تعديل

الجمعة، 24 يونيو 2016

من فقه القرآن : حقيقة التلاوة والصلاة

من فقه القرآن
حقيقة التلاوة والصلاة
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام  لهيئة العلماء والدعاة  ببيت المقدس

قال الله تعلى :" اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم  ما تصنعون" سورة العنكبوت:45
فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية:
المسألة الأولى: جمعت الآية أمرين ورتبت عليهما نتائج وثمار  واختتمت الوعظ والتذكير والتحذير.
 المسألة الثانية :أما الأمر الأول فهو تلاوة القرآن حيث جاء بصيغة الأمر فدل على الندب إليه ، وأستنبط من هذا الأمر مجموعة من الفوائد وهي :
الفائدة الأولى : التلاوة لا تعني مجرد القراءة ، فالقراءة هي التي تكون باللسان والقلب وقد لا يترتب عليها سلوك أو عمل فهي مجرد قراءة لنيل الثواب حيث من المعلوم أن من يتلو القرآن له بكل حرف عشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء ، وقد ورد الأمر بقراءة القرآن في القرآن في عديد المواطن منها قوله تعالى :" فاقرأوا ما تيسر منه" .
وأما التلاوة فتعني القراءة مع اتباع ما جاء في الآيات المقروءة إن كان أمرا باتباعه وإن كان نهيا باجتنابه ، وإن كان موعظة أو مثلا بالانتفاع به ، ويدل على هذا المعنى القرآن نفسه  ومنه قال تعالى:" والقمر إذا تلاها" أي : إذا تبعها، وأوضح من ذلك قوله تعالى:" الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته " قال المفسرون : أي يتبعونه حق اتباعه .
الفائدة الثانية : قراءة القرآن في الغالب تكون عن ظهر قلب ولا يمنع أن تكون من المصحف والتلاوة كذلك لكن الله تعالى في الاية هنا ذكر التلاوة من الكتاب لحكمة وهي أن التلاوة التي فيها الاتباع يكون الاتباع فيها ألزم للمسلم إذا كان يقرأ القرآن من المصحف المكتوب فيرى الآيات ويتدبرها ويتمعن في أوامرها ونواهيها ومواعظها فتكون الحجة عليه أعظم وهي أن القرآن بين يديك يدعوك لاتباع ما ورد فيه واجتناب ما نهى عنه فاحذر من المخالفة  ، وهذا مثله –مع الفارق في التشبيه- مثل من يأتيه كتاب من الملك ويسلم له بيده يأمره بأمر وينهاه عن  آخر ، فيكون ألزم له مما لو كان الأمر والنهي عاما وبمجرد السماع.
الفائدة الثالثة : في الأمر بالتلاوة تذكير لمن يتلو أن الآيات التي يتلوها هي وحي من الله عز وجل ،فتكون التلاوة حينئذ أوجب له باتباع ما جاء فيها ، أضف إلى ذلك فيه تذكير لمن يتلو القرآن أن هذا الوحي المنزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو أيضا  وحي منزل إليك فعليك بالإصغاء والاتباع  فالمسلم إذن يتلو القرآن وكأنه يتنزل عليه مباشرة من الله تعالى ولو فطن المسلمون إلى هذه المعاني والفوائد التي أذكرها لتغير حالهم ولصلحت مجتمعاتهم لآن الله عز وجل نزل القرآن ليكون دستورا ومناج حياة ولن يكون كذلك إذا قرأه المسلم دون تلاوة إي دون اتباع.
المسألة الثالثة: والأمر الثاني في الآية الكريمة هو إقامة الصلاة ، وإقامة الصلاة لا تعني مجرد أدائها في أوقاتها بل يعني عدة أمور وهي:
 أولا: إقامتها في أوقاتها دون تأخير إلا لعذر شرعي.

ثانيا: إتمام أركانها وواجباتها وسننها وآدابها.
ثالثا: الخشوع فيها ، خشوع القلب والجوارح.
رابعا: إتمام  القراءة والتدبر فيها.
خامسا : أن تردعه هذه الصلاة عن الفحشاء والمنكر .
فإذا لم يحقق المسلم تلك الحالات لم يكن مقيما للصلاة بل كان مؤديا لها ، فيسقط عنه إثم ترك الصلاة لآنه أداها ولكن لا يثاب عليها بل تلف  كالثوب الخلق وتلقى في وجهه وتقول له : ضيعك الله كما ضيعتني.
 المسألة الرابعة : قوله تعالى : "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" ذكر فيه القرطبي معان لطيفة وبديعة وهي :
 أولا : يُرِيدُ إن الصلاة الْخَمْسَ هِيَ الَّتِي تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهَا مِنَ الذُّنُوبِ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامَ:" أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شي" قالوا: لا يبقى من درنه شي، قَالَ:" فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا" ْ.
ثانيا:  وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الصَّلَاةُ هُنَا الْقُرْآنُ. وَالْمَعْنَى: الَّذِي يُتْلَى فِي الصَّلَاةِ يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وعن الزنى وَالْمَعَاصِي ومنه الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ:" قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ" يُرِيدُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ

ثالثا: وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْكَلْبِيُّ: الْعَبْدُ مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ لَا يَأْتِي فَحْشَاءَ وَلَا مُنْكَرًا، أَيْ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى مَا دُمْتَ فِيهَا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذِهِ عُجْمَةٌ وَأَيْنَ هَذَا مِمَّا رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ فَتًى مِنِ الْأَنْصَارِ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَدَعُ شَيْئًا مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالسَّرِقَةِ إِلَّا رَكِبَهُ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:" إن الصلاة
 ستنهاه فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ تَابَ وَصَلُحَتْ حَالُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ".
رابعا: وَفِي الْآيَةِ تَأْوِيلٌ آخر وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ الْمُحَقِّقُونَ وَذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ، فَقِيلَ الْمُرَادُ بِ" أَقِمِ الصَّلَاةَ" إِدَامَتُهَا وَالْقِيَامُ بِحُدُودِهَا، ثُمَّ أَخْبَرَ حُكْمًا مِنْهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى صَاحِبَهَا وَمُمْتَثِلَهَا عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْمَوْعِظَةِ. وَالصَّلَاةُ تَشْغَلُ كُلَّ بَدَنِ الْمُصَلِّي، فَإِذَا دَخَلَ الْمُصَلِّي فِي مِحْرَابِهِ وَخَشَعَ وأخبت لربه وادكر أَنَّهُ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ وَيَرَاهُ، صَلُحَتْ لِذَلِكَ نَفْسُهُ وَتَذَلَّلَتْ، وَخَامَرَهَا ارْتِقَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَظَهَرَتْ عَلَى جَوَارِحِهِ هَيْبَتُهَا، وَلَمْ يَكَدْ يَفْتُرُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى تُظِلَّهُ صَلَاةٌ أُخْرَى يَرْجِعُ بِهَا إِلَى أَفْضَلِ حَالَةٍ. فَهَذَا مَعْنَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُؤْمِنِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ. قُلْتُ: لَا سِيَّمَا وَإِنْ أَشْعَرَ نَفْسَهُ أَنَّ هَذَا رُبَّمَا يَكُونُ آخِرَ عَمَلِهِ، وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْمَقْصُودِ وَأَتَمُّ فِي الْمُرَادِ، فَإِنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ لَهُ سِنٌّ مَحْدُودٌ، وَلَا زَمَنٌ مَخْصُوصٌ، وَلَا مَرَضٌ مَعْلُومٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ ارْتَعَدَ وَاصْفَرَّ لَوْنُهُ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقَّ لِي هَذَا مَعَ مُلُوكِ الدُّنْيَا فَكَيْفَ مَعَ مَلِكِ الْمُلُوكِ. فَهَذِهِ صَلَاةٌ تَنْهَى وَلَا بُدَّ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَمَنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ دَائِرَةً حَوْلَ الْإِجْزَاءِ، لَا خُشُوعَ فِيهَا وَلَا تَذَكُّرَ وَلَا فَضَائِلَ، كَصَلَاتِنَا- وَلَيْتَهَا تَجْزِي- فَتِلْكَ تَتْرُكُ صَاحِبَهَا مِنْ مَنْزِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ، فَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ مَعَاصٍ تُبْعِدُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تَرَكَتْهُ الصَّلَاةُ يَتَمَادَى عَلَى بُعْدِهِ. وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَالْأَعْمَشِ قَوْلُهُمْ:" مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرُ لَمْ تَزِدْهُ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا" وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ أَرْسَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحِ السَّنَدِ.
خامسا:  قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ سَمِعْتُ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: فَإِذَا قَرَرْنَا وَنُظِرَ مَعْنَاهُ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ نَفْسَ صَلَاةِ الْعَاصِي تُبْعِدُهُ مِنَ اللَّهِ حَتَّى كَأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ، وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي تَقْرِيبِهِ مِنَ اللَّهِ، بَلْ تَتْرُكُهُ عَلَى حَالِهِ وَمَعَاصِيهِ، مِنَ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبُعْدِ، فَلَمْ تَزِدْهُ الصَّلَاةُ إِلَّا تَقْرِيرَ ذَلِكَ الْبُعْدِ الَّذِي كَانَ سَبِيلَهُ، فَكَأَنَّهَا بَعَّدَتْهُ حِيْنَ لَمْ تَكُفَّ بُعْدَهُ عَنِ اللَّهِ. وَقِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّ فُلَانًا كَثِيرُ الصَّلَاةِ فَقَالَ: إِنَّهَا لَا تَنْفَعُ إِلَّا مَنْ أَطَاعَهَا.
سادسا: وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَالْمَعْنَى الْمَقْصُودُ بِالْحَدِيثِ:" لَمْ تَزِدْهُ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا وَلَمْ يَزْدَدْ بِهَا مِنَ اللَّهِ إِلَّا مَقْتًا" إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مُرْتَكِبَ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لَا قَدْرَ لِصَلَاتِهِ، لِغَلَبَةِ الْمَعَاصِي عَلَى صَاحِبِهَا.
سابعا: وَقِيلَ: هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ. أَيْ لِيَنْتَهِ الْمُصَلِّي عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. وَالصَّلَاةُ بِنَفْسِهَا لَا تَنْهَى، وَلَكِنَّهَا سَبَبُ الِانْتِهَاءِ. وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ" وَقَوْلُهُ:" أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ".
 المسألة الخامسة: قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)  فيه عدة أقوال ذكرها القرطبي وهي:
الأول:أَيْ ذِكْرُ اللَّهِ لَكُمْ بِالثَّوَابِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْكُمْ أَكْبَرُ مِنْ ذِكْرِكُمْ لَهُ فِي عِبَادَتِكُمْ وَصَلَوَاتِكُمْ. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ في قول الله عَزَّ وَجَلَّ:" وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ" قَالَ:" ذِكْرُ اللَّهِ إِيَّاكُمْ أَكْبَرُ مِنْ ذِكْرِكُمْ إِيَّاهُ".
الثاني: وَقِيلَ: ذِكْرُكُمُ اللَّهَ فِي صَلَاتِكُمْ وَفِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أفضل من كل شي.
الثالث: وَقِيلَ: الْمَعْنَى، إِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ أَكْبَرُ مَعَ الْمُدَاوَمَةِ مِنَ الصَّلَاةِ فِي النَّهْيِ عَنِ الْفَحْشَاءِ والمنكر.
الرابع: وقال الضحاك: ولذكر الله عند ما يُحْرِمُ فَيَتْرُكُ أَجَلَّ الذِّكْرِ.
الخامس:وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَلَذِكْرُ اللَّهِ لِلنَّهْيِ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ أَكْبَرُ أَيْ كبير، وأكبر يَكُونُ بِمَعْنَى كَبِيرٍ.
السادس :َقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَقَتَادَةُ: ولذكر الله أكبر من كل شي أَيْ أَفْضَلُ مِنَ الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا بِغَيْرِ ذِكْرٍ.
السابع: وَقِيلَ: ذِكْرُ اللَّهِ يَمْنَعُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ فَإِنَّ مَنْ كَانَ ذَاكِرًا لَهُ لَا يُخَالِفُهُ.
الثامن: قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَعِنْدِي أَنَّ الْمَعْنَى وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، أَيْ هُوَ الَّذِي يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، فَالْجُزْءُ الَّذِي مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ الِانْتِهَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ ذَاكِرٍ اللَّهَ مُرَاقِبٍ لَهُ. وَثَوَابُ ذَلِكَ أَنْ يَذْكُرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَمَا فِي الْحَدِيثِ" مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ" وَالْحَرَكَاتُ الَّتِي فِي الصَّلَاةِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي نَهْيٍ، وَالذِّكْرُ النَّافِعُ هُوَ مَعَ الْعِلْمِ وَإِقْبَالِ الْقَلْبِ وَتَفَرُّغِهُ إِلَّا مِنَ اللَّهِ. وَأَمَّا مَا لَا يَتَجَاوَزُ اللِّسَانَ فَفِي رُتْبَةٍ أُخْرَى. وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ هُوَ إِفَاضَةُ الْهُدَى وَنُورِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ ثَمَرَةٌ لِذِكْرِ الْعَبْدِ رَبَّهُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ
ملاحظة : المسألتان الأخيرتان في هذا المقال أثبتهما كما وردتا في التفسير الجامع للقرآن للقرطبي حرصا مني على أن تعم الفائدة بتمامها على القارىء الكريم وذلك لآهمية المنقول .

 والحمد لله رب العالمين



0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More