تعديل

الاثنين، 21 مارس 2016

خطبة الجمعة مكتوبة .. الرباط في المسجد الاقصى المبارك.

خطبة الجمعة
الرباط في المسجد الاقصى المبارك

 الحمد لله رب العالمين ، جعل في الصبر على ما نكره خيرا كثيرا ، وجعل النصر مع الصبر، وجعل الفرج مع الكرب ، وجعل مع العسر يسرا ، ربكم لم يخلق الخلق عبث ،ولن يترك الخلق سدى ، فتزودوا من دنياكم ما تنجون به أنفسكم غدا ، ولا تخيبوا ظن الرسول صلى الله عليه وسلم بكم ، فظلوا كما وصفكم"على الحق ظاهرين لا يضركم من خالفكم"، وكونوا كما قال القائل فيكم:
فلم أر قوما صابروا مثل صبرنا  ولا نافحوا مثل الذي ننافح

يا رب يا الله ارحم شهداءنا ،وأطلق سراح أسرانا ، وفرج كرباتنا ، وأصلح أحوالنا ، ووحد صفوفنا ، واجمع على طاعتك كلمتنا ، وانصرنا على من ظلمنا ويبطش بنا
ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له القوي الناصر والغالب القاهر، من غلبه غلب، ومن حاربه حرب،و من لجأ إليه نجا ، ومن سار على شرعه اهتدى ، فوطنوا أنفسكم على طاعته وافطموها عن الشهوات ولا تخالفوا أمره  ، ولا تنتهكوا نهيه "
أخشى المعاصي أن تخلفنا بلا نصر من الله المعين الناصر
أخشى تزاحمنا على الدنيا التي كم أهلكت في غابر أو حاضر
أخشى تبلدنا ،تقاعسنا ،تغافلنا فعودوا للإله القادر



ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وفخرنا وعزنا محمدا عبد الله ورسوله، رسولنا صفي الله وخليله ، رسولنا سيد الأولين والآخرين ، رسولنا رحمة للعالمين ، رسولنا صاحب المقام المحمود والحوض الممدود ، فتعسا تعسا لمن كفر به وعاداه ، أو ضل عن دينه وهداه ، اللهم إنا نفخر برسولنا في الدنيا فاجمعنا على سنته وهديه ،اللهم إنا نفخر برسولك في الآخرة فاسقنا من حوضه وارزقنا شفاعته وصحبته ،
اللهم صل وسلم وبارك على حبيبك وحبيبنا محمد ، صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين ، وصل اللهم على آله الأطهار وعلى أصحابه الأبرار، وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد ، يا أهل بيت المقدس وأكنافه، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج ،يا أصحاب القبلة الأولى:
من النعم التي أنعم الله بها عليكم أن جعلكم مرابطين في هذه الديار المباركة فقد روى الطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أهل الشام وأزواجهم وذراريهم وعبيدهم وإمائهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون فمن احتل منها مدينة  فهو مرابط"
ولقد حث النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين من بعده على المرابطة في بيت المقدس إلى يوم القيامة فحين سأله الصحابي الجليل ذو الأصابع رضي الله عنه قائلا:"يا رسول الله إن ابتلينا بالبقاء بعدك فما تأمرنا فقال:"عليك ببيت المقدس لعل الله أن يرزقك ذرية تغدو إليه وتروح"
يا مسلمون
الرباط عبادة من أفضل العبادات ، وقربة يتقرب بها المسلم إلى ربه من أفضل القربات ،فيا سعدكم برباطكم في الأرض التي بارك الله فيها ، ويا وافر حظكم وعلو مقامكم عند ربكم برباطكم في المسجد الأقصى الذي خصكم الله به ،فأخلصوا النية لله في رباطكم حتى يكتب لكم أجر المرابطين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم :" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى"
يا عباد الله:
إن المسلم المرابط يتصف بصفات عديدة تدل على إيمانه وعلو همته وعلى قربه من ربه عز وجل ومن هذه الصفات الصبر والعزم والثبات ، فازرعوا في قلوبكم الصبر على الطاعات واجعلوا جوارحكم ترتقي بما يصيبها من أذى في سبيل الله ، وكونوا مع الله في كل أحوالكم وأعمالكم ، فالثبات والقوة والعزم والصبر من صفات المؤمنين المتقين فتوكلوا على الله ، واحرصوا على اتباع أحكامه وتعاليم دينه مها لحق بكم من أذى ،واحذروا المنافقين الذين يسربون عقارات المسلمين للإحتلال، فهؤلاء نفوسهم خربة ،وقلوبهم منتنة ، وعليهم غضب من ربهم "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم وليا ولن تجد لهم نصيرا"
أيها المسلمون:إن أجر الرباط كبير وفضله عظيم ، فكيف إذا كان بيت المقدس هو أرض الرباط  ،فحينئذ تجتمع لكم عند الله فضائل عديدة منها فضيلة الرباط ، وفضيلة شد الرحال إلى المسجد الأقصى ،وفضيلة مضاعفة أجر الصلاة فيه ، وفضيلة الصبر على أذى الأعداء ، ونسأل هنا متعجبين مستنكرين كيف يتقاعس بعض المسلمين عن هذا الأجر العظيم ، وبخاصة أهل القدس وضواحيها ،فمنهم من هو في واد ،وما يجري في المسجد الأقصى وفي القدس في واد آخر ، فكيف يكون مؤمنا حقا من يبيت ولم يهتم بأمر المسلمين وشؤونهم وقضاياهم؟؟؟


يا مسلمون:
إن المرابط في سبيل الله:يستغل كل دقيقة من دقائق عمره في كل عمل صالح يحفظ ثباته وثبات من معه من المرابطين  ،فالمداومة على العبادات رباط  ،والصلح بين المتخاصمين رباط وإيثار المسلم أخاه المسلم على نفسه رباط  ،وترك كل قبيح من الأقوال والأعمال رباط  ،ورص الصفوف وجمع الكلمة رباط ،والتعلم والتعليم في مساطب العلم رباط  ،والغضب إذا انتهكت حرمات الدين رباط  ،وتعظيم شعائر الإسلام رباط  ،والاستعانة بالله رباط ،والرضا بقضائه رباط  ، وكل ما تعرفونه من الخير رباط فاربطوا قلوبكم وأنفسكم وجوارحكم على ذلك الخير وأنتم في أرض الرباط ، فأجر المرابط كبير منه ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم :" كل ميت يختم على عمله إلا المرابط فإنه ينموا له عمله "أي يزيد له عمله إلى يوم القيامة"ويجري عليه رزقه أي يكون بمنزلة الشهداء"أحياء عند ربهم يرزقون"،فروح المرابط الذي ذكرت لكم أخلاقه وصفاته وحقيقته تسرح في الجنة حيث شاءت  ، وتأكل من ثمارها ، وما أعظم أجر المرابطين حين يبعث الناس يوم القيامة من قبورهم فزعين خائفين إلا هم يبعثون من قبورهم آمنين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم في المرابط"وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع الأكبر"
يا عباد الله:أنتم في أرض الرباط فكونوا مع الله حتى يكون معكم الثبات الثبات على دينكم والعودة العودة إلى كتاب ربكم والعمل والعمل بهدي رسولكم صلى الله عليه وسلم واذا خفتم فاجعلوا خوفكم من الله،وإذا أمنتم فاعلموا أن ذلك بفضل الله ، كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم يتخوف منهم فكتب إليه عمر:"أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من شدة يجعل الله بعدها فرجا وإنه لن يغلب عسر بسريين وإن الله تعالى يقول:"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"
يا مسلمون ، يامؤمنون:
جعل الله تعالى الصبر والمصابرة ركائز للرباط فلا يكون الرباط إلا بهما ولهذا قدمهما على الرباط فقال "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"فالصبر صبر على أمر الله بامتثاله ،وصبر على نهيه باجتنابه، وصبر على ابتلائه لكم بتلقيه بالرضا والقبول ، فالمسلم يؤمن أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، فاصبروا على الدنيا رجاء السلامة في الآخرة  ،واربطوا أهواء نفوسكم اللوامة رجاء ارتقائها إلى مرتبة النفس المطمئنة التي يقال لها:"يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي"،فاربطوا نفوسكم يا مسلمون على كل معاني الطاعة لله سهلها وخفيفها صعبها وشديدها ففي ذلك نجاة لكم من نار حرها شديد وقعرها بعيد ووعيدها أكيد"يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد"
يا عباد الله:          
والمصابرة تكون بإدامة مخالفة النفس عن شهواتها ومصابرة الظالمين حتى يكشف الله ظلمهم وبانتظار الفرج ف"انتظار الفرج بالصبر عباده"
يا مسلمون:وقوله عز وجل"اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"وصية الله لكم فخذوا بوصيته واعملوا بها فمن أخذها وعمل بها ظهر في الدنيا على أعدائه ، وفاز في الآخرة بالنعيم المقيم.


اللهم اجعلنا من الصابرين المصابرين المرابطين المتقين يا رب العالمين
عباد الله:جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم:إن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل ساه لاه فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة"



الخطبة الثانية
 الحمد لله رب العالمين ولي المؤمنين الصابرين ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له  ،له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ رسالة ربه وأدى أمانته ونصح أمته ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطاهرين وعلى أصحابة الغر الميامين وعلى سائر المسلمين إلى يوم الدين...أما بعد أيها المسلمون: أيها المسلمون ، يامؤمنون:
بالأمس أغلقت سلطات الاحتلال المسجد الأقصى ومنعت المسلمين من دخوله ،إنه يوم أسود في تاريخ الإسلام والمسلمين ،
إنه يوم لا يقل خطورة وبشاعة عن اليوم الذي دخل فيه الصليبيون المسجد الأقصى ومنعوا المسلمين ثمانية وثمانين عاما من دخوله ...يا مرابطون، يا عباد الله :لقد أراد أبرهة الأشرم ، ذلك الجبار الأحمق أن يهدم الكعبة ويخرب مكة المكرمة ، وظن أنه بجنوده وبما معه من الفيلة التي كانت في ذلك الوقت من أعتى الأسلحة ، ظن أنه بالغ أمره ، فأتاه الله من حيث لم يحتسب ، بطير أبابيل ، فرمتهم بحجارة من سجيل فجعلتهم كعصف مأكول ، والذي يتحدى الله ويحاربه ،ويريد بالمسجد الأقصى شرا ،فإن الله له بالمرصاد ، " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"،
يا عباد الله ، يا مسلمون:
تتعرض مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك إلى هجمة شرسة غير مسبوقة من الاحتلال ، وهي هجمة تدل على الطيش والغرور ،وعاقبتها غير محمودة ولا تأتي بخير، فهدم البيوت ،وفرض الغرامات ، وفرض الضرائب وجبايتها ،وقتل الأبرياء ،وترويع الآمنين ،وزيارة المسئولين الإسرائيلين للمسجد الأقصى وتدنيسه باقتحامات المتطرفين وإقامة شعائرهم فيه،ومناقشة  الكنيست السماح للمتطرفين بدخوله والصلاة في رحابه ،والحفريات تحته ، والاعتداء على النساء والمرابطين ،وإغلاق أبواب المسجد الأقصى ، وغير ذلك من الإجراءات في المسجد الأقصى وفي مدينة القدس ،هي إجراءات لا مسؤولة ، وتؤدي إلى إشعال حرب دينية لا تعرف نتائجها ، وهي تتناقض مع القانون الدولي الذي يمنع الاحتلال من كل هذه الممارسات والإجراءات ، وفي ظل هذه الإجراءات اللاإنسانية
نثمن استنكار اليونسكو يوم الثلاثاء الماضي لانتهاك وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي ،واعتبارها القدس والمسجد الأقصى محتلين ،وأن كل تغيير للأمر الواقع الذي كانا عليه قبل احتلالهما عام سبعة وستين هو انتهاك وإجراء احتلالي باطل قانونا ،ونطالب الدول العربية والإسلامية اتخاذ ما يلزم من الخيارات القانونية للتصدي للإعتداءات والانتهاكات الاحتلالية الباطلة ،دفاعا عن المسجد الأقصى وعن القدس وأهلها ، وأما أنتم يا أهل بيت المقدس وأكنافه من إخواننا في الداخل المحتل ، فندعوكم إلى مزيد من الصبر والرباط ،فهذا قدركم الذي اختاركم الله له ، ونعم القضاء ونعم القدر
اللهم أطلق سراح الاسرى وأرجعهم إلى أهلهم سالمين
اللهم ثبتهم وثبتنا على الحق والدين
اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأعل بفضلك كلمتي الحق والدين
اللهم احفظ المسجد الاقصى من كيد الكائدين ومن ظلم الظالمين ومن اعتداء المعتدين
اللهم ارزقنا الرواح والغدو إليه في كل وقت وحين
اللهم ارفع الحصار عن المحاصرين وارفع الظلم عن المظلومين
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا وأنت راض عنا برحمتك يا ارحم الراحمين
اللهم اغفر لما ولوالدينا ولمن لهم حق علينا واغفر اللهم للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات
عباد الله
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون"فاذكروا الله العظيم يذكركم واستغفروه يغفر لكم واسألوه يعطكم".
وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون"




أيها المسلمون ، يا مؤمنون:
بالأمس أغلقت سلطات الاحتلال المسجد الأقصى ومنعت المسلمين من دخوله ،إنه يوم أسود في تاريخ الإسلام والمسلمين ،إنه يوم لا يقل خطورة وبشاعة عن اليوم الذي دخل فيه الصليبيون المسجد الأقصى ومنعوا المسلمين ثمانية وثمانين عاما من دخوله ...
يا مرابطون، يا عباد الله :
لقد أراد أبرهة الأشرم ، ذلك الجبار الأحمق أن يهدم الكعبة ويخرب مكة المكرمة ، وظن أنه بجنوده وبما معه من الفيلة التي كانت في ذلك الوقت من أعتى الأسلحة ، ظن أنه بالغ أمره ، فأتاه الله من حيث لم يحتسب ، بطير أبابيل ، فرمتهم بحجارة من سجيل فجعلتهم كعصف مأكول ، والذي يتحدى الله ويحاربه ،ويريد بالمسجد الأقصى شرا ،فإن الله له بالمرصاد ، " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"،



0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More