؟؟؟

المسألة الخامسة : والانتكاسة في عقول هؤلاء جعلتهم يطمئنون  لهذه الحياة بأن سكنت أنفسهم وأجسادهم إليها ، فصرفوا كل هممهم وطاقاتهم وجهودهم وأعمالهم في تحصيل ما يستطيعون من منافعها ، وعطلوا طاقاتهم وهممهم عن تحصيل ما ينفعهم في الحياة الآخرة فهم للدنيا يغضبون ولها يفرحون ويحزنون فأية عقول هذه؟ وأي بشر هؤلاء؟!!!

 المسألة السادسة:  وما دام هؤلاء اتخذوا الدنيا دار قرار لهم كما يظنون فإن الجزاء من جنس العمل ولهذا مكانهم الحقيقي في الآخرة نار جهنم وقد عبرت الآية عن ذلك بقول الله عز وجل :" أولئك مأواهم" والمأوى هو: مكان الرجوع  إلى مصيرهم الذي ينتظرونه بسب انتكاسة عقولهم وقد أشارت الآية إلى أن انتكاسة عقولهم هي السبب في مصيرهم الذي يؤولون إليه في الآخرة حيث الباء في قوله تعالى "بما" للسببية  والمعنى بما كسبوا كان مصيرهم النار ، وما استحقوا هذا المصير المخزي إلا لأن ديدنهم في الحياة الدنيا  هو الاتصاف بالصفات الثلاثة السابقة ودل على هذا قول الله تعالى:"كان" وقوله" يكسبون" بالمضارع للدلالة على تكرار انتكاسة عقولهم في الدنيا.

 المسألة السابعة: يستفاد مما سبق بيانه وتفصيله عدة فوائد أهمها:

  الفائدة الأولى: العقل مناط التكليف أي سببه وهو من شروط التكليف مع البلوغ ،فالعقل مكلف بعبادة الله تعالى واتباع دين الإسلام .

 الفائدة الثانية: الذي لا يستخدم عقله فيما ينفعه في الدنيا والآخرة مثله كالحيوان بل هو أسوأ لآن الحيوان لم يوهب عقلا كالإنسان.

الفائدة الثالثة: العاقل هو الذي يستثمر الدنيا ويعمرها وفق منهج الله تعالى فهو يعمل لدنياه ويعمل لآخرته وليس معنى أن يكون المرء  عاقلا أن يترك المسلم العمل للدنيا كما يظن بعض العوام  بل المسلم العاقل هو الذي يعمل لإسعاد نفسه ومن حوله في الدنيا ويتخذها وسيلة للسعادة في الآخرة.

 الفائدة الرابعة : الأخذ الحيطة أفضل من تركها  في كل الأمور وفي مقدمتها العمل للآخرة فالعمل لها احتياطا أفضل  بل أوجب للنجاة من شرها وعذابها ويكون ذلك بالإيمان والعمل.

 الفائدة الرابعة:  ليس عاقلا من مات وهو كافر بالآخرة أو لم يعمل لها .
الفائدة الخامسة: وليس عاقلا من المسلمين من سوّف وترك العمل اتكالا على رحمة الله وعفوه  فهو سبحانه كما أنه غفور رحيم فإنه شديد العقاب.

والحمد لله رب العالمين
.

من فقه القرآن : حق الأرض علينا




من فقه القرآن
حق الأرض  علينا
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام خطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس

قال الله تعالى : ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) سورة الأنبياء : 105
فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية
المسألة الأولى : الأرض أرضان ، أرض الدنيا وهي التي يعيش البشر عليها ، وأرض الآخرة وهي أرض الجنة .
المسألة الثانية : أرض الدنيا خلقها الله للإنسان لتكون له دار ابتلاء ، وأرض الآخرة وهي الجنة خلقها الله لمن يؤمن به ويعمل صالحا ويتبع دين الإسلام ، فهي دار جزاء .
المسألة الثالثة : وأرض الدنيا خلقها الله للناس جميعا ، فاستخلفهم عليها ، ليعمروها وفق دينه ومنهاجه ، لتحيا البشرية في أمن وسعادة وسلام في ظل منهج الله تعالى ، كما قال عز وجل ( وهو الذي جعلكم خلائق الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم )
المسألة الرابعة : والواجب على الناس جميعا ، أن يعبدوا ربهم بالإسلام ، وأن يلقوا بالمناهج الأرض وراء ظهورهم ، لأن هذه المناهج هي التي تورثهم الفساد وسفك الدماء والجوع والفقر والأمراض ، ولهذا كان تعجب الملائكة  حين أخبرهم الله سبحانه أنه سيجعل في الأرض بشرا (  خليفة ) يعيشون عليها ، فسألوه سبحانه قائلين له :( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء),وما نراه اليوم من حروب ودمار ,وتآمر على الإنسان  المسلم خاصة بقتله وسجنه وطرده وتجويعه إنما هو بسبب تنكرهم للهدف الذي خلقوا له وهو عباده الله تعالى ،كما قال سبحانه (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون)
المسأله الخامسة : ولقد جعل الله تعالى الأرض وطنا  مؤقتا للناس ، فحيثما ولد الإنسان ونشأ كانت أرضه ووطنه ،وفي بداية الخلق كانت الأرض لآدم وحواء وذريتهما ، قال الله تعالى لآدم وحواء :( اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع الى حين)، فالحياة بين الناس على هذه الأرض هي حياة صراع بين الحق والباطل ، وبين من يريد تحكيم شرع الله وبين من يريد اتباع الأهواء والشهوات ، وهذا يفهم من حكمه خلق الله للناس ، ومن آيات عديدة، منها قوله سبحانه (بعضكم لبعض عدو).
المسأله السادسة : وبعد آدم وحواء وذريتهما ، صار لكل قوم أرضا تكون لهم وطنا ، وقد كانت مكة المكرمة أرضا ووطنا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث قال عز وجل( وإن كادوا ليستفزونك من الأرض  ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا) .
المسألة السابعة : وقد أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من أرضه مكة المكرمة ، وقال وهو خارج منها " لولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت " لأن الأرض غالية على المسلم ، ولأنها وطنه التي يعبد الله فيها .
المسألة الثامنة : وكل إنسان يعتدي على الآخرين ، باحتلال أرضهم ، وأخذها بالقوة ، وطردها منهم ، هو عند الله ظالم ، وعلى المظلوم أن ينتصر لأرضه ، وأن يعمل لاسترداد حقه بالرجوع إلى داره وأرضه التي أخرج منها ، وهذا قرار من رب العالمين حيث يقول عز وجل ( الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع صلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) .
المسألة التاسعة : وجعل الله الحق للمسلمين أن ينعموا بأوطانهم ، وأن يقيموا فيها شعائر دينهم ، لأن هذا هو واجبهم حين يملكونها ، ويأمنون عليها من الأعداء ، وقد قال الله تعالى ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) .
المسألة العاشرة : وإذا أردنا أن يثبتنا الله فوق أراضينا ، ويطرد عنها الأجنبي المحتل ، فما علينا إلا أن نتصف بالصفات الأربعة المذكورة في الآية السابقة ، وهذه الصفات هي :
الأولى : الأمر بالمعروف
الثانية : النهي عن المنكر
الثالثة : إقامة الصلاة
الرابعة : إيتاء الزكاة
والثالثة والرابعة هما أول ما يكون بعد الشهادتين ، ونحن في أرضنا مقصرون في هذه الأربعة ، وبخاصة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولو فهمنا المعنى الحقيقي لهما ، وجزاء الأمر وعاقبة النهي ، لعلمنا لماذا نعيش فوق أرضنا وفي وطننا مغربين مضطهدين .
المسألة الحادية عشرة : قوله تعالى ( أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) المقصود بالصالحين هنا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال سفيان الثوري : هم أهل الصلوات الخمس ، ولهذا ذكر الله بعد هذه الآية قوله عز وجل ( إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ) ليؤكد أن الأرض لا يرثها إلا من كان عابدا مطيعا لربه ، وقال ابن عباس : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يصلون الصلوات الخمس ويصومون شهر رمضان .
المسألة الثانية عشرة : وفي معنى الأرض في قوله تعالى ( إن الأرض يرثها .. ) أقوال لأهل التأويل وهي :
القول الأول : أن الأرض المقصودة في الآية الكريمة هي أرض الجنة ، وقد رجح القرطبي في تفسيره هذا القول ، فقال : أحسن ما قيل أنه يراد بها أرض الجنة كما قال سعيد بن جبير ، لأن الأرض في الدنيا قد ورثها الصالحون وغيرهم ، ودليل هذا التأويل قوله تعالى ( وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ منها حيث يشاء ).
القول الثاني : أنها الأرض المقدسة ، أرض فلسطين ، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما
القول الثالث : أنها أرض الأمم الكافرة ترثها أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالفتوح . والقول الثالث أكدته فتوحات المسلمين من قبل لبلاد فارس والروم وغيرها ، حين أخرجوها من الضلال إلى الهدى ، ومن الكفر إلى الإسلام ، وهذه  هي سنة الله مع أهل الإسلام ، أن يعيشوا في الأرض آخذين بسنة ( الدفع ) لدحر الظالم ، ونصرة المظلوم ، وإبطال الباطل ، وإظهار الحق ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ) ( ولن تجد لسنة الله تحويلا ).
المسألة الثالثة عشرة : وهذا الذي قلناه آنفا ، هو قدر الله في البشرية الذي كتبه في الزبور كما قالت الآية ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ) .. والمقصود  بالزبور في الآية الكريمة التوراة والإنجيل والقرآن ، وهو قول سعيد بن جبير ، والمقصود ( بالذكر ) اللوح المحفوظ ، فوراثة الأرض التي في الدنيا ستكون للمسلمين ، والله تعالى يقول ( والعاقبة للمتقين ) ووراثة الأرض التي في الآخرة وهي الجنة ، ستكون للمسلمين من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ..
المسألة الرابعة عشرة : وعليه يمكن أن نبين حال المسلمين على الأرض في الدنيا بما يلي :
أولا : أنهم في اختبار وابتلاء مع أعدائهم.
ثانيا : أنهم يعذبون ويبتلون في أراضيهم طردا وقتلا ونفيا حين يبتعدون عن دينهم والعمل بأحكامه.
ثالثا : أنهم في أوطانهم وأراضيهم يعيشون بين الإستقرار وعدمه ، بحسب بعدهم أو قربهم من ربهم ودينهم.
رابعا : أنهم مطالبون بالصبر والثبات.
خامسا : أن مصدر سعادة البشرية يكون بعلو المسلمين في الأرض ، ومصدر شقائها يكون بقدر استضعافهم .
سادسا : أن ما يجري لنا على أرضنا ، وما يحصل مع المسلمين في كافة أرجاء الأرض هو قدر مكتوب  يجب أن يدفع بالقدر .
المسألة الخامسة عشرة : علينا نحن أهل فلسطين واجبات عديدة تجاه قدسنا وأرضنا غير الذي أسلفنا ذكره وبيانه ، وأهم هذه الواجبات :
أولا : المحافظة على الأرض وعدم تسريبها للاحتلال بأي نوع من أنواع التسريب ، سواء كانت أرض  فراغةمن العمران ، أو أرض عليها عقارات .
ثانيا : مقاطعة كل من يعتدي على الأرض بالتفريط فيها وهذه أقل عقوبة له .
 ثالثا : إحياء الأرض بالعمران إن أمكن ،وإلا   فبزراعتها ،وخير ما يأكل الإنسان من زراعة يده وفي أرضه.
رابعا : بيع الشقق السكنية بربح معقول ,هذا الكلام موجه خصيصا لتجار العقارات من أبناء القدس ، وليس من التقوى والدين ومن الوطنية في الوقت الحاضر بيع الشقق السكنية بمئات الآلآف من الدولارات وبربح مضاعف ،فهذا يزيد من غربة القدس ،وفرص تهويدها .

خامسا: وحدة أبناء الشعب الفلسطيني مهما اختلفت أفكارهم واتجاهاتهم ، فأقل ما تريده الأرض منهم في هذا الوقت وحدتهم ليحافظوا عليها.
    
والحمد لله رب العالمين


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More