تعديل

الجمعة، 31 يناير 2025

أيام الله في بيت المقدس وأكنافه

أيام الله في بيت المقدس وأكنافه
رقائق ايمانية
الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى
أرسل الله موسى عليه السلام بالمعجزات الدالة على صدق نبوته، وأمره الله تعالى أن يُذكّر قومه بأيام الله عليهم التي أنجاهم فيها من فرعون وقومه ، والتي أنجاهم فيها من التيه ، والتي منّ الله بها عليهم بعديد النعم ،فقال سبحانه : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ .. فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) ، وأيام الله التي منّ بها علينا في بيت المقدس وأكنافه لو أردنا إحصاءها لضاق بنا المقام ، وأذكركم بأهمها : فمن أيام الله علينا في بيت المقدس وأكنافه أن اختصنا دون المسلمين في بقاع الدنيا بالرباط على هذه الأرض المقدسة ،جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة ،ومن أيام الله علينا في بيت المقدس وأكنافه مجاورة المسجد الأقصى والرواح إليه للصلاة والذكر والعبادة ،فكل يوم نحياه في بيت المقدس وأكنافه ..هو من أيام الله علينا ، فعدّاد حسناتنا لا يتوقف عدّه ، ومضاعفة أجورنا عند الله لا يتوقف تضعيفها لنا ، فمضاعفة أجر الطاعات في المسجد الأقصى إلى خمسمائة ضعف وأكثر ،وأربعمائة وسبعون يوما ، عاشها أهلنا في غزة ،ابتداء بالحرب ، وانتهاء لها ، هي من أيام الله ، فالحرب من أيام الله ،لأن أيام الله هي الوقائع والحروب أيضا،كما أن انتهاء الحرب من أيام الله ، لأن بها تكون النعمة على المؤمنين ،فوضع الحرب أوزارها في غزة من أيام الله على شعبنا ، فكم كان لهذه الحرب من أوزار ، من قتل ، وحرق ، ودمار ، فمنّ الله عليهم بيوم من أيامه نجاكم فيه ، مما كان من أوزار هذه الحرب ، وأيام الله كما قال ابن عباس رضي الله عنهما هي نعم الله ، وهي أيضا الوقائع التي كانت في الأمم السابقة ،فهذه الأيام اجتمعت فيها نعم الله تارةً ، ومحنه على عباده طورا آخر، وشعبنا تجتمع عليه أيام االله بنعمها ومحنها التي تحدد معالم رباطه ، فبالرباط تكون نعمة الثبات والفرج ،وبالرباط تكون محنة القتل ، والجراح ، والخوف ، والجوع ، والحرق ، والبرد ، وغيرها من صنوف البلايا والمحن ، وهذه الأيام بنوعيها : الفرج ، والحرب اجتمعت على شعبنا في غزة ،اختبارا وامتحانا للصابرين والشاكرين ، قال الله تعالى بعد أن ذكر أيام الله على موسى وقومه : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) ،والصبّار هو كثير الصبر على طاعة الله وعن معاصيه ،والشكور كثير الشكر لنعم الله عليه ،وقد رأينا ، وسمعنا ،الصبر ،والشكر على ألسنة أطفال ونساء غزة ، وفي مواقف رجالهم ونسائهم ، وكبارهم وصغارهم ، وكم شعبنا محظوظ بأيام الله عليه بحلوها ومُرّها ، وما فيها من خير وشرّ ، وما فيها نعم تفريج الكربات ، ومحن تنزيل البلايا والنوائب ، لأن هذا الشعب الذي يؤمن بالله ربا ، وبالإسلام دينا قد رفع الله مكانته بين أمم الأرض كلها بهذا الأيام ، وسوف يرفعه بها عنده يوم القيامة ، حين يغفر له ، ويرحمه، ويرضى عنه ، ويدخله في جنات عدن لا تزول ، ولا تحول ، بما قدّم في الدنيا من هذه الأيام التي هي من أيام الله التي اختصّه بها ، مع العلم أن أيام الله على شعبنا بدأت بالفتح العمري لبيت المقدس ، وهي مستمرة ، ومتوالية ، إلى أن يأتيَ الله بأمره ، حين يأذن الله سبحانه بزوال الدنيا ، وقيام الساعة ، وحينها سيكون بعدها آخر يوم من أيام الله على البشر، وهو (يوم الدين) ، الذي هو يوم الحساب ، حيث تقف الأمم كلها لتحاسب على كل صغيرة وكبيرة ، وكما قال الله تعالى:(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)، وكم سيكون الحساب عسيرا على من جعل أيام الله في الدنيا بابا للظلم والطغيان ، وكم سيكون الحساب يسيرا ، على من كانت أيام الله عليه ، أيام رضا بمقادير الله تعالى ، فأيام الله يوم النتائج والمصير، أما النتائج فهي نتائج أعمال الإنسان في الدنيا ، وأما المصير فهو يوم مصيره إلى جنة أو نار ، ولا خروج مهما أبدأ ، هذا اليوم هو اليوم الذي قال الله لنا محذرا إيانا منه : (وَاتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) أَمْرٌ مَعْنَاهُ الْوَعِيدُ " يَوْماً" يُرِيدُ عَذَابَهُ وَهَوْلَهُ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وقال فيه أيضا : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)،وَاتَّقُوا يَوْماً" جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ الْمُحَذَّرَ مِنْهُ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَالْحِسَابِ وَالتَّوْفِيَةِ،وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ يَوْمُ الْمَوْتِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ في تفسيره : وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ بِحُكْمِ الْأَلْفَاظِ فِي الْآيَةِ، فأيام الله نحياها في الدنيا ، ونعيشها في الآخرة ، فاحرص أيها القارىء الكريم على أيام الله التي تعيش مدولتها من الله بين الناس كما قال سبحانه : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)، قال المفسرون قِيلَ: هَذَا فِي الْحَرْبِ، تَكُونُ مَرَّةً لِلْمُؤْمِنِينَ لِيَنْصُرَ اللَّهُ عز وجل دِينَهُ، وَمَرَّةً لِلْكَافِرِينَ إِذَا عَصَى الْمُؤْمِنُونَ لِيَبْتَلِيَهُمْ وَيُمَحِّصَ ذُنُوبَهُمْ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَعْصُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ،وَقِيلَ:" نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ" مِنْ فَرَحٍ وَغَمٍّ وَصِحَّةٍ وَسَقَمٍ وَغِنًى وَفَقْرٍ،فتوقف قليلا واحسب كم مضى من أيام الله عليك ، وكم لك من هذه الأيام في صحيفة حسناتك ، وكم عليك من هذه الأيام في صحيفة سيئاتك ، وكن من أيام الله عليك على حذر ، عشها بطاعة الله ، ولا تجعلها تمضي دون أثر صالح لك ، من صبر على مصيبة ،أو شكر على نعمة ، فنحن نعبد الله تعالى عبادة الصابرين وعبادة الشاكرين .
والحمد لله رب العالمين

الثلاثاء، 28 يناير 2025

الأقارب عقارب ...

الأقارب عقارب / وجعلنكم شعوبا وقبائل لتعارفوا
قناديل من نور التفسير (15)
وجعلنكم شعوبا وقبائل لتعارفوا
الدكتور محمد سليم محمد علي امام وخطيب المسجد الأقصى المبارك





كلمة الدكتور الشيخ محمد سليم في حفل تكريم المحجبات في المسجد الأقصى المبارك

كلمة الدكتور الشيخ محمد سليم في حفل تكريم المحجبات في المسجد الأقصى المبارك

حفل تكريم المحجبات في المسجد الأقصى المبارك

الاثنين، 27 يناير 2025

أهم الدروس والعبر من رحلة الإسراء والمعراج

 أهم الدروس والعبر من رحلة الإسراء والمعراج

قناديل من نور التفسير




الجمعة، 24 يناير 2025

معالم من معجزة الإسراء

رقائق إيمانية
معالم من معجزة "الإسراء" 
الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
هذه المعالم مستنبطة من قول الله تعالى:( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ، أما المعلم الأول : فهذه الآية الكريمة تتحدث عن معجزة أجراها الله على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، تسلية له عما لاقاه من أذى شديد واضطهاد ، بعد وفاة نصيريه زوجته خديجة وعمه أبي طالب ،وفيها تسلية لشعبنا الفلسطيني ، وهو يواجه البلاء والكربات ، ليوقن أن الفرج مهما بعدَ زمانه فهو قريب ، المعلم الثاني: وفي إسراء الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم ليلا فوائد منها : أولا : أهمية المسجد الأقصى وبيت المقدس عند المسلمين ، فالله قادر على أن يسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى القاهرة أو اليمن أو أي بلد آخر ، لكنه خصص الإسراء إلى بيت المقدس ، لتكون القدس والمسجد الأقصى ، عقيدة في قلوب المسلمين ، وقرآنا يتلى إلى أن تقوم الساعة ، ولهذا كانت بيت المقدس وأكنافها أرض رباط إلى يوم الدين ، ثانيا : أن الليل في حياة المسلم ، جزء من زمن الإنتاج للآخرة ، فإذا كان النهار للسعي في الأرض، وأعمارها وفق منهج الله تعالى ، فإن الليل للسعي في طلب القرب من الله عز وجل ، بالذكر وقيام الليل والدعاء وكل أعمال الخير ، فالمسلم في ليله ونهاره ، منتج مثمر ، كالشجرة المثمرة ، ثمارها معلقة بها في الليل والنهار . والأحاديث الصحيحة كثيرة التي تبين أن شرف المؤمن في قيام الليل ، وأن الليل دار عمل للصالحين ، ولعباد الله المقربين . ثالثا : أن الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم ليلا إلى القدس والمسجد الأقصى ، فيه إشارة وحث للمسلمين أن لا يناموا ليلهم ، ما دام الأقصى يحتاج إليهم ، فلا يذوق مسلم طعم النوم ، والأقصى والقدس يناديان : يا مسلم : أنا في كرب ! أنا في حاجة إليك ، المعلم الثالث : دلت معجزة الإسراء على فضل المسجد الحرام والمسجد الأقصى ، وعلاقتهما العقائدية والتاريخية التي لا تنفك أبدا ، فمن فضائل المسجد الحرام ما روي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام ، أفضل من مائة ألف صلاة في سواه " . وأما المسجد الأقصى فمن فضائله ما روي عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( .... والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة ) . والمسجد الأقصى من المساجد التي تشد إليها الرحال ، كما في الحديث الشريف ( لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى ) . وأما الارتباط العقائدي بين المسجدين ، الحرام والأقصى ، فإن الله عز وجل جعل الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، ليعلم المسلمون أن كلا منهما يجب حمايته والدفاع عنه ، وإبقاؤه في دار الإسلام ، وأن التفريط في المسجد الأقصى تفريط في المسجد الحرام ، وأنه كما يجب إعمار المسجد الحرام والاهتمام به ، وبمكة المكرمة ، فيجب على المسلمين جميعا ، إعمار المسجد الأقصى وبيت المقدس ، وألا يدخروا جهدا في ذلك كله ، وأما الارتباط التاريخي بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى ، فالمسجد الحرام هو أول مسجد وضع في الأرض ، ثم بني بعده المسجد الأقصى بأربعين سنة ، كما في رواية البخاري ،ولأهمية القدس والمسجد الأقصى في حياة المسلمين العقائدية والتاريخية ، فقد ذكرهما الله في القرآن الكريم ، ذلك الكتاب الخالد الذي ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) ، المعلم الرابع : ومعجزة الإسراء كانت بروح النبي وجسده صلى الله عليه وسلم ! والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ، يتطلب من المسلمين أن يسروا إلى القدس والمسجد الأقصى بأرواحهم وأجسادهم ، أما الأماني والأحلام فهذه لا تجدي نفعا ، ولا تغير واقعا ! ولا تدل على اتباع الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم ، المعلم الخامس : وفي صبيحة ليلة الإسراء ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين والمشركين بإسرائه إلى بيت المقدس ، فافترق المسلمون إلى فريقين ، مصدق ، ومشكك أو مكذب أو محتار ، وأما المشركون فكان موقفهم الاستهزاء وطلب الدليل من النبي صلى الله عليه وسلم على إسرائه ، فجلى الله له صلى الله عليه وسلم بيت المقدس ، وطفق يخبر المشركين بعلاماته ، ويستفاد من هذا بعض الدروس منها :أولا : أن قضية القدس والمسجد الأقصى يجب أن تظل حاضرة في عقول المسلمين وقلوبهم . ثانيا : أن قضية القدس والمسجد الأقصى يجب أن يجعلها المسلمون قضية الساعة ، في مجامعهم الدولية والإقليمية . ثالثا : أن على العرب والمسلمين أن يحشدوا كل الأدلة والبراهين – مع أنها معروفة – على عروبة القدس وإسلاميتها . وألا يتوانوا في بيانها مهما شكك المشككون فيها . رابعا : أن بيت المقدس في عقيدة المسلمين وتاريخهم وحدة واحدة ، لا تتجزأ ، ولا تتشطر ، مهما تغيرت الظروف السياسية وموازين القوى ، فالحق لا ينقلب إلى باطل مهما علا الطغيان وانتفش . 
والحمد لله رب العالمين

الجمعة، 17 يناير 2025

الثوران الأسود والأحمر في ذمّة الله

الثوران الأسود والأحمر في ذمّة الله
الدكتور محمد سليم محمد علي
 خطيب المسجد الأقصى المبارك

كان من دروس المنهاج التربوي في المدارس أيام كنّا طلابا في المرحلة
 الأساسية درسا بعنوان " أُكلت يوم أُكل الثورُ الأبيضُ " ، ولشدّة تعلّقنا بهذا الدرس ظلّ عالقا في أذهاننا حتى اليوم الذي وصلنا فيه إلى مرحلة متقدمة من العمر ، لكن يبدو أن الذين وضعوا المنهاج والجهات العليا من ورائهم لم يستوعبوا أثر هذا الدرس في حياتهم ،ولم تأخذهم عقولهم إلى طريق الاعتبار منه، لأن العاقل الذي يتعظ بما يصيب غيره ، ومثلهم كمثل الثورين الأسود والأحمر اللذين كانا يعيشان في غابة مع ثور ثالث لونه أبيض ، وكان حولهما أسد ، لا يقدر على الثيران الثلاثة مجتمعة ، لأنه يعلم أن في الاتحاد قوة ، وفي الكثرة غلبة ، ففكر في حيلة يفرق فيها جمع هذه الثيران ، وينفرد بكل واحد منها ليأكله ، ويقضي نهمته منه ، وهذا ما حدث ، حيث استطاع إقناع الثورين الأسود والأحمر أن وجود الثور الأبيض معهما في الغابة خطر على حياتهم جميعا ، لأن لونه مشهور للصيادين ، فقالا له : "دونك فكُلْه ، فأكله " ، ثم قال للثور الأحمر : لوني على لونك ، دعني آكل الثور الأسود حتى تصفو لنا الغابة ، فاقتنع الثور الأحمر بكلامه فقال له : " دونك فكُلْه، فأكله " ، فلما انفرد بالثور الأحمر ، قال له : " إني آكلك لا محالة " ، فقال له الثور الأحمر " دعني أنادي ثلاثا " فقال له الأسد " افعل" ، فقال الثور الأحمر : " ألآ إني أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض" ، انتهت القصة لكن لم تنته قصة الأمة العربية مع الأسد وهو دول العالم في غاب البشر التي لا دين يردعها ، ولا قانون يخيفها ويمنعها ، وثيران الأمة متفرقة ، يبحث كل واحد منها عن مصلحته وذاته فقط ، ودول العالم تأكلها ثورا ثورا ، فبعد أن كانت الأمة قبل قرن من الزمان يدا واحدة ، وقلبا واحدا ، أغرى الأسد بعضها ببعض ، ففرقها ، وأكلها واحدا واحدا ، مع أن الله سبحانه أمرها في عديد الآيات في القرآن الكريم بعدم الفرقة ، والوقوف لهذا الأسد المفترس بالمرصاد ، وصدّه ، وإيقافه عند حدوده ، ولجم أطماعه، ومن ذلك الآية المشهورة التي يحفظها الصغار قبل الكبار وهي قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)، وكما استطاع أسد الأمس في الغابة أن يأخذ نصيبه الوافر من لحوم الثيران الثلاثة ، استطاع أسد اليوم وهو دول العالم أن يأخذ نصيبه الوافر من ثيران الأمة حين قامت بغسل عقولها، وتغيير أفكارها، واستبدال طموحاتها ، والعبث بتطلعاتها ، حتى أكلت خيراتها ، وخيرة أبنائها ، وممتلكاتها ، ولو فكّر الثور الأحمر بعقله ، بإغراء الأسد له ، لتفطن أن الأسد ألدّ أعدائه فكيف يرجو له الخير ، ولأدرك أن الثور الأبيض ثم الثور الأسود ظهيران له، يمنعانه من الأسد الذي هو عدو لهم جميعا ، لكن الأنانية ، والحسد ، وحب الذات التي اجتمعت في الثور الأحمر كلها سيوف بتّارة أكلتهم جميعهم ،والمصيبة أن هذا الأسد الذي هو دول العالم لا يزال يأكل ثيران العرب ، وهي عنه راضية ، وله مواتية ، فإذا أردت أن تحصي عدد الدول العربية الآن أنصحك بالتريث والانتظار ، لأن أسد العالم سيزيد من عددها ، ليسهل عليه أكلها ، من غير عناء ، ولا نّصب، ولماذا يكلف نفسه بالإعداد لمواجهة ثيران الأمة العربية ، وهو قادر على أن يجعلها هي نفسها تقوم بأكل بعضها بعضا قبل أن يأكلها هو ؟ وليس لهذه الثيران العربية أي مخرج من سطوة هذا الأسد إلا برجوعها إلى دينها الذي جمعها أمام أسود العالم قبل عدة قرون ، بعد أن كانت من غير هذا الدين مستباحة من أعدائها ، لطما ، وضربا ، وافتراسا ، ولئن نطق الثور الأحمر قديما بحكمته التي أودت بحياته وحياة أخويه ، فقال " أكلت يوم أكل الثور الأبيض" ، فإننا اليوم كعرب حين ننظر حولنا ونقول بكل أسف الثوران الأحمر والأسود في ذمة الله ، ومن قبلهما الثور الأبيض ، فهل نرى من ذرية هذه الثيران التي افترسها أسد العالم اليوم ، ثيرانا تفهم الدرس قبل أن تحفظه ، وتنهض جميعا لتأخذ دورها في حماية أنفسها ، وحماية من حولها ، والذود عن مقدراتها التي لا يستطيع أي أسد مهما كان كاسرا أن يقترب منها إن هي أحسنت الحفاظ عليها ، بوحدتها ، وباجتماع مصالحها ،وتفانيها في العمل المشترك الواحد ، وعدم انشغالها ببعض البعض ، وتطهير صفوفها من أمراض القلوب ، من الحسد ، والخوف ، والهلع ، وحب الذات ، وأن تهتدي بهدي رسولها صلى الله عليه وسلم الذي حذرها من الأسد الجائع الطامع فقال لها : ( إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) ، فلا تذهبوا بعيدا أيها العرب ، رصوا صفوفكم ، واجمعوا قلوبكم ، فأنتم أهل لأن تعمروا غابة الدنيا بالحق الذي أكرمكم الله به ، بدين الإسلام ، وشريعته التي هي مصدر السعادة الحقيقية للإنسان في غابة الدنيا ، والتي وحدها تردع كل أسد تسوّل له نفسه بالشرّ والسوء ، وقديما قال الحكيم العربي " كونوا جميعا يا بَنيّ إذا اعترى خطبٌ ، ولا تتفرقوا آحادا ، تأبى العصيّ إذا اجتمعن تكسّراً ، وإذا افترقن تكسّرت آحادا .
 والحمد لله رب العالمين

الجمعة، 10 يناير 2025

يكفي لخطبة المرأة طلب يدها

يكفي لخطبة المرأة طلب يدها
الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك

من مظاهر الإفلاس الديني ، والقيمي ، والاجتماعي ، ما نراه اليوم من تضخيم شأن خطبة المرأة من وليّ أمرها ، حيث يجتمع فيها أولا : عدم الالتزام بأحكام الشريعة الخاصة بخطبة المرأة ، ثانيا : التحلل من القيم التي يجب على أبناء المجتمع الواحد مراعاتها والعمل بها ، لأن الخروج عليها ليس من المروءة التي يحرص عليها أهل الفضل والصلاح ، ثالثا : الخروج من النسيج الاجتماعي الذي من واجب الكل المجتمعي من الأفراد والعشائر الدخول فيه ، وحمايته، وعدم التهاون في شرخه ، أو قطع وشائجه ، وهذا الإفلاس بهذه المظاهر الثلاثة ، نراه حين تتفشى مظاهر الرياء ، والمباهاة ، بين أهل الخاطب والمخطوبة ، ومن صور ذلك : إعطاء الخطبة أكثر مما تستحق من إجراءات عائلية ، فنرى أن الخطبة لا تكون حتى تأتي " جاهة " لطلب المخطوبة من وليّها ، وحتى تقام مراسم للخطبة كمراسم العرس من الإشهار ، والغناء ، والاختلاط ، واستئجار أرقى القاعات لحفلها ، وكل هذا من الرياء ، والمباهاة ، التي حرّمها الله تعالى ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وحتى تتضح الصورة أكثر ، وقبل بيان التكييف الفقهي لخطبة المرأة ، دعوني أذكركم بأن كل مراسم الخطبة من " الجاهة" ، والحفل في أفضل القاعات ، والغناء ، كل هذا يتم بعد اتفاق وليّ المرأة مع الخاطب وأهله في نطاق ضيق، يعني القدوم ب" الجاهة " هو فقط للرياء والمباهاة ، لأن الخطبة والموافقة عليها تمت بين أهل الخاطب والمخطوبة مسبقا ، ثم إقامة الحفل ،واستئجار القاعة ، أيضا للمباهاة ، وهي هنا مذمومة ، ومحرمة ، أما الحكم الشرعي لخطبة المرأة فهو أنها وعد ، وليست عقدا ، يعني : لا يترتب على هذه الخطبة أحكاما شرعية لو تم الانفصال كالطلاق ، بل خطبة المرأة هي وعد من وليّ المخطوبة لخاطبها ، والوعد يبقي المخطوبة أجنبية عن خاطبها ، يعني يحرم أن يخلو بها ، أو يراقصها ، أو يراه متبرجة بزينتها ، أو يخرج معها ، وكل هذه المحرمات يفعلها كثير من المسلمين اليوم ، وهذا من الإفلاس الديني ، والقيمي ،عدا عن الإفلاس الاجتماعي من أبناء شعبنا الذين يرون مصاب إخوانهم في "غزة" ، ولا يراعون هذا المصاب بالتكافل المعنوي ، والذين من صوره الامتناع عن إظهار الفرح والسرور المبالغ فيه في الأعراس ، فكيف إذا كان الأمر هو خطبة امرأة فقط ، والذي لا يتطلب شرعا ولا في العرف الصحيح ، الخروج على الناس بهذه المظاهر من الرياء ، والمباهاة ، في خطبة المرأة من وليّها ؟ ثم نرى انفصام الشخصية في بطاقة الدعوة للخطبة فيكتب فيها " يا فلسطين اعذرينا " ، وفلسطين ، وشعبها ، ومصابها ، لن يعذروك ، وكيف يعذروك ، وأنت لا تضع الشيء في مكانه الصحيح ؟ وكيف يعذروك وأنت تصطنع فرحا في خطبة امرأة لم يأذن به الله تعالى ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا ترضاه مروءة عاقل ، ولا تقوى مؤمن ؟ إذن ما المطلوب حتى نخرج من هذا الإفلاس بأنواعه الثلاثة ؟ الجواب : أولا: أن نعطي أحكام الشريعة حقها الكامل في تسيير حياتنا ، لأن ما عدا ذلك هو تقديم بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد نهانا ربنا عن ذلك فقال لنا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ، والمعنى : لا تفعلوا فعلا ، ولا تقولوا قولا ، يخالف أمر الله ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونحن بتضخيم شأن خطبة المرأة ، وللأسف لا ننجح في امتحان التقوى ، لأن الله امتحننا به في خطبة المرأة ، فتجرأنا على نواهيه وعصيناه ففعلناها ، وقد قال ربنا: (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)، ونحن رفعنا أصواتنا فوق صوت رسولنا صلى الله عليه وسلم في مواطن عديدة ومنها خطبة المرأة من وليّها ، ثانيا : ألا نعطي خطبة المرأة أكبر من حجمها ، فيكفي أن تقتصر الخطبة ومعرفتها على أهل الخاطبين ، من غير إشهار لها من خلال " جاهة " أو " قاعة وغناء " ، لأن الإشهار فقط للزواج ، حتى تُعرف المرأة أنها صارت زوجة لفلان من الناس ، ثالثا : مراعاة الظروف التي يعيشها شعبنا في أماكن تواجده ، فليس مؤمنا حقا ، من بات يرقص ، ويغني ، والناس من حوله ، في كرب عظيم ، وليس مؤمنا حقا ، من ارتكب المعاصي ، وجاهر بها ، فما يحصل في خطبة المرأة ، من تبرج المخطوبة أمام خاطبها ، ومراقصتها له ، وغناء الناس لهم ، مع الموسيقى ، والتبرج ، والاختلاط ، كل ذلك مما يستوجب العذاب ، وأول عذاب ينزله الله بالخاطبين عدم البركة في الخطبة والزواج ، فيحصل بينهما الخلافات ، وربما يؤخر الله إنجابهما للذرية ، وغير ذلك من عذاب الله المتنوع ، وأخيرا كل المال الذي ينفق على سهرة " العرس" ينفق في باطل وفي حرام ، وسوف يحاسب عليه المنفق له حسابا عسيرا يوم القيامة .
والحمد لله رب العالمين

الخميس، 2 يناير 2025

رقائق إيمانية روح الروح

رقائق إيمانية
"روح الروح "
الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
جملة " روح الروح" اجتاحت القلوب ، وطارت بين الناس ، كالنحلة أينما حلّت أعطت لذيذ شهدها ، بعد أن كانت استقت من معينه رحيقه بعد جهد ونَصَب ، "فأبو ضياء" زرع بجملته " روح الروح " قواعد للكرامة الإنسانية ، التي تربّى عليها منذ نعومة أظفاره من كتاب الله تعالى ، ومن سُنَة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالروح هي علامة حياة الإنسان ، وبدونها يكون الموت ، قال الله في هذا المعنى للروح : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)، قال القرطبي في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن : (وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ إِلَى أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ حَيَاةُ الْجَسَدِ)، فالشيخ " أبو ضياء –رحمه الله تعالى – بجملته المشهورة تلك ، رسم لنا معالم للكرامة الإنسانية ، والتي يمكن أن نضع بعضها هنا وهي :أولا : أن حياة الإنسان غالية ، لأنها من الضروريات الخمس التي جاءت الشرائع السماوية تؤكد عليها في حياة البشر ، وأولها : حفظ حق الحياة للإنسان ، فالحياة روح ، وبالاعتداء عليها اعتداء على أول كرامة للإنسان ، ولئن كان " لقابيل" سبق سُنّة القتل بغيا وحسدا وعدوانا بغير ذنب أو حق مشروع ، فإنه ينبغي للناس جميعا أن يضعوا حدّا لهذه الجريمة ، من خلال التزام ما جاءت به الشرائع السماوية أولا ثم الشرائع البشرية التي تحفظ للإنسان كرامته وحقه في الحياة ، ثانيا : من قواعد الكرامة الإنسانية تلك الوشائج القائمة على رابطة الدم ، والتي أصّلتها الشريعة الإسلامية ومنها القرابة بين الأصول والفروع ، وأنها قرابة تقوم على التكافل بينهم ، وقصد " أبو ضياء" بقوله " روح الروح " حفيدته الطفلة الشهيدة ، وابن الابن ،أو ابنة الابن ، أو ابنة الابنة هي " روح الروح " وهي ما نُعبّر عنه في المثل الشعبي عندنا " ما أغلى من الابن إلا ابن الابن " ، ولذلك كان حزنه عليها شديدا ، لأنه قطعة منه ، وجزء من لحمه ودمه ، لأنها ابنة ابنه ، وهذه صورة من صور التكافل في المجتمع الإسلامي ، فالأقارب في ديننا الإسلام ثلاثة أنواع : الأصول ، وهم : الآباء والأجداد ذكورا وإناثا ، والفروع ، وهم : الأبناء وأبناؤهم وإن نزلوا ، ثم الحواشي أو أولوا الأرحام ، وهم الأقارب غير الأصول والفروع ، وفي شريعتنا ، تجب نفقة الأصول على الفروع ، ونفقة الفروع على الأصول حين يحتاجون إلى النفقة ، بل ويجبرون عليها وإن قصّروا فيها ، وقد أعطانا " أبو ضياء " درسا عمليا في التعرف إلى درجة القرابة هذه وأهميتها حين وصف حفيدته بقوله : " روح الروح " ، فالجدّ هو بمنزلة الأب ، ولهذا قال الله في القرآن الكريم : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) ، وإبراهيم هو أبو العرب قاطبة ، "وعليه " فروح الروح " هم أيضا الأقارب من الأصول ومن الفروع ، الذين يجب علينا كمسلمين أن نراعي حقوقهم علينا ، سواء الحقوق المعنوية ، أو الحقوق المادية ، وما نراه من تفكك بين أرحام المسلمين صورة غير مقبولة ، وتتنافى مع الشعار الذي علّمنا إياه " أبو ضياء" رحمه الله تعالى ، وهو أن أقاربنا من أصولنا وفروعنا هم " روح الروح " ثالثا : احتفظ " أبو ضياء" بحلق حفيدته ، وقال أنه سيضعه على صدره ليضل يتذكرها ، وهذا أيضا أصل من أصول الكرامة الإنسانية للميت حين يموت ، فإن له علينا حقوقا كثيرة ، ومنها أننا نتذكره بالاستغفار والدعاء له ، والصدقة عنه ، ونتذكره بين الناس بسيرته الحسنة ، ليبقى أثره موجود بيننا ، فهذه الطفلة الشهيدة لا أثر لها يمكن حفظه إلا حلقها ، أما غيرها من أمواتنا ممن هم " روح الروح" فآثارهم عديدة ، ينبغي لنا أن نحتفظ بها كي تظل ذكراهم بيننا ، ولقد كان العرب على جاهليتهم يتذكرون أمواتهم بالخير حتى قال الله عنهم : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ، حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) ، فكانت بعض أحياء العرب يتكاثرون بالأموات فيقولون منا فلان ، ومنا فلان ، يعددون موتاهم ومآثرهم ، ولقد أعجبتني قصة زوجة صالحة مات زوجها ، أرادت أن يبقى لزوجها ذكر يومي بين أبنائها بعد موته ، وكان من عادة زوجها في حياته أن يضع النقود في معطف خاص له في الخزانة ، فإذا طلب منه أولاده نقودا قال لهم : خذوا من المعطف ، فظلت الزوجة تضع في ذلك المعطف النقود بعد موت زوجها ، وكلما احتاج الأبناء النقود تقول لهم : خذوا من معطف أبيكم ، رابعا : بعد دفن " أبو ضياء " حفيدته" أعطانا درسا من دروس الكرامة الإنسانية الخاصّة بالمسلم الذي ملأ الإيمان قلبه ، فعبّر عن رضاه المطلق بقضاء الله وقدره ، وأن مصابهم في "غزة" هو قدر الله الذي يرضونه ويسلّمون له تسليما مطلقا ، وأنهم لا يلومون المسلمين حولهم في كافة أنحاء الدنيا فهو يعذرهم ، ويراعي ظروفهم ، ولكنه يطلب منهم الدعاء ، لأن الدعاء في النوازل جزء من التكافل بين المسلمين ، وأن الدعاء وقت الكرب والبلاء من الضعفاء الذين لا حيلة لهم مستجاب من الله تعالى ، وهذه هي " الروح " التي ينبغي على المسلمين في كافة أنحاء الدنيا أن يتصفوا بها ، فهي بالنسبة لهم وقت النوازل " روح الروح ".
والحمد لله رب العالمين

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More