تعديل

السبت، 17 سبتمبر 2016

من فقه القرآن : من أحكام الأضحية

                                        من فقه القرآن
من أحكام الأضحية
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس
 
قال الله تعالى : ( وفديناه بذبح عظيم ) سورة الصافات : 107 فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية:
المسألة الأولى : قوله تعالى ( بذبح) : اسم للحيوان المذبوح ، وقوله تعالى ( عظيم ) أي : ضخم الجثة سمين ، وفي هذا دليل على أن الأضحية يعتبر فيها مقدار ما فيها من لحم ، لتكون الفائدة أكثر والنفع أعم حين توزيعها أو أجزاء منها على الأقارب والأصدقاء والفقراء . المسألة الثانية : والأضحية لا تكون إلا من الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم وهي مشروعة تأسيا بسيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام عندما أراد ذبح ابنه إسماعيل ، ففداه الله بذبح عظيم . المسألة الثالثة : والصحيح من أقوال العلماء أن الأضحية سنة مؤكدة لمن كان موسرا ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئا ) ، فدل الحديث الشريف على أن الأضحية ليست بواجبة ، لأنه صلى الله عليه وسلم علق التضحية بإرادة المضحي وفوضها إليه . المسألة الرابعة : والأضحية أفضل من الصدقة بثمنها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهرام الدم ..) المسألة الخامسة : ووقت ذبح الأضحية يبدأ بعد طلوع شمس يوم النحر ( العيد ) وبعد حضيّ قدر نصف ساعة من طلوع الشمس لأهل البوادي الذين لا تقام فيهم صلاة العيد ، أما الذين تقام فيهم صلاة العيد ، فهي انصراف الإمام من خطبته وصلاة العيد ، وأما من يذبح الأضحية قبل صلاة العيد ، فأضحيته شاة لحم ولا تعتبر أضحية ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر ، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ) ، وقال ابن عبد البر من علماء المالكية : ( لا أعلم خلافا بين العلماء أن من ذبح قبل الصلاة وكان من أهل المصر ـ يعني أهل البلد ـ أنه غير مضح ، لقوله عليه السلام : ( من ذبح قبل الصلاة فتلك شاة لحم ) ) . المسألة السادسة : ويجوز للمسلم أن يذبح أضحيته في أيام التشريق كلها ، بالإضافة إلى يوم النحر الذي هو يوم العيد ، وأيام التشريق هي الأيام الثلاثة بعد يوم العيد عند الشافعية ، وعند غيره من العلماء أنها اليومين الثاني والثالث بعد يوم العيد ( يوم النحر ) ، وهناك أقوال أخرى لا ضرورة لذكرها هنا ، والذي يهم ذكره في هذا المقام ، أن العلماء اختلفوا في عدد أيام التشريق ، فمالك وأحمد وأبو حنيفة قالوا : هما يومان بعد يوم العيد ، والشافعي قال : هي ثلاثة أيام بعد يوم العيد ، وللخروج من خلاف العلماء ، فالأفضل ألا يؤخر المسلم الأضحية حتى اليوم الرابع من أيام العيد ، بل يسارع إلى الذبح في اليوم الثالث من أيام العيد إن تأخر عن الذبح قبل يوم النحر ( يوم العيد ) ، مع العلم أن غروب الشمس يعني إنتهاء اليوم وبالتالي فغروب شمس آخر أيام التشريق لا يجوز بعده ذبح الأضحية .
المسألة السابعة : وأما سن الأضحية التي يجزئ التضحية بها فهو على التفصيل الآتي :
أولا : الجذعة من الضأن وهي ما استكمل سنة على الأرجح ، أو استكمل ستة أشهر على قول آخر .
ثانيا : التنية من المعز وهي ما استكمل سنة أو سنتين .
ثالثا : التني من الابل وهو ما استكمل خمس سنوات ودخل في السادسة .
رابعا : والبقر ما استكمل سنتين ودخل في السنة الثالثة ، مع ملاحظة أنه يجوز أن يشترك في الإبل سبعة وفي البقر سبعة أشخاص ، لحديث جابر بن عبد الله قال : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلّين بالحج ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة ببدنة ) .
المسألة الثامنة : والعبرة في الأفضل التضحية به من الأنعام هو كثرة اللحم ، وطيبه وجودته ، لهذا اختلف العلماء في الأفضل ، فقال بعضهم الناقة أفضل من البقر لأنها أعظم ، وبعضهم قال الكبش أفضل لأن لحمه أطيب ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أخرنين أملحين ( أبيضين ) .
 
المسألة التاسعة : وأما الشاة الواحدة ، فتجزئ عن الشخص الواحد وعن أهل بيته كزوجته وأقاربه الملزم بنفقتهم ويسكنون معهم ، لأن عطاء بن يسار سأل أبا أيوب الأنصاري : كيف كانت الضحايا منكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كان الرجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ، فيأكلون ويطعمون ) .

المسألة العاشرة : وللمسلم المضحي أن يأكل من أضحيته على وجه الاستحباب كما ذهب إلى ذلك جمهور الفقهاء ، لقول الله تعالى : ( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل من الأضحية .

المسألة الحادية عشرة : ويجوز للمسلم المضحي أن يأكل الثلث هو وأهله ، ويهدي بثلث للأقارب والأصدقاء ويتصدق بثلث على الفقراء ، ويجوز له أن يأكل نصفها هو وأهله ، وأن يوزع نصفها الآخر هدية وصدقة ، وليس في تقسيم الأضحية قولا واحدا ، ولكن على المسلم أن يستجيب لقوله تعالى ( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) ، وأن يتبع هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث روى ابن عباس عن صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ويطعم أهل بيته الثلث ، ويطعم فقراء جيرانه الثلث ، ويتصدق على السؤال بالثلث ) .

المسألة الثانية عشرة : ولا تجوز الأضحية بالأنعام التي فيها عيوب ظاهرة كالعور والعرج والمرض والعجف ، أو فيها عيوب تماثلها أو أكثر منها ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين عرجها ن والعجفاء التي لا تنقى ) أي  لا تسمن .

المسألة الثالثة عشرة : ويجوز التضحية مع الكراهة بالتي لم يخلق لها قرن أو انكسر قرنها وبالمشقوقة الأذن أو أذنها مثقوبة ثقبا مستديرا

المسألة الرابعة عشرة : ويحرم على المضحي الانتفاع بجلد الأضحية ببيعه أو بيع لحمها أو شحمها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من باع جلد أضحيته فلا أضحية له ) ، ولكن يجوز الانتفاع به كاتخاذه سقاء كما فعلت السيدة عائشة رضي الله عنها .



0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More