تعديل

الأحد، 25 سبتمبر 2016

خطبة الجمعة مكتوبة 23/9/2016 بر الوالدين


خطبة الجمعة
بر الوالدين
23/9/2016م
الحمد لله قرن الإحسان إلى الأبوين بتوحيده وعبادته فقال سبحانه:"وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" ،  أيها الابن البار بأبويه ابشر برك بوالديك بابان من أبواب الجنة ، وأنت أيها الابن العاق لأمه وأبيه حاذر فعقوقهما بابان مفتوحان لك من أبواب النار، فاللهم ارزقنا بر آبائنا وأمهاتنا أحياء وأمواتا ، وارحمهم كما ربونا صغارا...
  
ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، ضرب مثلا للولد العاق لأبويه الصالحين وبين أنه من الهالكين في الدنيا ومن الخاسرين في الآخرة فقال عز وجل:"والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين"...
  
ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله حبه نابت في عروقنا وقلوبنا ويجرى في دمائنا فنحن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم  الذي هو أحسن الناس خلقا وخلقا ،وعبادة وورعا ، وزهدا وتقوى ،اللهم صلى وسلم وبارك عليه ما أشرق صباح وخفق طائر بجناحيه وصل اللهم على آله الأطهار وأصحابه الأبرار وعلى  التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
  
أما بعد، أيها المسلمون: من أبشع الجرائم الاجتماعية التي  نعيشها في هذه الأيام  جريمة عقوق الوالدين ،فنسمع ونرى من يشتم أباه وأمه ، ونسمع ونرى من يرفع صوته عليهما ويقلّ أدبه معهما ، فكم من الأبناء اليوم يضربون آباءهم وأمهاتهم من أجل زوجة ضالة لا تساوي  في ميزان  الله درهما ، أو من اجل شهوة ،أو دنيا زائلة!  فالله الله  أيها الأبناء في آبائكم ،
 
  إن ايذاءكم لهم بالأقوال والأفعال وغيرها هو العقوق ،وهو الجريمة النكراء ،وهو كبيرة من أكبر الكبائر ، فمن منكم يحب أن يلقى الله بكبيرة تدخله جهنم التي حرها شديد وقعرها بعيد؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ "ثلاثة" قالوا :بلى يا رسول الله . قال:"  الإشراك بالله ،وعقوق الوالدين ،وقول الزور،  فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت".
  
يا مسلمون: إن الله حليم يؤخر عقوبة كثير من الذنوب إلى يوم القيامة ، لكنه يعجل عقوبة الولد العاق والابنة العاقة لأبويها في الدنيا قبل الآخرة،  ففي الحديث الشريف: "كل الذنوب يؤخر الله فيها ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله يعجّله لصاحبه في الحياة قبل الممات ،وأقل عقوبة على عقوقك لوالديك أن تعيش مهموما محزونا تركض وراء الدنيا ولا تنال منها شيئا  وإن نلت منها شيئا لا يكفيك ولا يبارك لك فيه فافهم ما
  
أقول لك أيها العاق،  وكونوا يا مسلمون وكنّ يا مسلمات كالسلف الصالح في التأدب مع الوالدين والتحرز من عقوقهما ، فهذا علي بن الحسين ابن بنت النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: إنك من أبر الناس ولا تأكل مع أمك في وعاء واحد؟ فقال رضي الله عنه: "أخاف أن تسبق يدي يدها إلى ما تسبق إليه عيناها"،  وقيل لعمر بن عبد العزيز :كم بلغ برك بوالديك؟قال:"ما علوت سقفا هما تحته وما سرت أمامهما بنهار قط وما سرت خلفهما بليل قط" ، يقصد أنه كان لا يمشي أمامهما بالنهار تأدبا معهما ، وكان يسير خلفهما في الليل لملاقاة الأخطار دونهما ودفعها عنهما...
 
أيها الأبناء أيتها البنات: بروا آباءكم وأمهاتكم واحذروا عقوقهم، كي لا يتسبب هذا العقوق بدعائهم عليكم فإن دعوة الأبوين مستجابة ليس بينها وبين الله حجاب ،فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات مستجابات لهنّ ،لا شك فيهن، دعوة المظلوم ،ودعوة المسافر ،ودعوة الوالد على ولده"  ،فمن كان منكم أيها الأبناء له عند الله حاجة فليبر أبويه ، وليطلب رضاهما  ،فحين جاء وفد أهل اليمن إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه سألهم :أ فيكم أويس بن عامر؟ قال أويس:نعم ، قال عمر:كان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم ؟ قال أويس:نعم ، قال عمر:لك والدة ؟ قال أويس:نعم،  فقال عمر:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قَرَنٍ كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم ، له والدة هو بها برٌّ لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل" فطلب منه عمر أن يستغفر له فاستغفر له أويس ، فانظروا رحمكم الله صحابي كعمر مبشر بالجنة يطلب من تابعي أن يستغفر له لأنه بر بأمه ولبرّه  بأمّه لو اقسم على الله لاستجاب الله له،  فكونوا مثل أويس واقتدوا به وبروا آباءكم وأمهاتكم.
  
يا مسلمون يا مؤمنون: من كان منكم يشتهي الجهاد ولا يقدر عليه ؟ من منكم يشتهي أن يكون له أجر الحاج والمعتمر من غير أن يحجّ أو يعتمر؟ من يشتهي منكم كل ذلك فليبرّ أبويه  وليحسن إليهما ولا يعقهما ،فمن  أحسن إلى أبويه وبرهما  كان عند الله كالحاج والمعتمر والمجاهد ، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إني اشتهي الجهاد ولا أقدر عليه ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم "هل بقي من والديك أحد" ؟قال: أمّي
 
 ، فقال عليه الصلاة والسلام"فأبل الله في برها -أي أحسن برها كما يحب الله - فإن فعلت فأنت حاج ومعتمر ومجاهد" والذلة والخسران والصغار لمن كان له أب أو أم ولم يدخل بسببهما الجنة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :"رغم انفُ ثم رغم أنف ثم رغم أنف"- أي خاب وخسر - ، قيل:من يا رسول الله؟قال "من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة".
يا مسلمون: والأنبياء والمرسلون هم قدوتنا نسير على نهجهم ونقتفي آثارهم ، وقد كانوا بارين بآبائهم وأمهاتهم ، وقد أثنى الله تعالى عليهم بهذا الخلق الحسن فقال في شأن يحيى عليه السلام:"وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا" ، وقال على لسان عيسي بن مريم عليه السلام: "قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا"، فالعاق لأبويه جبار وعاص وشقي ،فاللهم لا تجعل فينا جبارا ولا عاقا ولا شقيا...
  
يا عباد الله ، يا مؤمنون:  بركم لآبائكم وأمهاتكم كما يكون في حياتهم يكون بعد مماتهم ، ومن البر  بعد مماتهم الدعاء والاستغفار لهم ، والصدقة عنهم،  وإنفاذ عهدهم وإكرام أصدقائهم،  فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله هل بقي من برّ أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما ؟ قال: "نعم الصلاة عليهما- أي الدعاء لهما-  والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما
 
 وإكرام صديقهما"، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم برا بخديجة وهي زوجته فيهدي لأصدقائها بعد موتها ، فما بالكم يا  مسلمون بالوالدين ألا يستحقان البر والصلة في الحياة وبعد الممات؟ فيا ربنا ارحم والدينا كما ربونا صغارا ،واغفر لهم ، وارفع درجاتهم عندك ، واجعل قبورهم عليهم وعلينا رياضا من رياض الجنة ، وتوفنا بارين بآبائنا وأمهاتنا يا أكرم الأكرمين.. عباد الله: "إن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" ،فادعوه وأنتم موقنون بالإجابة، واستغفروه فإنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ، ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله ، وصفيه وخليله ، بلغ رسالة ربه ، وأدى أمانته ، ونصح أمته ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين...... أما بعد ، أيها المسلمون:
الابن البار بأبويه يرزقه الله العيش الكريم والذكر الحسن في الحياة الدنيا ،
  
فعن أنس- رضي الله عنه-  قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سرّه أن يمد له في عمره ويزداد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه"،
وببر الوالدين وطاعتهما يصرف الله عن الولد البار لوالديه السوء،  قال ابن عباس - رضي الله عنهما- :" إنما رد الله عقوبة سليمان عن الهدهد لبره بأمه" ، وقال عكرمة :" إنما صرف سليمان عن ذبح الهدهد أنه كان بارا بوالديه ينقل إليهما الطعام فيرزقهما"، فاعتبروا يا مسلمون، فإذا كان
 
 الله صرف ذبح الهدهد بسبب بره بوالديه وهو غير مكلف ، فإن صرف السوء عمن يبر أبويه منكم أولى  ، وهذا إسماعيل - عليه السلام - يصرف الله عنه الذبح لطاعته لأبيه ويفديه بذبح عظيم ،"قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" ،  فلما أرض إسماعيل أباه إبراهيم بطاعته إياه أكرمه الله وفداه ، كما قال عز وجل"وفديناه بذبح عظيم "، فيا أيها الأبناء ويا أيتها البنات أطيعوا والديكم من غير معصية  والزموا برهم كي تكونوا في حفظ الله ورضوانه وكنفه ومحبته.... يا  مرابطون يا مؤمنون: والعقوق لا يتوقف عند عقوق الأبناء للآباء والأمهات ، بل تعداه في هذا الزمان إلى عقوق أمّة المسلمين لكتاب ربها ولهدي رسولها صلى الله عليه وسلم  فلا هي تحرك ساكنا لما تراه من معاص ومنكرات واستدبار لأحكام الله وشرائعه وتعد  صريح على كل ما هو مقدس عندنا،
  
فأي عقوق أكبر وأعظم من  هذا والأمة في دائرة الترقب والانتظار والشجب والاستنكار وإن المنعطف الخطير الذي تسير فيه أمة الإسلام اليوم والمتمثل في محاولة فرض الأمر الواقع بمنع المسلمين من إظهار شعائر دينهم في كافة بقاع الدنيا ، والعمل على قدم وساق لتغيير معالم التاريخ العربي والإسلامي للمقدسات والتراث ، وفرض  مناهج  على الطلاب في المدارس يناقض دينهم وقيمهم وتاريخهم المجيد كل ذلك عقوق
 
من المسلمين لدينهم وتاريخهم ومقدساتهم يوجب عليهم التوبة من هذا العقوق المشين بأن يقبضوا على ناصية القرار بأيديهم من غير تبعية لشرق أو لغرب ، وهذا لا يكون إلا بتوحيد الصف في كل بلاد المسلمين تحت راية الإسلام الحق ، وعليه فإني أدعو قادة الشعب الفلسطيني إلى التوبة من عقوق القضية الفلسطينية وتوحيد الصف والكلمة والمنهاح ، وأطالب العرب والمسلمين بالتوبة من عقوق تاريخهم وقيمهم والعودة العاجلة إلى البر بقضاياها المصيرية وبمقدساتها ونصره كتتاب ربها وسنّة رسولها صلى الله عليه وسلم  ... اللهم انصر ديننا وأعل راية إسلامنا  ومكنّا من أعدائنا ، ووحد صفوفنا وفرج كرباتنا وعجل في خلاصنا. اللهم أهلك الظالمين وافضح المنافقين وردهم خزايا نادمين.  يا ناصر المستضعفين يا الله يا نصير المظلومين يا الله أنت ربنا ولا رب لنا سواك

وأنت إلهنا ولا إله لنا سواك ، فكن لنا ولا تكن علينا ، وانصرنا على من بغى علينا ،  وارزقنا فرجا عاجلا قريبا يا مفرج الكربات يا ألله
اللهم ارفع الحصار عن المحاصرين ، وأطلق سراح المأسورين ، واقض الدين عن المدينين ،وفرج كربات المكروبين ... اللهم اجعلنا بوالدينا بارين وارزقنا برأبنائنا يا أرحم الراحمين  

 
واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولمن لهم حق علينا   واغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات وارزقنا حسن الخاتمة  وتوفنا وأنت راض عنا
وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة :" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون"


 

 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More