تعديل

السبت، 25 نوفمبر 2017

من فقه القرآن : سورة الإسراء 6


من فقه القرآن
تفسير سورة الإسراء  :  (6)

 الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك

الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس

 


     قال الله تعالى :" وقضينا......إلى قوله :و وليتبروا ما علوا تتبيرا "


 فقه الآيات وفوائدها في المسائل الآتية:


 المسألة الأولى:  الآيات الكريمات الثلاثة فيها ثلاثة وعود من الله عزّ وجل ، وعشرة أخبار ، وتحذير ، أما الأخبار فهي: الخبر الأول: قضاء الله لبني إسرائيل في الكتاب ، والكتاب هو التوراة ، والقضاء هنا معناه : الإخبار والإعلام والحكم وإتمامه ، وأصل القضاء هو : إحكام الشيء والفراغ منه، وهذا يدل على أن هذا الإخبار موجود في التوراة التي أوحى الله بها إلى سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ،وأن هذا الوحي صار مبتوتا ومقضيا بأن الإفساد في الأرض لا بد وأن يحصل ،الخبر الثاني: هو الإفساد في الأرض ، والمقصود ب(الأرض) هو بيت المقدس وأكنافها لدلالة السياق عليه ، وهذا منهج القرآن في عديد السور مثل "ما جئنا لنفسد في الأرض" وهذا قول إخوة يوسف فالأرض هنا هي أرض مصر ،ثم جاء سياق الآيات بعد ذلك يبين أن هذا الإفساد سيمتد ليشمل الأرض كلها وذلك حين يمدد الله بني إسرائيل بالأموال والبنين ، وهذا لا يكون إلا بالإمداد الخارجي الذي يكون له ما بعده...، والخبر الثالث: الإفساد إفسادان وليس إفسادا واحدا ، والخبر الرابع : أن بني إسرائيل سيعلون في الأرض علوا كبيرا ، الخبر الخامس: هزيمة بني إسرائيل في أول مواجهة مع أعدائهم بعد إفسادهم الأول، الخبر السادس: إعادة الغلبة لبني إسرائيل على أعدائهم وتمكنهم منهم ، الخبر السابع : التفوق العسكري لبني إسرائيل على أعدائهم ، لكثرة ما يمتلكون من عتاد وأموال  وجيش، الخبر الثامن: إساءة وجوههم بعد الإفساد الثاني من قبل أعدائهم ، الخبر التاسع دخول أعداء بني إسرائيل المسجد وهو المسجد الأقصى ، الخبر العاشر : الدمار الهائل الذي سيحصل بسبب المواجهة العسكرية الطاحنة بين بني إسرائيل وبين أعدائهم .


المسألة الثانية : أما الوعود الثلاثة فهي :الوعد الأول: بعث الله تعالى على بني إسرائيل عبادا له أولي بأس شديد يقاتلوهم ويدخلون ديارهم ويشردوهم بسبب إفسادهم الأول، الوعد الثاني : التأكيد على أن الوعد الأول سيكون ولن يتخلف أبدا، الوعد الثالث، وقد سماه الله وعد الآخرة وهو دخول أعداء بني إسرائيل المسجد الأقصى كما دخلوه أول مرة.


المسألة الثالثة: أما التحذير الذي في الآيات الكريمة لبني إسرائيل فهم تحذيرهم من مخالفة تعاليم التوراة التي أنزلت على موسى عليه الصلاة والسلام ، وترك الإساءة والإفساد في الأرض ، ولكن سياق الآيات يدل على أنهم لن يحسنوا كما أمرهم الله ويدل عليه أن أعداءهم سيسلطون عليهم تسليطا آخرا ليس بعده تسليط بهزيمتهم وإخراجهم من الأرض المقدسة.


 المسألة الرابعة : في آيات سورة الإسراء بشارات للمسلمين بفتح بيت المقدس ودخول المسجد الأقصى ثلاث مرات ، المرة الأولى: إسراء النبي صلى الله عليه وسلم إليه والتأكيد على أنه مسجد للمسلمين وحدهم ، المرة الثانية : فتح المسلمين  له في عهد الصحابة الكرام بعد الإفساد الأول في الجزيرة العربية بدلالة إضافة العباد إلى الله (عبادا لنا) وهذه إضافة تشريف لا تكون لغير المسلمين ، المرة الثالثة : وهي لم تتحقق حتى الآن وستتحقق في المستقبل وهي دخول عباد الله المؤمنين المسجد الأقصى غالبين .


المسألة الخامسة : تؤكد الآيات على أن أرض بيت المقدس وأكنافها هي أرض صراع ومرابطة ومراغمة إلى يوم القيامة ، ولهذا فإن ادعاءات تحقيق السلام الدائم عليها غير صحيح ومخالف لما نصت عليه آيات سورة الإسراء.


 المسألة السادسة : أن الجولة الأخيرة بعد الإفساد الثاني ستكون مدمرة ومهلكة للبشر وللبنيان ، ونسأل الله العافية .


والحمد لله رب العالمين


 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More