تعديل

الأحد، 29 مايو 2016

خطبة الجمعة 27-5-2016 من المسجد الاقصى المبارك لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي

خطبة الجمعة 27-5-2016 من المسجد القلبي في المسجد الاقصى المبارك لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي



خطبة الجمعة مكتوبة 27/5/2016م .. التنافس في عمل الخيرات

خطبة الجمعة
التنافس في عمل الخيرات
27/5/2016م

الحمد لله رب العالمين  جعل الدنيا دار تكليف واختبار ،وميدانا واسعا للتنافس في الطاعات والخيرات  فالفرار الفرار إلى الله وطاعته ورضوانه فالله تعالى يقول :" ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين" ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، دعانا إلى المبادرة والإسراع إلى الاستجابة  له سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال:  {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ}، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله ، استجاب لربه ،  فدعا وبلغ وجاهد فهو قدوة المقتدين وإمام الطائعين لرب العالمين ،  لما أمر أن يجهر بالدعوة بادر وانطلق إلى مكان عال مناديا بأعلى صوته في الناس : « إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو، فانطلق يربأ أهله، فخشي أن يسبقوه فعجل يهتف يا صباحاه"،فالالتزام بالدين وأحكامه لا يحتمل التريث والتسويف ،وإنما هي المبادرة والتعجيل ، فالأيام والشهور والسنوات تنقص أعماركم :

             سيلقى العبد ما كسبت يداهُ        ويقرأ في الصحيفة ما جناهُ ....                 ويسأل عن ذوب سالفات       فيبقى حائرا فيما دهاهُ
فيا ذا الجهل مالك والتمادي           ونار الله تحرق من عصاهُ

 فالله الله في أعماركم لا تضيعوها ، الله الله في حياتكم لا تنشغلوا عن طاعة الله فيها  فهذا شهر رمضان يطرق أبوابكم مقيما فيكم أياما معدودات ثم يرتحل، وقد أمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بما فيه نجاتكم فقال: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا

 فاللهم آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ، وصل اللهم عليه وعلى آله وأصحابه وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان ، وصل اللهم على المسلمين  في بلاد الشام وسواحلها رجالا ونساء وكبارا وصغارا ،واجعلهم ممن ينصرون دينك  ويحكّمون كتابك وسنّة نبيك ، ويطيعون أوامرك ويجتنبون نواهيك ،واربط على قلوبهم بالحق إلى يوم الدين.

 أما بعد ، يا مسلمون:
المبادرة والإسراع إلى التوبة من الذنوب عامة هو أول عمل يستقبل به المسلمون شهر رمضان، فقد يعاجل  أحدكم الموت فلا يستطيع التوبة  ،  فعجلوا بها  وبالإنابة إلى الله وبالإقلاع عن المعاصي  وعدم التسويف والتمادي، قال الله عز وجل : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}  وقال أيضا: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تفلحون)، تحللوا من مظالم العباد في الأنفس والأعراض والأموال ، أنت أيها العاق لأبويك ، وأنت أيتها المتبرجة المفسدة ،وأنت أنت أيها البائع لعقارات وأملاك المسلمين لأعداء الدين ،وأنت أيها المحامي الذي من أجل مال زائل يفرق بين الزوجة وزوجها ، وأنت أيها المحامي الذي يطلب تجويل عقار في القدس إلى املاك الغائبين كما  حصل قبل أيام ، وانتم أيها الغارقون في غفلة الدنيا  ، أنت يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم توبوا إلى الله من التحاكم إلى غير شريعته ، أقلعوا يا مسلمون عن التقاتل والاختلاف والتبعية للغرب والولاء له ، لا تقابلوا شهر رمضان بقلوب  ران عليها وبجوارح متسخة بالخطايا والذنوب فهذا صنيع الجهال ، والمؤمن كيس فطن  ، يصدق فيه قول الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}.
 يا عباد الله:
استباق  الخيرات هو المبادرة والمسارعة والاستباق إلى الأعمال الصالحة،  فاسبقوا غيركم في كل خير وطاعة حتى تكونوا من الذين قال الله فيهم :" والسابقون السابقون أولئك المقربون"،فهؤلاء أعلى الناس درجات  في الجنة ،سبقوا غيرهم من أصحاب اليمين إليها ، هذا  مالك بن دينار يقول لنفسه: ويحك بادري قبل أن يأتيك الأمر،  وذاك الحسن يقول في موعظة: المبادرة المبادرة، فإنما هي الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله عز وجل، رحم الله امرءا نظر إلى نفسه وبكى على عدد ذنوبه، ثم يقرأ هذه الآية: {إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} ، يعني نعد لهم الأنفاس، آخر العدد خروج نفسك، آخر العدد فراق أهلك، آخر العدد دخولك في قبرك ،وقال أيضا:: يتوسد المؤمن ما قدم من عمله في قبره إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشر، فاغتنموا المبادرة رحمكم الله في المهلة "وبادروا يا  مسلمون بالخيرات فإن الأمر جد
يا مؤمنون:
 إن الله تعالى جعل لكم مواسم للطاعات والخيرات كي تتنافسوا فيها ،والتنافس هو أن تسبقوا غيركم في كل غال ونفيس ، ولهذا كان الصحابة يتنافسون في أعمال الآخرة لأنها أنفس وأغلى وأبقى من أعمال الدنيا ،  فها هم يتسابقون  إلى الطاعات في شهر رمضان ، يتنافسون في صلاة التراويح  فيصلون عشرين ركعة وأكثر وبعضهم كان يقضي ليالي رمضان مصليا وتاليا للقرآن ، أما  نحن  فبماذا يتنافس بعضنا ، فعلى سبيل المثال باب العمود في رمضان مكان لشرب الدخان والأراجيل والغناء والموسيقى ، عدا عن التبرج والاختلاط وإضاعة الليل في المقاهي  وعبادة المسلسلات  المتلفزة وفي السهرات الشيطانية  في أماكن عديدة في بيوت المسلمين وحاراتهم ، وكذلك نزول النساء للأسواق في ليالي رمضان للنزهة والتسوق ، فأين حرمة ليالي رمضان وأين التنافس في طاعة الله فيها  وأين الغيرة على النساء والأعراض ؟؟؟
يا مسلمون ، يا مؤمنون:
وكان عطاء الصحابة في نهار رمضان يمتاز بالطاعات جهادا وتلاوة للقرآن وتصدقا وصبرا على زلات الناس ، وكانت المساجد يسمع فيها دوي كدوي النحل من قراءة القرآن ، أما نهار بعض الصائمين  في هذا الزمان فإما نوم أو شجار مع الناس ، أو  إن كان تاجرا فهو استغلال لشهر رمضان لرفع الأسعار بدل تخفيضها حسبة لوجه الله طلبا للأجر والثواب ، أو جلوس في المسجد لا يسلم الناس فيه من لسانه ونظراته  كما يحصل من بعض  الصائمين في المسجد الأقصى في رمضان ،فلا هو أطاع الله ، ولا هو كف شره عن خلق الله ،فيا حسرة على المسلم في هذا الزمان الذي يجوع  فيه ويعطش  وهو صائم دون أن يحقق التقوى والتي هي حكمة الصيام التي أرادها الله من الصائمين حيث قال الله عزّ وجلّ :" كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"
أيها المؤمنون
 والصحابة رضي الله عنهم مع أن الله فضلهم  على غيرهم  فإنهم  يتفاضلون  فيما بينهم بحسب سبقهم وجهادهم، فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أفضل من غيرهم ممن جاء بعدهم، ولأهل بدر من هؤلاء ما ليس لغيرهم، ولمن أسلم من قبل الفتح وهاجر وجاهد بماله ونفسه من الفضل ما ليس لمن فعل هذا بعد الفتح، قال الله تعالى {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}  {أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}  {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} ({ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ}  {وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}،  وهذا أبو بكر - رضي الله عنه -  يعرف فضله  وسبقه على غيره، آزر الرسول - صلى الله عليه وسلم -  ولازمه ولهذا فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي  قالها مرتين فما أوذي بعدها." ، ولم يزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مفضلا خديجة - رضي الله عنها - على سائر أزواجه وذلك لسبقها وفدائها الإسلام بنفسها ومالها، وتضحيتها البالغة في ذلك، وهذا ما جعل عائشة - رضي الله عنها - تغار منها إذ قالت: «ما غرت على امرأة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما غرت على خديجة لكثرة ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها وثنائه عليها، وقد أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبشرها ببيت لها في الجنة من قصب، فأين  النساء اللواتي مثل خديجة في زماننا ؟ أنت أيتها الفلسطينية المسلمة يا ابنة الرجال ويا أخت الرجال كوني عونا لأبيك على  الفوز بالجنة ، وكوني عونا لزوجك على صلة أبويه ورحمه ، وكونوا لأبنك مربية فاضلة ، نريد ابنك صلاحا وخالدا ,لا نريد ابنك ممثلا ومغنيا وفاشلا،  وأنتم أيها الرجال  سيروا على نهج الضديق رضي الله عنه ؟ فالله تعالى يقول :" أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده"، أبو بكر كان حازما فلم يدع الردة ترفع رأسها حتى قطعه، فلماذا تعجزون عن تربية أبنائكم ، ويزعم بعضكم أن لا سيطرة له على ولده ،ألم يعظكم بعد قوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون".
أيها المرابطون الصابرون:
 لا يخفى عليكم  ما لاقى الصحابة السابقون من الابتلاءات والمحن والمصاعب والفتن، كل هذا وهم صابرون على قلة عددهم وضيق ذات يدهم،  فتنافسوا في الصبر وانتم تعيشون أيام البلاء ، فاصبروا كما صبروا ،واثبتوا كما ثبتوا ، وتنافسوا في مرضاة الله ولا تنافسوا في مرضاة الهوى والنفس والشيطان  حتى يندحر الظلم  ، اصبروا على الطاعات وتنافسوا فيها ، واصبروا عن المعاصي ولا تقربوها ، واصبروا على الفتن ابتغاء رضوان الله ، واستجيبوا لربنا وهو يأمرنا قائلا:" يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون".
  يا عباد الله ، يا أحباب الله :
كونوا من الذين قال الله فيهم تعالى :{أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}،  وخذوا  بنصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم والتي يقول فيها : «من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة". واعلموا أن السبق والمبادرة إلى الطاعات  فرص ثمينة يفوز بثمراتها المبادرون فيها ولهذا فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - سابقين مغتنمين الفرص بالطاعات مجندين كل طاقاتهم وقدراتهم لها ، فكلما لاحت لأحد فرصة في عمل الخير والطاعة سبق إليها من غير انتظار، أو تسويف وذلك خشية من تغير الأحوال وتضييع الفرص ، فقد قال العلماء: إن المرء إذا لاحت له فرصة في الطاعة فحقه أن يبادر إليها ولا يسوف لئلا يحرمها ،  وعندما قال صلى الله عليه وسلم -: «يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب ... ،قال عكاشة بن محصن مبادرا مغتنما الفرصة : أمنهم أنا يا رسول الله؟ قال: " نعم " فقال آخر: أمنهم أنا؟ قال: " سبقك بها عكاشة"، فكونوا مثل عكاشة فاغتنموا ما بقي من شعبان فأصلحوا ما بينكم وبين الله من جهة وما بينكم وبين الناس من جهة أخرى  فالعاقل  من عمل لما بعد الموت  وأرضى الله وسعى إلى إحسان خاتمته ،فاللهم ارزقنا فعل الخيرات وثبت قلوبنا على المبادرة إلى الطاعات ، وارزقنا الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ، وأجرنا من النار ومما قرب إليها من قول وعمل ، واجعل خير أيامنا يوم نلقاك.
عباد الله: استغفروا الله وتوبوا إليه وادعوه وأنتم موقنون بالإجابة


الخطبة الثانية

المبادرة إلى فعل الخيرات والطاعات


الحمد للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.


أما بعد أيها المؤمنون :


اطلبوا الدنيا وازهدوا فيها في آن واحد، اطلبوها واشتغلوا بها من جهة أنها عون على شكر الله عليها، ومركب للآخرة فطلبكم لها   على هذه الحالة  عبادة من جملة عباداتكم، واتركوها وازهدوا فيها من جهة أنها مآل للذات و للشهوات، ومجرد نوال مأكول ومشروب وملبوس ومركوب فحسب،  فترككم لها على هذا المعنى أيضا عبادة من جملة عباداتكم، ، فبادروا إلى كل ما من شأنه أن يعود عليكم وعلى  مجتمعنا المقدسي والفلسطيني بالنفع الدنيوي والأخروي وكما قال اله عز وجل :" وفي ذلك فليتنافس المتنافسون"، فالتنافس من أجل الجنة ومن أجل القدس ومن أجل المسجد الأقصى ومن أجل رفع راية الدين كل ذلك يرفع الدرجات ويرضي عنكم خالق الأرض والسماوات ، هذا رمضان الطاعات والخيرات يحل عليكم ضيفا بعد أيام فأروه أنكم مسلمين حقا ،وأروه أنكم أحفاد الصحابة  خير القرون ،أروا رمضان أنكم أهل الطاعات تكرهون المنكرات وتبغضون المناهي والمعصيات ، واحذروا رحمكم الله من قطع الأرحام ، التوبة التوبة أيها الرجال ،  التوبة التوبة ايتها النساء ، ، أفرحوا القدس والمسجد الأقصى بطاعتكم لربكم والتفافكم حول بعضكم ، بالمحبة والأخوة والتسامح ، أنهوا يا أبناء شعبنا الخلافات والانقسام ، وخذوا  أيها الآباء ويا أيتها الأمهات على أيدي أبنائكم امنعوهم من منكرات الأخلاق في الشوارع والطرقات وفي كل مكان،وكما تزينون بيوتكم والشوارع ابلفوانيس والكهرباء ، زينوا قلوبكم وجوارحكم بطاعة الله  ورضوانه ،وأيقنوا أن في ذلك  إعزاز للإسلام وأهله وإرغام للشيطان وحزبه...
 يا عباد الله
 إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته وثلث بكم فقال قولاً كريماً { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً } اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وفضلك وإحسانك يا أرحم الراحمين اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين .. وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين اللهم آمنا في أوطاننا .. اللهم ادفع عنا البلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد .. يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا رب العالمين اللهم انصر المستضعفين المسلمين  في كل مكان يا رب العالمين اللهم انصرهم على القوم الظالمين ونجهم برحمتك من القوم الكافرين وحقق لهم النصر والتمكين يا رب العالمين ،  اللهم احفظ المسجد الأقصى من كيد الكائدين وعدوان المعتدين وارزقنا الرباط فيه في  كل وقت وحين ،  اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.


   عِبَادَ اللهِ :
 إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ "فاذكروا الله يذكركم واشكروه يزدكم واستغفروه يغفر لكم واستهدوه يهدكم " وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة :"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر  والله يعلم ما تصنعون"







من فقه القرآن : شهر الطاعات

من فقه القرآن
شهر الطاعات
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام خطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس

قال الله تعالى: «شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان...الخ » سورة البقرة اية: 185 .

 فقه الاية الكريمة وفوائدها في المسائل الاتية:

المسألة الأولى: قال مجاهد من علماء السلف: «كتب الله رمضان على كل امة » وقال اهل التاريخ: اول من صام رمضان نوح عليه السلام لما خرج من السفينة.

المسألة الثانية: قوله تعالى «شهر رمضان :» الشهر في اللغة: مشتق من الاشهار، فلا يتعذر معرفته على احد لانه مشتهر، ولذلك فشهر رمضان مشتهر عند المسلمين انه شهر فرض الله فيه الصيام على المسلمين، ولذلك يقال في هذا الامر وما يشبهه: معلوم من الدين بالضرورة، فلا يسوغ احد انكاره، او ادعاء الجهل به، الا ان يكون قريب عهد بالاسلام. وتقول العرب: شهرت السيف اي: سللته ورمضان شهر كالسيف مسلول، اشهره الله تعالى بالامر بصيامه، ولم يذكر شهراً باسمه في القرآن الكريم غيره، واشهره النبي صلى الله عليه وسلم في عديد الاحاديث الشريفة امراً بصيامه، ناهياً عن انتهاك حرمته، داعياً الى استغلال بركاته وخيراته، والمسلمون على مر الدهور، وكر العصور، اشهروا شهر رمضان، بالاحتفال بقدومه، وتمييزه عن بقية الاشهر، بالتشمير عن ساق العبادة فيه، والاجتهاد اثناءه بالطاعات وفعل الخيرات والانتهاء عن المحرمات.


المسألة الثالثة: وقوله «رمضان » مشتق من رمض الصائم: اذا خرّ جوفه من شدة العطش. والرمضاء: شدة الحر، وقد ذكر العلماء ان رمضان والم الحظ ان رمضان في هذا العام يأتي في وقت يشتد فيه الحر، وسيأتي في الاعوام السبعة القادمة في شدة الحر، ولهذا على المسلم الصائم ان يوطن نفسه على الصبر، والاجر-كما يقال-على قدر المشقة.

المسألة الرابعة: ويقال: سمي رمضان بهذا الاسم لانه يرمض الذنوب، اي: يحرقها بالاعمال الصالحة، وهو مأخوذ من الارماض وهو الاحراق. وقيل: سمي بذلك، لان القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة والفكرة في امر الاخرة، كما يأخذ الرمل والحجارة من حر الشمس، وقيل: هو مأخوذ من رمضت النصل اذا دققته بين حجرين، حيث كانوا يرمضون اسلحتهم في رمضان ليحاربوا بها في شوال قبل دخول الاشهر الحرم.

المسألة الخامسة: واما قولنا في المسألة الرابعة ان رمضان يحرق الذنوب بالاعمال الصالحة فهذا صحيح، مواقف لما جاء في الاحاديث النبوية الشريفة، والصيام جنة اي وقاية من السيئات والنار. ولكن نرى الناس اليوم، اعني المسلمين يخلطون بين الاعمال الصالحة والذنوب في شهر رمضان، مع ان الواجب هجر الذنوب بالكلية، فرمضان توصد فيه مردة الشياطين، وتغلق فيه ابواب الجحيم، وتفتح به ابواب الجنة، فنلاحظ ان بعض الصائمين لا يتميز في رمضان بالاعمال الصالحة ومن الامثلة على ذلك، انهم يجعلون جزءاً من نهارهم واغلب ليلهم للفضائيات يشاهدون فيها الزنا والفجور والحرام ولا ينتهون عن ذلك، وأيضا نرى منهم في شهر رمضان الغضب وعدم الصبر واثارة المشاكل والشجار مع الناس، وغير ذلك من العادات القبيحة، فهل تذكر هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم وايضا: «رب صائم ليس له من صومه الا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه الا السهر .»

المسألة السادسة: واذا كان رمضان يأخذ القلوب بمرارة الموعظة كما قلنا في المسألة الرابعة، فاننا نرى قلوبا في زماننا كالحجارة بل هي اشد قسوة، لا تؤثر فيها موعظة، ولاتنفعها نصيحة، ومن الامثلة الدالة على ذلك الذين يطلقون المفرقعات والذين يبيعونها، واطلاقها وبيعها حرام شرعا، لان فيها ايذاء للمسلمين، ولأنه انفاق في معصية فهو اسراف لايقبله الله من مسلم، فهل الذي يبيع المفرقعات ثم يفتخر انه باع في يوم واحد، بمبلغ خمسين الف شيكل في منطقة سكنية واحدة، هل هذا تؤثر فيه المواعظ، وهل هو صائم على الحقيقة، وهل الذي يشتريها يؤذي الناس، فبعضهم يقتل، وبعضهم تبتر اطرافه، وبعضهم لا ينام الليل من الخوف كالاطفال، هل هذا مسلم بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده » وهل هذا صائم يقبل صيامه؟!!


المسألة السابعة: قوله تعالى «الذي انزل فيه القرآن »: هذه صفة لشهر رمضان، انه انزل فيه القرآن، والقرآن الكريم انزله الله تعالى، ليكون منهاج حياة للناس، ودستورا لهم، ولم ينزله الله عز وجل لتتلى آياته في بيوت العزاء، او لتعلق اياته وسورة على جدران المنازل والمؤسسات. والمسلم الصائم اذا اراد ان يكون من حملة القرآن الكريم، ومن الذين يرضى الله عنهم.


الجمعة، 20 مايو 2016

من فقه القرآن : «الصيام والتقوى »

من فقه القرآن
«الصيام والتقوى »
الدكتور الشيخ محمد سليم محمد علي
امام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الامين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس


 
قال الله تعالى (يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون اياما معدودات) سورة البقرة 182 . فقه الاية الكريمة وفوائدها في المسائل الاتية:
 
المسألة الاولى : النداء في قوله تعالى «يا ايها الذين آمنوا » كل مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله، وان كان الايمان اعلى مرتبة من الاسلام، الا انه عند اطلاق لفظ الايمان فانه يدخل فيه الاسلام .
 
المسألة الثانية : والنداء هنا: اخبار بأن الله عز وجل كما كتب على كل مكلف من القصاص والوصية في الايات السابقة، فانه سبحانه كتب على كل مكلف الصيام، واوجبه عليه، والزمه به.
 
المسألة الثالثة : ولا خلاف بين العلماء في وجوب الصوم، على كل مسلم مكلف صحيح مقيم، فهو ركن ثابت من اركان الدين، وفريضة تثبت في القرآن الكريم والسنة النبوية والاجماع، ومن السنة النبوية، رواه البخاري ومسلم في صحيحهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بني الاسلام على خمس: شهادة ان لا اله الا الله، وان محمدا رسول الله، واقام الصلاة، وايتاء الزكاة، وصوم رمضان والحج).
 
المسألة الرابعة : وللفظ الصوم عدة معان في لغة العرب، منها: ان الصوم الامساك، وانه ترك التنقل من حال الى حال، ويقال للصمت صوم، لانه امساك عن الكلام، والصوم: ركود الريح وهو امساكها عن الهبوب، وصوم النهار: اعتداله وهذه المعاني اللغوية للصوم، يجب ان تتحقق في صيام الصائم، ليتم صومه، ويقبل، وليكون على الوجه المشروع، وبيان هذا في النقاط الاتية:

اولا: الصوم لغة الامساك، وفي الشرع فان الصوم يوجب على المسلم الصائم الامساك عن المفطرات الثلاثة: الاكل والشرب والجماع.
ثانيا: والصوم لغة: ترك التنقل من حال الى حال، والمسلم الصائم يغير كثيرا من عادته فيتركها، فيترك الطعام والشراب خلال النهار.
ثالثا: ويوصف امساك الريح عن الهبوب بالصوم، ولا يكمل صوم المسلم حتى يمسك عن كل هبوب فيه معصية، وذلك باجتناب المحظورات وعدم الوقوع في المحرمات، ويؤكد هذا المعنى، قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري وغيره وهو: (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه).

رابعا: والصوم لغة: الامساك عن الكلام، والاعتدال ولا يتم صيام المسلم حتى يعتدل في اقواله وافعاله، فيجريها على وقف السنة النبوية، وحتى يمسك عن كل محرم، بلسانه او بباقي جوارحه واعضائه.

خامسا - ولما كان الصبر هو اعظم مقصود من الصيام، فاننا نرى اجتماع المعاني اللغوية للصبر على الامساك والاعتدال والركود، وكلها توجب على المسلم الصائم ان يكون اثناء صومه كذلك، اي: راكدا، معتدلا، ممسكا، وكلها معان تجمع الصبر بانواعه الثلاثة: الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على المقدورات، اي الابتلاءات، واضافة الى حبس النفس عند الغضب.
  
المسألة الخامسة : - ولما كان الصيام ركنا من اركان الاسلام، ويحمل كل تلك المعاني السابقة، فقد كان فضله عظيما، وثوابه جسيما، كما اخبر بذلك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - في عديد الاخبار، منها الحديث القدسي: قول الله تبارك وتعالى كل عمل ابن ادم له الا الصوم فانه لي، وانا اجزي به المسالة

المسألة السادسة : قوله تعالى كما كتب دل على ان الصيام كان مفروضا على الامم السابقة كاليهود والنصارى.
المسألة السابعة : قوله تعالى (لعلكم تتقون) فيها عدة معان وهي:
الاول: لعلكم تضعفون، فان عادة المسلم في شهر رمضان، ان يقلل من الطعام، وتقليل الطعام يضعف الشهوة، واذا ضعفت الشهوة قلت المعاصي. وارى ان هذا المعنى المجازي للتقوى مقبول ومعقول، وان على المسلمين اليوم التنبه اليه في شهر رمضان، لانهم لا يحققون هذا المعنى، فهم يكثرون من الطعام والشراب ويسرفون فيهما، وبخاصة عند الفطور في المساء، ولذلك لا نرى تحقق التقوى بهذا المعنى عند بعضهم، فكثرة اكلهم عند الافطار، يثير شهوة الغضب وغيرها عندهم! والاصل في المسلمين في شهر رمضان، ان يتركوا التبذير والاسراف وملىء البطون، فان البطن شر وعاء اذا ملأه الانسان، فتر عن العبادة، وكسل عن العمل، وجرى الشيطان في دمه بالشهوات.

الثاني: لعلكم تتقون، اي: تتقون المعاصي وهذا معنى عام، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري ومسلم: الصيام جنة ووجاء، لانه يميت الشهوات، فاذا ماتت الشهوات او ضعفت، تحققت التقوى. والمعنيان مرادان ومقبولان.
 

المسألة الثامنة : قوله تعالى: اياما معدودات المقصود بها ايام شهر رمضان المبارك، فهي التي فرض الله صيامها على امة محمد صلى الله عليه وسلم. واذا علم المسلم ان فرض الصوم هو فقط اياما معدودات، فانه يحرص على استغلالها في كل طاعة وخير، ويحذر على اجتناب كل شر ومعصية فيها، لانه يعلم ان هذه الايام تذهب وتزول، وان ما عمل وقال فيها، لا يذهب ولا يزول، بل هو مسجل في ميزان اعماله، ويوم القيامة تحصى عليه.
وعلى هذا ايضا، فان المسلم لو عاش ستين سنة، فان فرض الصوم عليه يكون منذ بلوغه، اي في الخامسة عشرة من عمره، وبهذا يصوم خمسة وثلاثين شهرا، اي انه يصوم في حياته كلها الفا وخمسين يوما، وهي ايام قلائل بالنسبة لعدد ايام حياته! فلماذا لا يستغل المسلم الايام القليلة في حياته، ليغيرها رأسا على عقب، على نحو يرضي الله تعالى، ويرضي رسوله صلى الله عليه وسلم، ويرضى عنه عباده المسلمين ويكون بذلك قد حقق «التقوى » من فريضة الصيام.


الثلاثاء، 10 مايو 2016

من فقه القرآن : العمل

من فقه القرآن
العمل
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس

قال الله تعالى : "منْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ " سورة النحل : آية(97)

فقه الأية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية:
المسألة الأولى:  قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) شَرْطٌ ، فالعمل الصالح من المؤمن الشرط ، وجوابه الحياة الطيبة
المسألة الثانية : قال القرطبي :"وَفِي الْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ- أَنَّهُ الرِّزْقُ الْحَلَالُ.
الثَّانِي- الْقَنَاعَةُ.
الثَّالِثُ- تَوْفِيقُهُ إِلَى الطَّاعَاتِ فَإِنَّهَا تُؤَدِّيهِ إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ، قَالَ مَعْنَاهُ الضَّحَّاكُ. وَقَالَ أَيْضًا: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فِي فَاقَةٍ وَمَيْسَرَةٍ فَحَيَاتُهُ طَيِّبَةٌ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ وَلَا عَمِلَ صَالِحًا فَمَعِيشَتُهُ ضَنْكٌ لَا خَيْرَ فِيهَا.
الرابع: وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: هِيَ الْجَنَّةُ، وَقَالَ الحسن: لَا تَطِيبُ الْحَيَاةُ لِأَحَدٍ إِلَّا فِي الْجَنَّةِ.
الخامس: وَقِيلَ: هِيَ السَّعَادَةُ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا.
السادس: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: هِيَ حَلَاوَةُ الطَّاعَةِ.
السابع: وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ: هِيَ أَنْ يُنْزَعَ عَنِ الْعَبْدِ تَدْبِيرُهُ وَيُرَدُّ تَدْبِيرُهُ إِلَى الْحَقِّ
الثامن:وَقَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: هِيَ الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ، وَصِدْقُ الْمُقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ.
التاسع: وَقِيلَ: الِاسْتِغْنَاءُ عَنِ الْخَلْقِ وَالِافْتِقَارُ إِلَى الْحَقِّ.
العاشر: وَقِيلَ: الرِّضَا بِالْقَضَاءِ.
المسألة الثالثة: (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ) أَيْ فِي الْآخِرَةِ.
المسألة الرابعة:(بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ)، قالها هنا بصيغة الجمع ،ثم قال: "فَلَنُحْيِيَنَّهُ" بالإفراد ،  قال  القرطبي جوابا على ذلك :"لِأَنَّ" مَنْ" يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، فَأَعَادَ مَرَّةً عَلَى اللَّفْظِ ومرة على المعنى.
المسألة الخامسة : وسبب النزول هو : أنه جَلَسَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْإِنْجِيلِ وَنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ، فَقَالَ هَؤُلَاءِ: نَحْنُ أَفْضَلُ، وَقَالَ هؤلاء: نحن أفضل، فنزلت الآية الكريمة .
المسألة السادسة:و المسلم وهو يؤدي العمل الصالح أيا كان هذا العمل عبادة كالصلاة والصيام أو من أمور المعاش كالعمل طلبا للرزق  يجب عليه عدة أمور أهما :
أولا : الإخلاص والأمانة: فالغش خيانة ليست من صفات المؤمنين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من غشّ فليس منا)
ثانيا:  إتقان العمل: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)
ثالثا:العفة والتعفف عن استغلال وظيفته للمصالح الشخصية:
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من استعملناه على عمل ، فرزقناه رزقا فما أخذه بعد ذلك فهو غلول) .
المسألة السابعة: والله سبحانه أمرنا أن نسير في الأرض، وأن نضرب في نواحيها باحثين  ،وأمرنا أن نكد  ونجد في طلب الرزق، فقال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾.
المسألة الثامنة : وأقول للزوج الذي يجلس في بيته ولا يعمل وهو قادر على العمل ويترك زوجته تعمل أو ينتظر الصدقات إن العاقل لا يرضى لنفسه أن يكون كلًّا على غيره، أو أن يكون إمعة يستجدي الرزق  من العباد، [
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق وهو يقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة"
المسألة التاسعة: والعمل الصالح لا يخص الرجل دون المرأة ،فالمرأة تشارك الرجل في العمل الصالح ،وإذا كانت المرأة تعمل لتعيل نفسها وأولادها إن كانت محتاجة إلى العمل بالضوابط الشرعية لعمل المرأة فهذا عمل صالح تؤجر عليه إن صاحبته النية الصالحة ، وكذلك إن احتاج المجتمع المسلم إلى عملها فهو كذلك أيضا كأن تكون ممرضة أو جبيبة أو معلمة لإناث أو غير ذلك مما يكون خاصا بالمرأة .
المسألة العاشرة : إن نتيجة العمل الصالح الحياة الطيبة والسعيدة ،فمن عمل من ذكر وأنثى الأعمال الصالحات بعد الإيمان بالله تعالى فاز بسعادة الدارين ،ومن عمل لإعالة نفسه ومن يعول عاش حياة طيبة حيث يكون مالكا للمال الذي ينفق فيه على نفسه ولا يكون لآحد عليه فيه منّا أو يدا .
المسألة الحادية عشرة: والعمل بشكل عام فيه إعمار للأرض من جميع النواحي الإنسانية الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية وغيرها .

والحمد لله رب العالمين



الخميس، 5 مايو 2016

امام وخطيب المسجد الاقصى يشارك في الاحتفال بذكرى الاسراء والمعراج في الاردن

الاردن يشارك الامة الاسلامية الاحتفال بذكرى الاسـراء والمعراج 





ومن جانبه قال خطيب المسجد الاقصى المبارك الشيخ محمد سليم محمد علي، إن الاسراء والمعراج مؤتمر رباني عالمي للمسجد الاقصى جمع الله فيه الرسل جميعا ليصلي فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اماما، ابلاغا للناس بأن دين الرسل واحد، وان أمر النبوة ختم، وان اليد على المسجد الاقصى وحمايته للرسول عليه الصلاة والسلام ولأمته من بعده.

واضاف ان ذكرى الاسراء والمعراج آية كبرى من آيات الله تعالى اكدت العلاقة الوثيقة بين المسجد الاقصى والمسجد الحرام لتدل على قدسية هذين المكانين، مشيرا الى ان المسجد الحرام اذا كان حرما آمنا مطمئنا، فإن المسجد الاقصى ارض رباط الى يوم القيامة ليظل في عقول المسلمين وفي قلوبهم ومنتدياتهم وتاريخهم وأزمانهم يشدون اليه الرحال ليستشعروا المسؤولية تجاهه فهو القبلة الاولى وهو المسرى الذي بارك الله حوله. واكد ان الواجب اليوم على المسلمين ان يحشدوا طاقاتهم الاعلامية ليجعلوا القدس واكنافها قضيتهم المركزية في المحافل الدولية وعلى كل المستويات، اذ ان رسول صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين في حديث ميمونة المشهور أن يعملوا على نصرة القدس ماديا ومعنويا حين قال لها (فإن لم تأتوه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله)، فعمارة القدس المادية والمعنوية فريضة على المسلمين كلهم. وحضر الاحتفال كبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين، وعدد من سفراء الدول العربية والإسلامية المعتمدين لدى البلاط الملكي الهاشمي.






الاثنين، 2 مايو 2016

خطبة الجمعة مكتوبة 29/4/2016م .. هدايا الإسراء والمعراج.

 خطبة الجمعة
هدايا الإسراء والمعراج
29/4/2016م
لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الاقصى المبارك



الحَمْدُ للهِ ذِي الجَلالِ والإِكْرَامِ، سُبْحَانَهُ أَسرَى بِعْبَدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلى المَسْجِدِ الأَقصَى ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،قال وهو أصدق القائلين:"ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى" وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، شرح اللهُ  له صدره ، ورفع له فِي العَالَمِينَ ذِكْرَهُ، ،  فخر المشارق والمغارب أحمد     هو قدوتي وله المناقب تشهد
           ذاك الشفيع إذا الجحيم تأججت      إذ لا مناص ونارها تتوقد
 اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وبَارِكْ عَلَيه وَعَلَى آلِهِ وأصَحْابِهِ أجمَعِينَ، وعلى التَّابِعِينَ وعلى من تبعهم بِإحسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ
أما بعد، أيها المسلمون:
ثلاث هدايا لو وزنت  كل هدية منها بالدنيا وما فيها لوزنتها ،أهداها الله لكم في رحلة الإسراء والمعراج ، وأتاكم بها رسولكم صلى الله عليه وسلم من عند ربه،

الهدية الأولى: أن الله يغفر لكم الكبائر من الذنوب والمعاصي ، والهدية الثانية : الصلوات الخمس ، والهدية الثالثة : خواتيم سورة البقرة،فاحمدوا الله على هذه النعم واشكروه ، والزموا هديه وهداياه ولا تكفروه فإن الله يأمرنا قائلا :"فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون".
أيها المؤمنون:
 روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : [ فأُعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً – أي مما أعطي – (لما رفع فوق السماء السابعة) : الصلوات الخمس ، وخواتيم سورة البقرة ، وغُفِرَ لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحماتُ] أي غفرت المقحمات لمن لم يشرك بالله من أمته والمقحمات هي الذنوب العظيمة الكبيرة التي تقحم صاحبها وتزجه في نار جهنم ،أعاذنا الله وإياكم منها


وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن شفاعته لأهل الكبائر من أمته فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي] ، فالله سبحانه وتعالى يشفـّع نبيه في أهل الكبائر ويقبل شفاعته ويغفر لهم ويرحمهم فهو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين ،وهذه أعظم هدية  لكم في  رحلة الإسراء والمعراج ، فمن كان مقيما على كبيرة أو ارتكب كبيرة فلا يقنط من رحمة الله وليسارع إلى التوبة ففي الحديث القدسي : [يا ابن آدم لو أتيتني بقـُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة] أي لو أتيت بما يقارب ملء الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ، وهذا من فضل الله على هذه الأمة ،  فاللهم توفنا على الإيمان وأدخلنا في رحمتك يا ذا الجلال والإكرام.


يا عباد الله :
 والهدية الثانية التي نزلت على نبينا عليه الصلاة والسلام في الإسراء والمعراج  خواتيم سورة البقرة وهما آخر آيتين منها ،وقد امتن الله على نبيه  صلى الله عليه وسلم بهما ، وبما لهما من الفضائل العظام،  وقد وردت بذلك الأحاديث الكثيرة   منها حديث عقبة بن عامر الجهني قال : [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له اقرأ الآيتين من آخر سورة البقرة ، فإنهما من كنز من تحت العرش] أي هذه من الكنوز الثمينة وتلقيتها من تحت عرش الرحمن ، فهاتان الآيتان  كنز عظيم نتقرب به إلى رب العالمين ، وكل مسلم منا لا يستغني عن هاتين الآيتين لتكونا حرزا له ولأهله من الشياطين ،ولتكفياه شر كل ذي شر من حاسد وعائن وساحر ومن كل مكروه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم [الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه].قال الإمام النووي : (كفتاه) تحتمل أمرين لعل الله يجمعهما للقارئ بفضل رحمته : كفتاه عن قيام الليل إذا لم يتيسر له أن يقوم في تلك الليلة لغلبة نوم أو تعب ، فيكون له أجر قيام الليل بفضله ورحمته ،وكفتاه تلك الليلة كل مكروه وأذىً وبلية.وقال أيضا : [الآيتان من آخر سورة البقرة لا تُقرآن في دار ثلاث مرات فيقربها الشيطان] أي فمن قرأها ثلاث مرات في بيته فلا يقرب الشيطان هذا البيت في ذلك اليوم.وروى عن علي رضي الله عنه أنه قال [لا أرى أحداً يعقل ينام قبل أن يقرأ آية الكرسي والآيتين من آخر سورة البقرة]


يا عباد الله
 وأما الهدية الثالثة من ربنا عز وجل لنا فهي الصلوات الخمس، حيث فرضت في  ليلة الإسراء في معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى،فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يروي لأصحابه حديث الإسراء والمعراج : [ففرض الله علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فمررت فنزلت إلى موسى فقال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك لا يطيقون ذلك فإني قد بلوت بني إسرائيل قبلك وخبرتهم] أي أنا أعلم الناس بأحوال الناس ، إذ قد فرض الله على بني إسرائيل صلاتين في الغداء والعشي فما أطاقوها ولا فعلوها ، فكيف ستؤدي أمتك خمسين صلاة ؟ إنها لن تطيق ذلك، قال نبينا عليه الصلاة والسلام : فرجعت إلى ربي فقلت : يا رب خفف عن أمتي ، فحط عني خمساً ، فرجعت إلى موسى فقلت : حط عني خمساً ، قال : فإن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام : فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى ، حتى قال ، يا محمد ، إنهن خمس صلواتٌ كل يوم وليلة بكل صلاة عشر ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت عشراً ، ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب شيئاً فإن عملها كتبت سيئة واحدة ، قال : فنزلت إلى موسى ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف (أي ليخفف من الخمس أيضاً شيئاً) فقلت : قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه] وفي رواية فلما جاوزت نادى منادٍ : (أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي ، فهي خمس وفي الأجر خمسون).
 يا مسلمون:
والحكمة من فرضية الصلاة في تلك الليلة المباركة ، وفي ذلك المكان الذي هو أشرف الأمكنة فوق السموات العلا، ليجمع الله لهذه الأمة عبادات الملائكة بأسرها في ركعة من ركعات الصلاة وهي القيام والركوع والسجود،  فالصلاة لها أثر معتبر ومنزلة عظيمة ، ولا تنسوا أن الصلاة فرضت في سماء المسجد الأقصى وان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الأقصى الصلوات بأنواعها الفريضة والنافلة ومنفردا وإماما ، فلا تغفلوا عن هذه النعمة التي أنعم الله بها عليكم بالصلاة في المسجد الأقصى نافلة وفريضة وجماعة ومنفردين  واحذروا من ترك الصلاة أو الانشغال عنها فإن تارك الصلاة وصفه الله أنه من الذرية الطالحة وتوعده بعذاب النار فقال سبحانه:" فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا" وغيّ واد في جهنم نعوذ بالله منها  ، ولقد سمعت رجلا تجاوز الأربعين من عمره  من أهل القدس يفتخر أنه لم يدخل المسجد الأقصى في حياته إلا مرة واحدة حين مات أبوه ، وأنه لم يركع لله ركعة واحدة في حياته لا في المسجد الأقصى ولا في غيره ، فمثل هذا الرجل الخبيث لا ينبغي أن يكون بيننا لأنه باب من أبواب الهزيمة وركن من أركان الغواية والضلال ،فاللهم ثبتنا على طاعتك وأعذنا من كفرانك ومعصيتك.
  يا مؤمنون:
ولقد رأى البني صلى الله عليه وسلم في إسرائه ومعراجه من آيات ربه الكبرى الآيات الكثيرة ،منها بعض نعيم أهل الجنة وبعض عذاب أهل النار،فقد مر صلى الله عليه وسلم على قوم ترضخ (تدق تكسر) رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم من ذلك شيء ، فقال : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : "هؤلاء الذين تثاقلت رؤوسهم عن الصلاة".فانهضوا لصلواتكم ولا تتثاقلوا عنها هو خير لكم .
يا عباد الله:
ومرالنبي صلى الله عليه وسلم في معراجه  على قوم بين أيديهم لحم في قدر نضيج ، ولحم آخر نيئ خبيث فجعلوا يأكلون الخبيث ويدعون النضيج الطيب ، قال : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : الرجل من أمتك يقوم من عند امرأته حلالا ً ، فيأتي المرأة الخبيثة فيبيت معها حتى يصبح ، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا ً طيباً فتأتي الرجل الخبيث فتبيت عنده حتى تصبح"وهذا الزنى وهذا شيء من عذاب الزناة يوم القيامة ، فنقول للخبيثين وللخبيثات من الرجال والنساء توبوا إلى الله ولا تنجسوا فراشكم الطاهر بهذه القاذورات ،ولا تدخلوا على أنسابكم وعلى أنساب الناس ما ليس منها ، وإذا كان عذاب الزاني المتزوج في الدنيا الرجم بالحجارة حتى يموت فكيف يكون عذابه في النار،فاللهم اهدنا وطهر فروجنا من الحرام.
يا مسلمون


ومر رسولنا صلى الله عليه وسلم  بقوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم ، فقال من هؤلاء يا جبريل ، قال هؤلاء أكلة الربا" ،فالربا حرام لقول الله تعالى :" وأحل الله البيع وحرم الربا "، وبعض المسلمين اليوم يجترؤ على الحرام فيتعامل بالربا بأخذ القروض من البنوك الربوية أو بالتعامل معها بالربا ، ويكفي آكل الربا حقارة ومهانة الصورة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله :" الربا ثلاث وسبعون بابا أيسرها أن ينكح الرجل أمه،"وقوله أيضا:" درهم ربا يأكله الرجل أشد من ست وثلاثين زنية"،فالتوبة التوبة يا أكلة الربا ،  تعاملوا مع البنوك الإسلامية الموجودة في بلادنا ولا تقولوا جهلا وعدوانا : لا فرق بينها وبين البنوك الربوية ، فشتان شتان بين الحلال والحرام ، وبين الطريق إلى الجنة والطريق إلى النار ، وقد قال الله عز وجل :" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون"

أيها المسلمون:
ومر نبينا صلى الله عليه وسلم في معراجه على رجل قد جمع حزمة عظيمة من حطب لا يستطيع حملها ثم هو يريد أن يزيد عليها ، فقال : يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا رجل من أمتك عليه أمانة الناس لا يستطيع أداءها ثم هو يزيد عليها ويطلب آخر"، وهذا هو حال بعض الشباب من أبنائنا يريد أن يغنى في يوم وليلة ، ولا يقنع بما رزقه الله فيأخذ أموال الناس ليتاجر فيها فتصبح عليه مئات الآلآف من الشواقل ديونا  ويعجز عن أدائها لأصحابها فتؤدي إلى المنازعات والخصومات ،فلماذا لا تقنع بما رزقك الله ؟ ولماذا تأكل أموال الناس بالباطل؟ ولماذا تحرج نفسك وعشرتك معك حيث تعجز عن السداد ، وحسبك أيها المسلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله"
يا مرابطون :"
ومر صلى الله عليه وسلم في معراجه على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم كلما حصدوا عاد كما كان فقال : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه" .
فاللهم اجعلنا ممن ينفق في سبيلك ويعمل لنصرة دينك ، وبارك لنا في أرزاقنا ، وأعذنا من الحرام ،وانعم علينا  بالطيبات ، وتوفنا وأنت راض عنا.
عباد الله : استغفروا الله فإن الله غفور رحيم ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل ساه لاه ، فادعوه وأنتم موقنون بالإجابة"

الحمد للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ
.
  
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عباد الله:
 وفي معراجه صلى الله عليه وسلم مر بقوم مشافرهم (شفاههم) كالإبل يلتقمون حجراً فيخرج من أسافلهم ، فقال له جبريل : هؤلاء آكلة أموال اليتامى".وقد بين الله تعالى أن من يأكل مال اليتيم فإنه يأكل في بطنه نارا فقال سبحانه:" إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا"،وكذلك من يأكل ميراث البنات والأخوات فمصيره النار ولن ينجيه ماله ولا أبناؤه الذين ورثوا هذا المال من عذاب النار يوم القيامة ،والنبي صلى الله عليه وسلم يحذرنا من الاعتداء على مال اليتيم والمرأة فيقول :" اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة "،ومعنى أحرج : أضيق على الناس من تضييع حقهما وأشدد عليهم في ذلك"
 يا مسلمون، يا مؤمنون:
وعرضت  للنبي صلى الله عليه وسلم وهو مع جبريل في المعراج امرأة حسناء جميلة ، فقال له جبريل: هذه المرأة الحسناء هي الدنيا دعتك إلى نفسها. ، ومر بشيء يدعوه متنحياً عن الطريق ، فقال له جبريل : سر ، ثم قال له : الذي دعاك هو إبليس" فالمسلم في الدنيا بين شهوة يزينها الشيطان له وبين شبهة يعرضها عليه ،فلا تأخذوا من الشهوات إلإ ما أحله الله وبالقدر الذي حدده الله ، وأعرضوا عن الشبهات ولا تقربوها فمن اتقى الشبهات  فقد استبرأ لدينه وعرضه  كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم
أيها  المرابطون أيها المؤمنون:
وأتى صلى الله عليه وسلم على وادٍ فوجد ريحاً طيبة ووجد ريح مسك مع صوت ، فقال : ما هذا ؟ قال : صوت الجنة تقول يا رب ائتني بأهلي وبما وعدتني فقد كثر غرسي وحريري وسندسي وإستبرقي وعبقري ومرجاني وقضبي وذهبي وأكوابي ومما في وأباريقي وفواكهي وعسلي وثيابي ولبني وخمري ، ائتني بما وعدتني ، قال : لك كل مسلمة ومسلم ومؤمن ومؤمنة ومن آمن بي وبرسلي وعمل صالحاً ولم يشرك بي شيئاً ولم يتخذ من دوني أنداداً فهو آمن ومن سألني أعطيته ومن أقرضني جزيته ومن توكل علي كفيته إني أنا الله لا إله إلا أنا لا خلف لميعادي ، قد افلح المؤمنون ، تبارك الله أحسن الخالقين فقالت : قد رضيت.
وأتى صلى الله عليه وسلم على وادٍ فسمع صوتاً منكراً ، فقال : يا جبريل ما هذا الصوت ؟ ، قال : هذا صوت جهنم تقول : يا رب ائتني بأهلي وبما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وغساقي وغسليني وبعد قعري واشتد حري ، ائتني بما وعدتني ، قال : لك كل مشرك ومشركة وخبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب ، قالت : قد رضيت.
اللهم ارزقنا الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ، وأجرنا من النار وما قرب إليها من قول وعمل..    اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
  
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
  
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
  
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
االلهم احفظ المسجد الأقصى من كيد الكائدين وعدوان المعتدين وارزقنا الرباط فيه في  كل وقت وحين
  
رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
  
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
  
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
  
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
  
عِبَادَ اللهِ :
 
إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ "فاذكروا الله يذكركم واشكروه يزدكم واستغفروه يغفر لكم واستهدوه يهدكم " وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة :"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر  والله يعلم ما تصنعون"






Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More