تعديل

الاثنين، 21 مارس 2016

خطبة الجمعة مكتوبة 13/6/2014م .. الثبات.

خطبة الجمعة
13/6/2014م
 "الثبات"

الحمد لله رب العالمين الذي قال (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون )هذا ما وعدوكم الله به ، فعدوكم مقهور ، وهو عما قريب سيزول،فتنافسوا في نصرة دينكم والعض عليه بالنواجذ ، والإقبال على الطاعات ،والكف عن المعاصي والمحرمات...
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب ...   حتى عصى ربه في شهر شعبان
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما ...         فلا تصيّره أيضا شهر عصيان
واتل الكتاب وسبّح فيه مجتهدا...        فإنه شهر تسبيح وقرآن

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولي المؤمنين الصادقين ، ونصير المسلمين المستضعفين ، جعل تقواه أقوى عدة عند البلاء ، وأمضى مكيدة عند الضراء ،فقال سبحانه :" إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين" وقال أيضا:" ومن يتق الله يجعل له مخرجا"اللهم اجعلنا من عبادك المتقين ، واجعل لنا ولأسرانا فرجا ومخرجا ، وفرج كربات المسلمين أجمعين .

 ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله ، دعا إلى كل خير ورشاد ،ونهى عن كل شر وفساد ، صاحب المناقب الفاخرة ، من تبعه سعد في الدنيا والآخرة،قال وهو الصادق المصدوق :"إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته "،وقرأ:"وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد"اللهم يا فعّال لما تريد شدد قبضتك على الظالمين وخذهم بعذابك الأليم الشديد .
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
تعذيب أسرى المسلمين وإلحاق الضرر بهم هو ديدن الكفار والمشركين ، ولقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن صور من  تعذيب الكفار والمشركين لأسرى المسلمين فقال :"لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق بإثنين ما يصرفه ذلك عن دينه" ،واليوم يعذب أسرانا بالاعتقال الإداري الظالم ومن غير سبب

ويعذبون بإلجائهم إلى الإضراب عن الطعام والشراب ، ويعذبون بحرمانهم من مقومات الكرامة الإنسانية والتي في مقدمتها الحرية ،ومع كل هذا فإن أسرانا يضربون أروع الأمثلة في الثبات على الحق ،مقتدين بالصحابة الكرام ،ولسان حالهم يقول :
سأبقى صامدا زادي كتابي ...    وقول المصطفى فيه ائتلاقي
سأبقى يا أبي  حصنا منيعا ...    سأبقى في سماء المجد راقي

أيها المسلمون:
في سجون الاحتلال ما يزيد عن ستة آلاف أسير ما بين رجل وامرأة وطفل ،  يواجهون خطر القتل صبرا ، والصبر هو ترك الأسير مقيدا في الأغلال من غير طعام وشراب حتى يموت ، وقد نهى النبي صلى الله  عليه وسلم عن قتل الصبر ،وقال : فوالذي نفسي بيده لو كانت دجاجة ما صبرتها"، ونحن نطالب المجتمع الدولي أن يتدخل لإنقاذ حياة الأسرى المضربين في السجون ،ولإطلاق سراحهم ليعيشوا أحرارا بين أهلهم وذويهم ، ونقول : تعس السلام الذي يبقي أطراف النزاع المعتدى عليهم في المعتقلات ؟ وتعست المفاوضات التي لا تسترد حقا ، ولا تسعى في فكاك أسير.
أيها المؤمنون:
إن فكاك الأسرى فرض على المسلمين ، قال ابن تيمية :" فكاك الأسارى من أعظم الواجبات " وقال القرطبي في تفسيره:" فداء الأسرى واجب وإن لم يبق درهم واحد" ،وقال العز بن عبد السلام :" وإنقاذ أسرى المسلمين من أيدي الكفار من أفضل القربات"،وقال أبو بكر الجصاص :" وهذا الحكم من وجوب مفاداة الأسرى ثابت علينا" ،هذه يا عباد الله أقوال المذاهب الفقهية الأربعة المعتبرة في وجوب فكاك الأسرى ، لتعلموا أهمية هذا الواجب عليكم ، فما بالنا نعرض عن أحكام ديننا ، ولا نرعى حرمة أسرى المسلمين التي هي أعظم من حرمة الأوطان؟؟؟

يا عباد الله ، يا مسلمون:
فرض الإضراب عن الطعام والشراب على أسرانا  من أجل نيل حريتهم ، وفي الوقت الذي نستقبل فيه شهر رمضان وذلك بعد أسبوعين ،فإن الله تعالى فرضه علينا من أجل أن ننال حريتنا في الدنيا من الكفر والمضلات ، ومن الشهوات والشبهات ، ومن أجل أن ننال حريتنا في الآخرة من العتق من نار جهنم ، فاعلموا هذا وافقهوه ، واستقبلوا شهر رمضان بالتوبة النصوح والاستغفار ، فدنياكم  ستنقضي بأفراحها وأحزانها، وأعماركم ستنتهي على طولها وقصرها ، فالله تعالى يقول :" كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون"

 فطوبى لبطون تجوع في سبيل الله ،وهنيئا لأكباد تظمأ لمرضاة الله ، وهنيئا لمن صام إيمانا واحتسابا ، فجددوا الإيمان في قلوبكم ، واغسلوا جوارحكم بالتوبة والإنابة ، فهذا رسولكم صلى الله عليه وسلم يقول لكم :" أتاكم رمضان شهر مبارك ، فرض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء ،وتغلق فيه أبواب جهنم " فاللهم افتح لنا أبواب السماء بالخيرات ، وارزقنا الجنة وما قرب إليها من عمل،وحرّم أجسادنا على النار.
أيها المؤمنون:
أسرانا في المعتقلات يضربون عن الطعام والشراب ، لأنهم يكرهون السلاسل والقيود والأغلال ، فيبذلون حياتهم رخيصة من أجل الخلاص منها ، فما بال كثير من المسلمين اليوم يوثق نفسه في شهر رمضان  بالأغلال  والقيود أما الفضائيات لتسرق وقته ،ولتفسد عليه صيامه فلا يخرج منه بأجر، فحرروا أجسادكم وأنفسكم من أغلال الفضائيات ، واعلموا أنكم مسئولون عن أوقاتكم يوم القيامة ،فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ،وذكر منها : عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه؟


 يا مؤمنون ، يا مسلمون:
أنتم في بيت المقدس وأكنافه ، على اختلاف مدنكم وقراكم ،وعلى اختلاف عائلاتكم وقراباتكم ، وعلى اختلاف لهجاتكم  وألوانكم ،دينكم واحد وهو دين الإسلام وكتابكم واحد وهو القرآن ، ونبيكم واحد وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، فراجعوا دينكم، وانظروا أين الخلل في واقعكم الذي تعيشونه ، أصلحوا ما فسد ، وكونوا وحدة كالجسد، تناصروا لحماية أقصاكم ، والتفوا حول بعضكم  للحفاظ على قدسكم ومقدساتكم ،فقد قال رسولكم صلى الله عليه وسلم

:"إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا،فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال" فكونوا يا عباد الله في هذه الظروف الصعبة صفا واحدا ، متعاونين على البر والتقوى ،ومتناهين عن الإثم والعدوان، يقول الله عز وجل :" ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين

يا مسلمون:
 غيروا ما بأنفسكم ، فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر كي تتقوا غضب الله  ، امنعوا المنكرات في الأسواق والبيوت والطرقات وتفقدوا أبناءكم وبناتكم وزوجاتكم بالصلاح والإصلاح ، حاربوا التبرج والاختلاط  ،فإن الله عز وجل يأذن بخراب القرى إذا كان فيها علماء لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن  المنكر ،وإذا خرجت نساء المسلمين عاريات متبرجات .
 يا مؤمنون:
اخلعوا قبل دخولكم شهر رمضان الشحناء والبغضاء والقطيعة ، فكل ذلك من موانع المغفرة ، فمن كان عاقا لأبويه ، ومن كان قاطعا لرحمه ، ومن كان مؤذيا لجيرانه وللمسلمين ، ومن كان يطلب الرزق بالمال الحرام كفتح المقاهي لإضلال المسلمين وارتكاب المحرمات من القمار وتضيع الصلوات وإفساد الشباب ، كل أولئك عليهم المبادرة لتطهير قلوبهم  ونفوسهم وجوارحهم وأبدانهم من المعصيات والشبهات، وأسألوا الله دائما أن يثبت قلوبكم على دينه ، فقد كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :" يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك ،واهدنا واهد بنا ،وبلغنا شهر رمضان آمنين ،وارزقنا صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا ، وتقبل منا الصيام والقيام وسائر الأعمال الصالحات ،فإنك يا ربنا أهل التقوى وأهل المغفرة.
 عباد الله:استغفروا الله فإن الله غفور رحيم ،و ادعوه وأنتم موقنون بالإجابة.



الخطبة الثانية
13/6/2014م


الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ،وصفوته من خلقه ، بلغ الرسالة ،وأدى الأمانة ،ونصح الأمة ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وتابعيهم وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 أما بعد ، يا مسلمون:
ثقوا بنصر الله ووعده ، ولا تغتروا بالباطل وكثرته وجبروته وشوكته ،فالعباد جميعا تحت قهر الله وقوته ، يقول الله عز وجل :" لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد"





 ، ، وشتان شتان بين من ينصر الله ويواليه وبين من يكفر به ويعاديه ! وقد قال الله تعالى :" أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون".
 أيها المسلمون:






انتصروا على أهوائكم وأنفسكم ، وطبقوا شريعة الله في مناحي حياتكم كلها ، واستقيموا على دين الله ، فهذه طريق العزة والعلو في الأرض ونفض الوهن عن القلوب الذي أخبرنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم :" يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها ، قال الصحابة : يا رسول اله ، أمن قلة بنا يومئذ؟ قال : "أنتم يومئذ كثير ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ، تنتزع المهابة من قلوب عدوكم ، ويجعل في قلوبكم الوهن" قال الصحابة: وما الوهن يار سول الله ؟ ، قال :" حب الدنيا وكراهية الموت".





















يا عباد الله:
إنكم ترون تقاعس العرب والمسلمين عن نصرة المسجد الأقصى، ولا ناصر له إلا الله ثم أنتم ، فقد اختاركم الله لتكونوا أهله وجيرانه ،فكونوا خير جار له فلا تقطعوا وصله ، وكونوا خير أهل له فحافظوا على انتمائكم له ، ولا تؤذوا رحابه الطاهرة ببيع أو شراء أو جمع للتبرعات أو التسول أو إعطاء المتسولين فيها  فهي جزء منه ورحاب المسجد من المسجد كما نص على ذلك الفقهاء ،وانتهاك رحابه منكم يغري به عدوكم ، فلا أربح الله من باع في رحابه أو اشترى، أو انتهك حرمته بما حذرنا منه ، فاتقوا الله واحفظوا للمسجد الأقصى حقه من الرباط والقداسة (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).










أيها المؤمنون:
إن شعبنا خاصة والمسلمون عامة  يحتاجون إلى مراجعة القرآن الكريم والسنّة النبوية ،وما أجمع عليه خير القرون ، ليسيروا على هديه في حل قضاياهم المعاصرة ،والفتن الحاضرة ، فمن تلك الأصول ننهض بالواجبات ، ونحمل بجدارة المسؤوليات ،وقد أمرنا الله بذلك في مواطن عديدة منها قوله تعالى :" أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده"، فهذا هو طريق الصدق التي لا كذب فيها ، وطريق الإخلاص التي لا رياء فيها ،وطريق التقوى التي لا هوى فيها ،وطريق العبادة التي لا شرك فيها ، وطريق الثقة بالله التي لا أراجيف ولا تخذيل فيها ،وصدق الله العظيم

حيث يقول :" ولولا فضل الله عليكم لاتبعتم الشيطان إلا قليلا"، فالكرامة المسلوبة والحقوق المنهوبة والأراضي  المغصوبةلا ترجع إلا بطريق الإسلام الذي هو دين القيمة ، والذي به صرتم خير أمة أخرجت للناس.
 يا عباد الله :










 هذه بعض أسباب نصركم وخلاصكم وتفريج كرباتكم ،فاستعينوا بالله ربكم ،وأكثروا من الدعاء ،ففي الحديث الشريف :" ثلاثة لا ترد دعوتهم : " الصائم حتى يفطر ،والإمام العادل ، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ،ويفتح لها أبواب السماء ،ويقول لها الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين"،فأنتم من المظلومين ، وعما قريب ستصومون صائمين ،فأكثروا من الدعاء لكم وللمسلمين ..


اللهم وحد صفنا ،واجمع كلمتنا لإعزاز الدين ، وانصرنا على القوم الكافرين ، اللهم بلغنا رمضان سالمين ،وارزقنا الصيام والقيام فيه آمنين ، وتقبله منا ومن سائر المسلمين ، الهم أنج أسرانا ، وانصرهم على عدوهم ، وارزقهم إطلاق سراحهم ، واجمعهم بأهلهم وذويهم أحرارا سالمين ، اللهم اجعلنا وذرارينا في هذه الأرض من المرابطين ،واجعلنا من الظاهرين ، اللهم احفظ المسجد الأقصى بحفظك ،وتوله برعايتك ، وارزقنا الغدو والرواح إليه في كل وقت وحين


،اللهم انصر المسلمين في بورما والصين وفي كل مكان ، ومكنهم من رقاب المشركين والملحدين ، اللهم انصر الإسلام وأعل كلمته ومكّن للمسلمين ، واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولمن لهم حق علينا ، واغفر اللهم للمسلمين وا لمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك يا ربنا سميع الدعاء .
 وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة:"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون".











0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More