خطبة الجمعة
انحباس المطر 2/12/2016
الحمد لله رب العالمين ،سبحانه بيده مقاليد الأمور ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد، ونشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وعلى التابعين وأتباعهم إلى يوم الدين.. أما بعد ، أيها المسلمون:
في مثل هذه الأجواء الماطرة الباردة نتذكر إخواننا في
سوريا وفي العراق وفي غيرها من بلاد المسلمين الذين شردوا من بلادهم وأخرجوا من
ديارهم وهم يعيشون في الخيام وبلا مأوى يكنّهم من البرد والمطر ، أولئك أبناء
ديننا إذا جاعوا جعنا معهم
وإذا عطشوا عطشنا معهم ، وإذا أصابهم القرّ والبرد بردنا معهم ، نشكو إلى
الله من ظلمهم ، وندعو المسلمين إلى نصرتهم ورفع الظلم عنهم ، ولا نقول إلا حسبنا
الله ونعم الوكيل لمن يحرق أطفالهم
ونساءهم وعجائزهم ،وحسبنا الله ونعم الوكيل لمن يدمر بيوتهم عليهم وحسبنا
الله ونعم الوكيل لمن يتكالب عليهم ،
(والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود
إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا
بالله العزيز الحميد الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات
ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )
يا مؤمنون يا مسلمون : ... اعجبوا معي فإن الله سبحانه
ينزل الماء من السماء رحمة بالبهائم التي لا تعقل ولم تذنب ، يقول صلى الله عليه
وسلم :( ولولا البهائم لم يُمَطروا ) ، فغيث السماء لا ينزل من أجل من يسفك الدماء ، وغيث السماء لا
ينزل لمن لا يحتكم إلى شرع الله ، وغيث السماء لا ينزل للزناة وأكلة الربا و غيث السماء لا ينزل لمن يعتدي على شعائر المسلمين ويعمل على منعها
، وغيث السماء لا ينزل من أجل العصاة ، سبحانك ربي سبحانك البهائم لها وزنها في
ميزانك والعصاة المجرمون لا وزن لهم عندك فهذا أنت تقول :" لهم قلوب لا
يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم
أضل أولئك هم الغافلون"، فاللهم إنا نعتذر إليك من معصية العاصين ونعتذر إليك
من ضلال الضالين ، ونبرأ إليك من كفر الكافرين
ومن شرك المشركين ، ونبرأ إليك من شؤم المعاصي التي تصيب
البهائم من غير ذنب أذنبته ، فالحبارى تموت في وكرها من ظلم الظالم،و البهائم تلعن
العصاة من بني آدم إذا اشتدت السنن تقول: "من شؤم معصية بني آدم" ، فاللهم
اجعل ما ينزل من السماء غيثا ولا تجعله مطرا ، واجعله سقيا رحمة لا سقيا عذاب... يا
عباد الله:
أمران بسببهما يمنع الله القطر من السماء ويكون الجدب
والجوع ،نقص المكيال والميزان ، ومنع الزكاة فقد روى عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين ،
خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن ، وذكر منها: "لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط
حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين
مضوا ، ولم يَنْقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور
السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ، ولولا
البهائم لم يمطروا "... يا مسلمون:
نقص المكيال والميزان له عقوبات ثلاث ، الأخذ بالسنين ،
وشدة المؤنة ، وجور السلطان ، ونقص
المكيال والميزان هو التطفيف, فإن كان الأمر لك استوفيت حقك كاملا, وإن كان الأمر
لغيرك بخسته حقه ، والتطفيف الذي هو نقص
المكيال والميزان لا يقتصر على البيع والشراء بل يشمل كل تطفيف ،وقد توعد الله
المطففين بالويل وهو عذاب في جهنم فقال :" ويل للمطففين"
فالتزوير والاختلاس ، وغش الناس في معاملاتهم تطفيف
فالتزوير والاختلاس ، وغش الناس في معاملاتهم تطفيف
ونقص من المكيال
والميزان ، وإنقاصك من صلاتك ووضوئك وعدم إتمامهما نقص من المكيال والميزان ،
وتقصيرك في تربية أولادك وتأديب زوجتك وعدم إحسانك في وظيفتك وصنعتك إنقاص من المكيال والميزان ،
وهذه بعض الأمثلة وقيسوا عليها أعمالكم
كلها ، فإنقاص المكيال والميزان ديدن الناس جميعا في هذا الزمان فكيف يمطروا
ويغاثوا بماء السماء ؟؟؟ يا مؤمنون: وأما
منع الناس زكاة أموالهم فهو السبب الثاني في الجدب وحبس السماء ماءها وخيرها ،قال
صلى الله عليه وسلم : (ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء)، ولو
أخرج أغنياء المسلمين في العالم زكاة أموالهم كما أمر الله وأعطوها لفقراء المسلمين
لما وجدنا فقيرا ولا عائلا فيهم ، بل وأقول أصرح من ذلك لو أخرج تجار الخليل
ونابلس وأغنيائها زكاة أموالهم كما شرع الله لأغنت كثيرا من أبناء شعبنا ، ولو قلت
لأغنت فقراء شعبنا في فلسطين لما تجاوزت الصواب ، فكيف ينظر ربنا إلينا برحمته،
ويمنّ علينا بنصره ؟1 " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا
عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"...عباد الله :... التوبة من هذه المعاصي
وغيرها والاستغفار بقلوب صادقة ، رجاء
الرحمة ونزول الغيث سبيل إلى نزول الغيث من السماء بفضل الله ورحمته ، كما قال
سبحانه وتعالى على لسان نوح عليه السلام: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا يرسل
السماء عليكم مدرارًا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا"
فاستغفروا الله وتوبوا إليه من المعاصي كلها, وليس الاستغفار باللسان فحسب, وإنما
الاستغفار بالأفعال, فأقلعوا عن المعاصي, ثم استغفروا الله عز وجل,فتوبوا
إلى الله من تضييع الصلوات والأمانات
ومن
انتهاك المحرمات ومن المعازف وعلو أصواتها في بيوتكم وحاراتكم وأسواقكم وأعراسكم ،
وتوبوا من الدياثة وترك الغيرة على الأعراض ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكرات ، وحذار حذار من عقاب الله فإنه ينزل فيصيب العاصين لمعاصيهم والصالحين
لسكوتهم ورضاهم قال الله تعالى)) وَاتَّقُواْ
فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ
أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(( .. يا مؤمنون: قرأ عبد الله بن مسعود: ((وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ
النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن
يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ
كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا))؛ فقال: (كاد الجُعَل يعذَّب في حجره بذنب ابن آدم) فاللهم أغثنا، اللهم أسقنا غيثاً
مغيثاً هنيئاً ، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل. اللهم لتحيي به البلاد، وتغيثَ
به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد. اللهم سقيا رحمةٍ لا سقيا عذابٍ ولا هدمٍ
ولا بلاءٍ ولا غرقْ. اللهم ادفع عنا الغلاء والبلاء والوباء والربا والزلازل
والمحن وسوء عن القدس وضواحيها وعن فلسطين كلها
وعن بلاد المسلمين يا رب العالمين. عباد
الله :حذر النبي صلى الله عليه وسلم من سوء آثار المعصية فقال: "إياك
والمعصيةَ، فإن بالمعصية حل سخط الله ومن سخط الله حبس المطر فتوبوا إلى الله واستغفروه وادعوه وأنتم
موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي رضي من عباده باليسير من العمل, وأفاض عليهم النعمة ، وكتب على نفسه الرحمة ، وضمّن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه, والصلاة والسلام على نبينا محمد ، إمام المتقين وقائد الغُرّ الميامين ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد أيها المسلمون:
بعض الناس لا يعرف هدي النبي صلى الله عليه وسلم
عند نزول المطر وقد سمعت بعضهم يقول : المطر ينزل بجنون ، وهذا جهل فعند نزول
المطر يستحب الدعاء والذكر فقد كان صلى الله عليه وسلم
إذا رأى المطر قال ( اللهم صيبا ( اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق ) وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدعاء لا يرد عند النداء وعند البأس وتحت المطر ) وإذا سُمع المسلم الرعد يقول:" ( اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك ) وإذا هاجت الريح يدعو المسلم ربه قائلا:( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به"
إذا رأى المطر قال ( اللهم صيبا ( اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق ) وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدعاء لا يرد عند النداء وعند البأس وتحت المطر ) وإذا سُمع المسلم الرعد يقول:" ( اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك ) وإذا هاجت الريح يدعو المسلم ربه قائلا:( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به"
أيها المؤمنون: إن
واجب المسلمين وحقهم عليكم عند نزول المطر وسوء الأحوال الجوية أن تكونوا إلى
جانبهم فما أعظمَ
الأجرَ الذي ينالُه مَن يسعى في قضاء حاجة المسلمين ، ويفرج كُرَبهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم
: ((مَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَنْ فَرَّج عن مسلم كربةً، فرَّج
الله عنه بِها كربةً من كرَب يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة"، وقال الحسن بن علي رضي
الله عنهما :" نافسوا في المكارم، وسارعوا في المغارم، واعلموا أن حوائج
الناس من نعَم الله عليكم، فلا تملوا النعم فتكون نقمًا، وإن أجود الناس من أعطى
من لا يرجوه، وإن أعفى الناس مَن عفا عمن قدر عليه، ومن أحسن أحسن الله إليه،
والله يحب المحسنين".، فتفقدوا جيرانكم ، وأحسنوا إلى أقاربكم ،
واقتربوا من إخوانكم ، وكونوا عباد الله إخوانا كي ترحمون ويغفر لكم وتفوزون
بالجنة التي عرفها لكم...
اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا
يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ
جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا,
وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا
عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ
الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ
عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا يا أرحم الراحمين، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين
واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين،
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين واحمِ حوزةَ الدين، وانصر
عبادك المؤمنين في كل مكان، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين اللهم ليس لهم إلا
أنت يا قوي يا عزيز اللهم انصرهم على من ظلمهم وعاداهم، اللهم عليك بالكفرة الذين
يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، ،اللهم
اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا
تَصْنَعُونَ. صدق الله العظيم
0 التعليقات:
إرسال تعليق