تعديل

الأربعاء، 21 يونيو 2017

من فقه القرآن... ليلة القدر

ليلة القدر
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس
WWW.ALGANTAN.COM
 
قوله تعالى:" إنا أنزلناه في ليلة القدر"... إلى قوله تعالى" سلام هي حتى مطلع الفجر" "   سورة القدر
فقه هذه السورة الكريمة في المسائل الآتية:
المسألة الأولى:قوله تعالى: إنا أنزلناه في ليلة القدر"...للقرآن الكريم ثلاثة تنزيلات وهي: الأول: إلى اللوح المحفوظ، والثاني : إلى السماء الدنيا جملة واحدة وهو المقصود بقوله تعالى"إنا أنزلناه في ليلة القدر،  والثالث:نزوله مفرقا"نجوما"على النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة كما قال سبحانه وتعالى"وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا".
المسألة الثانية:ليلة القدر تعني:ليلة الحكم التي يقضي فيها ربنا عز وجل قضاء السنة كلها وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما ، قال:نزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا فكان الله إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئا أنزله منه حتى جمعه.
المسألة الثالثة: قال الحسن في شأن ليلة القدر :"فيها يفرق كل أمر حكيم " : فيها يقضي الله كل أجل وعمل ورزق إلى مثلها .
المسألة الرابعة:وكان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على تلقي القرآن وقد ذكر الله تعالى لنا حرصه في سورة القيامة فقال سبحانه:"لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فإتبع قرآنه" ، وكان صلى الله عليه وسلم أول الحفاظ للقرآن الكريم ، وجاء من بعده أصحابه فكانوا يحفظون الآيات الخمس أو العشر فلا يتجاوزونها حتى يعملوا بما جاء فيها ، ولهذا روى أن عمر رضي الله عنه حفظ القرآن في اثنتي عشرة سنة ، وأن ابنه عبد الله حفظه في ثماني سنين ، وكان الصحابة يتدارسون القرآن فيما بينهم ويحفظونه أولادهم وزوجاتهم،  فليت المسلمين في هذا الزمان يأخذون بهذا المنهج ويتبعونه كي تصلح أحوالهم بدل تبذير أوقاتهم في ما لا ينفع ولا يجدي شيئا.
 المسألة الخامسة:قوله تعالى"ليلة القدر خير من ألف شهر" ،اختلف المفسرون في معناها على أقوال,قال القرطبي "وأشبه الأقوال بظاهر التنزيل قول من قال:عمل في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر ليس فيها ليلة القدر"...
المسألة السادسة :قوله تعالى"تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر" الصواب من أقوال المفسرين في معنى الآية الكريمة:أن الملائكة في هذه الليلة تتنزل وجبريل معهم وهو "الروح"بإذن ربهم من كل أمر قضاه الله في تلك السنة من رزق وأجل وغير ذلك؟؟؟
المسألة السابعة:قوله تعالى"سلام هي حتى مطلع الفجر" أي :أن ليلة  القدر سلام من الشر كله من أولها إلى طلوع الفجر من ليلتها .
 المسألة الثامنة: وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قال ليلة القدر في العشر البواقي من قامهن ابتغاء حسبهن فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهي ليلة وتر تسع أو سبع أو خامسة أو ثالثة أو آخر ليلة ".رواه الإمام احمد
 المسألة التاسعة : لله تعالى العظمة والكبرياء دل على ذلك قوله تعالى "أنزلناه "بصيغة الجمع والمنزل هو الله عز وحل ومن عادة العرب أيضا أن تؤكد فعل الواحد فتجعله بلفظ الجمع.
 المسألة العاشرة :ومن الأمور التي يغفل عنها المسلمون اليوم أن التشاجر بينهم والأحقاد والضغائن سبب في رفع الخير والبركة عنهم,فقد روي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال :خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحي رجلان من المسلمين فقال :"خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحي فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خير لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة".
 المسألة الحادية عشرة: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحيي العشر الأواخر من رمضان ، وهذه هي سنّته التي علينا أن نحرص عليها فعن عائشة رضي الله عنها قالت :كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان شدّ مئزره ، وأحيا ليلة ،  وأيقظ أهله"، ويستفاد من قول عائشة رضي الله عنها أن النبي
صلى الله عليه وسلم وأسرته كانوا يقومون الليالي العشر من رمضان فعلى رب الأسرة أن يكون قدوة لهم فيشد مئزره أي لا ينشغل بالدنيا ومتاعها من النساء وغيرهن ،ويجتهد في العبادة.
المسألة الثانية عشرة:  :وليلة القدر من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهذا أحد القولين الراجحين في المسألة.
 المسألة الثالثة عشرة:وإذا عرفنا ما تقدم ذكره عن ليلة القدر وفضلها وجب على المسلمين ما يلي: أولا : الإقبال على هذه الليلة بالإحياء ويشمل الإحياء كل عمل صالح من صلاة وتلاوة للقرآن ومدارسة العلم النافع وذكر الله تعالى ولو أن مثلا رجل له أب أو أم يحتاج إلى رعاية دائمة فالسهر معهما برعايتهما هو إحياء لليلة القدر بشرط استصحاب النية الصالحة لذلك العمل،  وأقول هذا الكلام لمن يرى أن يحي ليلة القدر في المسجد ويترك أحد والديه وهما بحاجة ماسة إلى رعايته، وعلى كل حال هذا مثال على العمل الصالح والأعمال الصالحة كثيرة. ثانيا:وعلى المسلمين أن ينتهوا عن المنكرات والمعاصي التي يحدثونها في العشر الأواخر من رمضان وبخاصة في ليلة القدر وبخاصة في المسجد الأقصى المبارك ومن هذه المنكرات دخول المسجد لغير غرض العبادة ولأهداف دنيوية لا ترضي الله تعالى وكذلك المفرقعات وإضاعة الوقت في القيل والقال والغيبة والنميمة وغير ذلك فإنه بضاعة كاسدة للرجل الفارغ الذي لا يحترم قيمته كإنسان مخلوق لعبادة الله تعالى ، ثالثا:ليحرص كل مسلم على الدعاء في ليلة القدر بالخير له وللمسلمين ، وأسال اخواني المسلمين أن لا ينسوني بدعوة في ظهر الغيب فأنا فقير جدا إلى دعوة من رجل أو امرأة صالحة أنجو بها من عذاب ربي يوم القيامة ، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة أن تدعوا  قائلة:"اللهم انك عفو تحب العف فاعف عني
وهذا دعاء عظيم النفع لأن عفو الله تعالى سبب سعادة المرء في الدنيا والآخرة ، فيا رب انك عفو تحب العفو فاعف عني وعن المسلمين، والحمد لله رب العالمين




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More