تعديل

الجمعة، 6 يناير 2017

خطبة الجمعة مكتوبة 6/1/2016م حقوق الأخوة


خطبة الجمعة

حقوق الأخوة

6/1/2016م

الحمد لله جعلنا أخوة في النسب وأخوة في الدين فقال سبحانه :" إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم "فلماذا القطيعة بين الأخوة في النسب ؟ولماذا الاقتتال بين المسلمين وهم أخوة في الدين؟ولله درك أيها القائل:  وما المرء إلا بإخوانه...كما تقبض الكف بالمعصم... ولا خير في الكف مقطوعة ..ولا خير في الساعد الأجذم... وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ،قال في الحديث القدسي:" حقت محبتي للمتحابين فيّ ، وحقت محبتي للمتواصلين فيّ، وحقت محبيتي للمتناصحين فيّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ،وحقت محبتي للمتباذلين فيّ"...

 

 وأشهد أن حبيبي وحبيبكم محمدا عبد الله ونبيه ورسوله ، كان أتقى الناس لربه ، وأنصحهم لخلقه، وأوصلهم لرحمه، أمرنا وأمره مجاب ، ونهانا ونهيه مطاع فقال :"إياكم والظنّ فإن الظنّ أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه، ولا يخذله ، ولا يحقره، ، وأشار إلى صدره وقال: التقوى هاهنا بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه ، وماله ،و عرضه "، اللهم  آت محمدا عبدك ورسولك الوسيلة والدرجة العالية الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد ...بذكر المصطفى ترتاح روحي...فعنّي يا هموم القلب روحي....كأني حين أذكره كطير... أطير محلقا فوق السفوح...فكرر مدحه في كل حين ... وقل يا نفحة المختار  فوحي...

اللهم صلّ وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين ، وصلّ يا ربنا وسلم على آله الطاهرين وعلى أصحابه الغرّ الميامين ، وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان غلى يوم الدين... أما بعد ،  أيها المسلم :

أخوك ابن أمك وأبيك وأختك ابنة أمك وأبيك  هما رحمك أمرك الله أن تتقيه فيهما وأن تبرهما فقال سبحانه:" واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام "، ألا ترجع عن غيّك وضلالك وهجرك لأخيك وأختك ، والله تعالى يقول في الحديث القدسي:" أنا الرحمن وهذه الرحم شققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتتّه"..



أيها المسلم يا عبد الله: ألا تعرف مكانة أخيك منك؟ إذا توجعت ما هو أول شيء تقوله ؟ تقول أخ، هذه مكانة أخيك منك ، وما سميّ الأخ أخا  عند العرب إلا لأنه أول من يقصد عند المصائب والنوائب والحاجات  ، ولأهمية الأخوة في الإسلام فقد ذكر الله لفظ الأخ ومشتقاته قي القرآن ستا وتسعين مرة،، ومما يدل على مقام الأخ من النسب أن  الله ذكر الأخ أول الأقارب  يوم القيامة يوم الخوف والكربات فقال سبحانه:"يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه"، وفي الدنيا جعل النبي صلى الله عليه وسلم مقام الأخ والأخت بعد مقام الأبوين مباشرة في البر والصلة ، فقال صلى الله عليه وسلم:" برّ أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك فأدناك"... أيها المسلمون: أراد الحجاج أن يقتل ثلاثة رجال الأول أخ لامرأة والثاني زوجها والثالث ابنها فقال لها: سأعفو عن واحد منهما فقط فاختاري واحدا من الثلاثة أعفو عنه ،فقالت المرأة: أختار أخي لا تقتله ،فقال لها : ولماذا؟ فقالت: الزوج موجود ، والابن مولود ، وأما الأخ فمفقود "، فيا من تهجر أختك وتقطع صلتها وودها ، هذه هي أختك ومنزلتك منها فلا تقدم عليها زوجة ولا ابنا ولا مالا، ولا تشتر النار بظلمها وهجرها ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يكون لآحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فيتقي الله فيهنّ ويحسن إليهن إلا دخل الجنة، فإن كنت مؤمنا صدقا ورجلا حقا وقاطعا لأختك فبعد الصلاة مباشرة قم بصلتها واطلب رضاها وعفوها عنك ، وقوّ ضعفها ، وأزل عجزها، وأرخ عليها كنف رعايتك ، فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم تزوره أخته الشيماء وهي أخته من الرضاعة، فيتودد لها  ويبسط لها رداءه ويقول لها : هاهنا اجلسي عليه ،ثم أعطاها الهدايا وما تحتاجه من المتاع "، فرحم الله زوجة  أمرت زوجها بصلة إخوانه وأخواته ، ورحم الله زوجا أعان زوجته على بر إخوتها وأخواتها، ورحم الله من عصى الشيطان وهواه ووصل أخته وأخاه...



وأنت  أيها المسلم يا من تجلس في المصلى القبلي والمصلى المرواني وفي رحاب المسجد الأقصى :لماذا تقاطع أخاك  وأختك وتتشاجر معهما منذ شهور وسنين ، ويحك يا رجل إذا كنت تقطع صلتك بأخيك وأختك من أجل المال  فأنت زائل ومالك زائل ،وسوف تسأل عن مالك يوم القيامة مرتين: من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته،فما أنت قائل لربك يوم تقف بين يديه صاغرا ذليلا؟؟وإذا كنت ترفع يدك وصوتك على أخيك وأختك وتهجرهما من أجل زوجة أو من أجل ولد فعلم أن الله يحذرك ويقول لك ولأمثالك"يا أيها الذين أمنوا إن من أزواجكم وأولاكم عدوا لكم فاحذرهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم ،إنما أموالكم وأولاكم فتنة والله عنده أجر عظيم ، فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون"...

يا مسلم يا عبد الله: لا تكن مثل قابيل الذي اعتدى على أخيه أجل دنيا زائلة حسدا فكان من أصحاب النار وكان من الظالمين وأصبح من الخاسرين بل كن مثل أخيه  الذي كان مؤثرا للآخرة على الدنيا مرضيا لربه فقال لأخيه بكل رجولة وتعقل:"لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين"، لا تكن  مثل أخوة يوسف الذين حسدوه وألقوه في الجّب بل كن مثل يوسف الذي عفا عن أخوته وقال لهم :" لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين"، الدنيا أحقر وأذل من معاداتك لأختك ولأخيك ،واستجب لربك وهو يأمرك قائلا:" وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْواجاً مّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى".



يا مسلمون: اعلموا أن لقاءكم بإخوانكم جلاء لأحزانكم فأديموا صلتكم بهم واجعلوا صلتكم بإخوانكم وأخواتكم عبادة  كي تؤجروا وتثابوا عليها ،فما لإخوانكم وأخواتكم عليكم من حقوق هي أحكام شرعية تؤجرون عليها وتثابون ،ألا يرضيكم أن صلتكم لإخوانكم وأخواتكم تزيد في أرزاقكم ، ويبارك لكم في أعماركم ؟ فصلوا إخوانكم وأخواتكم بالأقوال والأفعال والأموال وتفقدوا أحوالهم بالزيارات والاتصال والسؤال  فاستروا عوراتهم ، واغفروا زلاتهم "فما ازداد عبد بعفو إلا عزّا، واقبلوا معذرتهم  فتغافروا ولا تعاتبوا فإن التغافر يؤدي إلى البر والصلة والتعاتب يؤدي إلى القطيعة والهجران ، وهذا موسى يدعو لأخيه فيقول: "رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين"، أديموا نصح إخوانكم وأخواتكم ، وردوا غيبتهم ، ، واحفظوا ودّهم ، وارعوا ذممهم، وأجيبوا دعوتهم ، واقبلوا هداياهم من غير منّ عليهم ، وآلوهم ولا تعادوهم ، وأحسنوا نصرتهم بردهم إلى الحق وردعهم عن الباطل،واقضوا حوائجهم ، ولا تسلموهم ولا تخذلوهم ، وأحبوا لهم ما تحبون لأنفسكم ، واكرهوا لهم ما تكرهون لأنفسكم، وأنت أيها القاطع لأخيك ألا يقرع سمعك ويهزك قول النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: نعم. أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت بلى. قال :فذلك لك" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا إن شئتم : {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ"...   يا عبد الله  يا أخي المسلم: وصلك لأختك وأخيك ليس منّة منك عليهم بل هو أمر أوجبه الله عليك، وتطلب به الأجر والمثوبة من ربك لا من أخيك أو أختك ، وصلتك الحقيقية بإخوانك هي

 

 التي تبتدئ بالإحسان دون انتظار  إحسان منهم بل وأعظم منها الصلة التي تستمر على الرغم من إساءة ذوي القربى ومقابلة إساءتهم  بالإحسان والعفو ،فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:" ليس الواصل بالمكافيء ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمهُ وصلها"... يا عباد الله يا مؤمنون:

 من كانت له أخت فليكرمها ،وإذا جاءها خاطب كفؤ فليزوجها ، وإذا تزوجت فليحسن معاملة زوجها كي يحسن زوجها إليها ،وإذا طلقت  فليواسها ،وإذا ترك أبوك ميراثا فأعطها حقها كاملا منه ،ولا تؤخروا تقسيم التركة كما يفعل الناس اليوم لأن تأخير تقسيمها يؤدي إلى الخلاف والقطيعة، واعلم أيها المسلم أن ما تركه أبوك ليس لك وحدك فكونوا  عباد الله إخوانا كما أمركم ، والزموا توجيه رسولكم صلى الله عليه وسلم لكم حيث يقول :" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ،فاتقوا الله في إخوانكم وأخواتكم ، واستغفروه وادعوه وأنتم موقنون بالإجابة"

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ، لا ربّ لنا سواه ، ولا نشكو ضعفنا إلاّ له  ، اللهم أنت  حسبنا ومولانا ونعم الوكيل ، نشهد أنك لا  إله  إلا أنت ، سبحانك إنا  تبنا إليك ، وإنا من المسلمين  ، ونشهد أن محمدا عبدك ورسولك ، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ،اللهم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ،أما بعد:..........((يا مسلمون يا مؤمنون)):

إن مقام الأخوة في الدين أعلى وأغلى وأقوى من مقام الأخوة في النسب ،ويجب التناصر والولاء بين المسلمين في كافة بقاع الدنيا ،وما نراه من واقع المسلمين اليوم لا يمتّ إلى الأخوة الإسلامية التي أكرمنا الله بها

 بصلة ولا غلبة لنا على أعدائنا إلا بهذه الأخوة ، ألا ترون اجتماعهم علينا قديما وحديثا رغم اختلاف مللهم وقاصدهم ،فقريش اجتمعت في دار الندوة وتآمرت على القضاء على الإسلام ،بالتخطيط لقتل النبي صلى الله عليه وسلم أو أسره أو نفيه ،ثم فقد النبي  من ينصره من البشر فمات عمه أو طالب وماتت زوجته خديجة فكان ذلك  العام عام الحزن ، ولكن الله يأبى إلا أن ينصر الإسلام وأهله ، فأفشل ما اجتمعت عليه قريش، ونصر رسوله وآواه وأسرى به إلى  المسجد الأقصى  وعرج به منه إلى السماء ،وليكون درسا للمسلمين على مدى الأجيال أن نصرهم وعزتهم تكون بمدى  تعلقهم برب السماء وقربهم منه ، وبمدى انتمائهم للمسجد الأقصى والرباط فيه .................................(((يا مؤمنون))):ثم اجتمعت العرب وأهل الكتاب والمنافقون على المسلمين في المدينة المنورة ليستأصلوا الإسلام من جذوره ،فرد الله كيدهم بريح شردتهم وفرقت جموعهم وكانت تلك نعمة من الله على المسلمين كما أخبرنا الله بقوله:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا"......والعام الميلادي الذي رحل قبل أسبوع هو عام الحزن على المسلمين حيث فقدوا نصيرهم في بورما وبلاد الشام والعراق وفي كل مكان في الأرض ، وحين تتنكر الأرض ومن عليها لدين الإسلام والمسلمين فالله حينئذ يأذن بنصره لهم، بجنوده التي لا تعد ولا تحصى ،والنبي صلى الله عليه وسلم بعد عام الحزن لم يمكث إلا سنوات حتى  منّ الله عليه بالنصر والتمكين ، والمسلمون اليوم بعد عام حزنهم هذا سبنصرهم  الله في بضع سنين ، فالله لا يرضى الظلم  ولن يترك المسلمين مستضعفين ، ولن يخذل دينه ، ولا

 

 يترك الظالمين من الكافرين والمنافقين من غير عذاب في الدنيا  بأيدي المؤمنين ،فشاهت وجوه الكافرين والظالمين ،  فاللهم اجعلنا لدينك ذخرا ، ولأمتنا فخرا ، اللهم نفس كربات المسلمين في كل مكان ، في سوريا والصومال وبورما وفي كل البلدان ، اللهم أنت حسبنا وحسبهم ونعم الوكيل ، اللهم ارزقنا الثبات على دينك ، واجعل بلاد الشام عامرة بالإسلام والمسلمين ، وأخرج منها الظلم والظالمين ، واجعلنا فيها من أوليائك وعبادك الصالحين ،اللهم مكّن لنا في بلاد الشام وسائر البلاد ، واجعلنا ممن يحكّم شريعتك في العباد، اللهم اجعل لنا ولكل المسلمين من كل ضيق فرجا ، ومن كل همّ مخرجا ، ومن كل بلاء عافية ، يا ربنا يا الله أتمم علينا  وعلى ذرارينا نعمة الرباط في المسجد الأقصى ،واحفظ لنا قدسنا وأقصانا من اعتداء الظالمين ، اللهم اغفرلنا ولوالدينا ولمن لهم حق علينا ، اللهم اغفر لإخواننا ولأخواتنا ولأبنائنا ولزوجاتنا ولبناتنا  ولموتانا وموتى المسلمين ، وارزقنا حسن الخاتمة ، وأدخلنا جنات النعيم ، وأنت يا  أخي الكريم يا مقيم الصلاة أقم الصلاة ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ).

 


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More