تعديل

الجمعة، 26 مايو 2017

من فقه القرآن : رمضان والطاعات


من فقه القرآن
رمضان والطاعات
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام خطيب المسجد الأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس


قال الله تعالى: «شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان...الخ » سورة البقرة اية: 185 .

 فقه الاية الكريمة وفوائدها في المسائل الاتية:

المسألة الأولى: قال مجاهد من علماء السلف: «كتب الله رمضان على كل امة » وقال اهل التاريخ: اول من صام رمضان نوح عليه السلام لما خرج من السفينة.

المسألة الثانية: قوله تعالى «شهر رمضان :» الشهر في اللغة: مشتق من الاشهار، فلا يتعذر معرفته على احد لانه مشتهر، ولذلك فشهر رمضان مشتهر عند المسلمين انه شهر فرض الله فيه الصيام على المسلمين، ولذلك يقال في هذا الامر وما يشبهه: معلوم من الدين بالضرورة، فلا يسوغ احد انكاره، او ادعاء الجهل به، الا ان يكون قريب عهد بالاسلام. وتقول العرب: شهرت السيف اي: سللته ورمضان شهر كالسيف مسلول، اشهره الله تعالى بالامر بصيامه، ولم يذكر شهراً باسمه في القرآن الكريم غيره، واشهره النبي صلى الله عليه وسلم في عديد الاحاديث الشريفة امراً بصيامه، ناهياً عن انتهاك حرمته، داعياً الى استغلال بركاته وخيراته، والمسلمون على مر الدهور، وكر العصور، اشهروا شهر رمضان، بالاحتفال بقدومه، وتمييزه عن بقية الاشهر، بالتشمير عن ساق العبادة فيه، والاجتهاد اثناءه بالطاعات وفعل الخيرات والانتهاء عن المحرمات.


المسألة الثالثة: وقوله «رمضان » مشتق من رمض الصائم: اذا خرّ جوفه من شدة العطش. والرمضاء: شدة الحر، وقد ذكر العلماء ان رمضان والم الحظ ان رمضان في هذا العام يأتي في وقت يشتد فيه الحر، وسيأتي في الاعوام السبعة القادمة في شدة الحر، ولهذا على المسلم الصائم ان يوطن نفسه على الصبر، والاجر-كما يقال-على قدر المشقة.

المسألة الرابعة: ويقال: سمي رمضان بهذا الاسم لانه يرمض الذنوب، اي: يحرقها بالاعمال الصالحة، وهو مأخوذ من الارماض وهو الاحراق. وقيل: سمي بذلك، لان القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة والفكرة في امر الاخرة، كما يأخذ الرمل والحجارة من حر الشمس، وقيل: هو مأخوذ من رمضت النصل اذا دققته بين حجرين، حيث كانوا يرمضون اسلحتهم في رمضان ليحاربوا بها في شوال قبل دخول الاشهر الحرم.

المسألة الخامسة: واما قولنا في المسألة الرابعة ان رمضان يحرق الذنوب بالاعمال الصالحة فهذا صحيح، مواقف لما جاء في الاحاديث النبوية الشريفة، والصيام جنة اي وقاية من السيئات والنار. ولكن نرى الناس اليوم، اعني المسلمين يخلطون بين الاعمال الصالحة والذنوب في شهر رمضان، مع ان الواجب هجر الذنوب بالكلية، فرمضان توصد فيه مردة الشياطين، وتغلق فيه ابواب الجحيم، وتفتح به ابواب الجنة، فنلاحظ ان بعض الصائمين لا يتميز في رمضان بالاعمال الصالحة ومن الامثلة على ذلك، انهم يجعلون جزءاً من نهارهم واغلب ليلهم للفضائيات يشاهدون فيها الزنا والفجور والحرام ولا ينتهون عن ذلك، وأيضا نرى منهم في شهر رمضان الغضب وعدم الصبر واثارة المشاكل والشجار مع الناس، وغير ذلك من العادات القبيحة، فهل تذكر هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم وايضا: «رب صائم ليس له من صومه الا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه الا السهر .»

المسألة السادسة: واذا كان رمضان يأخذ القلوب بمرارة الموعظة كما قلنا في المسألة الرابعة، فاننا نرى قلوبا في زماننا كالحجارة بل هي اشد قسوة، لا تؤثر فيها موعظة، ولاتنفعها نصيحة، ومن الامثلة الدالة على ذلك الذين يطلقون المفرقعات والذين يبيعونها، واطلاقها وبيعها حرام شرعا، لان فيها ايذاء للمسلمين، ولأنه انفاق في معصية فهو اسراف لايقبله الله من مسلم، فهل الذي يبيع المفرقعات ثم يفتخر انه باع في يوم واحد، بمبلغ خمسين الف شيكل في منطقة سكنية واحدة، هل هذا تؤثر فيه المواعظ، وهل هو صائم على الحقيقة، وهل الذي يشتريها يؤذي الناس، فبعضهم يقتل، وبعضهم تبتر اطرافه، وبعضهم لا ينام الليل من الخوف كالاطفال، هل هذا مسلم بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده » وهل هذا صائم يقبل صيامه؟!!

المسألة السابعة: قوله تعالى «الذي انزل فيه القرآن »: هذه صفة لشهر رمضان، انه انزل فيه القرآن، والقرآن الكريم انزله الله تعالى، ليكون منهاج حياة للناس، ودستورا لهم، ولم ينزله الله عز وجل لتتلى آياته في بيوت العزاء، او لتعلق اياته وسورة على جدران المنازل والمؤسسات. والمسلم الصائم اذا اراد ان يكون من حملة القرآن الكريم، ومن الذين يرضى الله عنهم.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More