تعديل

السبت، 19 مارس 2016

من فقه القرآن : (الرشد في الإنفاق)

(الرشد في الإنفاق)  
الشيخ الدكتور محمد سليم
محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك

قال الله تعالى: (والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) سورة الفرقان : 67 فقه الاية الكريمة وفوائدها في المسائل الاتية:

المسألة الاولى: النفقة اما ان تكون في طاعة الله، واما ان تكون في معصيته عز وجل.


المسألة الثانية: اما النفقة في الطاعات، كالنفقة على العيال، وكنفقة القريب الغني الموسر على القريب الفقير العاجز عن الكسب، وكنفقة الزوج على زوجته.


المسألة الثالثة: ونفقة الزوج على زوجته واجبة عليه، لا تسقط عنه حتى ولو افتقر، ولها احكامها في الفقه الاسلامي، ولوجوب هذه النفقة وخطورة التقصير فيها، فان الاسلام اعطى الزوجة حق طلب التفريق بينها وبين زوجها اذا اعسر بالنفقة، لان الجوع لا صبر عليه، والاسلام لا يترك الزوجة بين يدي زوجها من غير نفقة كي لا تتعرض للفتن، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف ان الزوجة تقول لزوجها «اما ان تطعمني واما ان تطلقني.


المسألة الرابعة: واذا عرفنا وجوب الانفاق على الزوجات والذي هو من أسس القوامة عليهن كما قال الله تعالى:الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما انفقوا من اموالهم، فانه مما يتنافى مع الرجولة او المروءة، ان نرى بعض الازواج لا يعمل وهو قادر على العمل والكسب، ويترك زوجته واولاده من غير نفقة، فتضطر المرأة ان تترك بيتها لتعمل، او ان تذل نفسها لاقاربه او اصدقائها، فبئس الزوجه ذا الزوج، وبئس الرجل هذا الرجل.


المسألة الخامسة: ومن صور تعريض الزوجة للفتنة بسبب النفقة، ان يترك الزوج زوجته، تطرق ابواب المؤسسات للفتن.


المسألة السادسة: واما النفقة في المعصية، فلها صور عديدة في زماننا هذا، اذكر صورة واحدة منها، وهي منتشرة في مجتمعنا الفلسطيني، وهي النفقة في الاعراس على الحفالت الموسيقية والغنائية وعلى زينة النساء وتبرجهن، وفي شراء المفرقعات والرصاص، لاطلاقه، فكل ذلك انفاق في معاصي الله تعالى! وبدل ان يفتتح «العريس » باب حياته الزوجية بطاعة الله، يفتتحه بمعصيته، ولذا نرى ان الله لا يبارك في هذا الزواج، فاما ان تظل الحياة بين الزوجين قائمة على الخلاف والشقاق، واما ان تنتهي بالطلاق، ومن عجيب امر الناس اليوم انهم يطالبون بتخفيف المهور والحد من غلائها! ولو اردنا ان نحسب الارق ام، لرأينا ان من يقيم حفل زفافه بالانفاق على المحرمات التي ذكرناها، لا يستأهل المساعدة في تخفيف المهر عنه، فتكاليف الحفل الغنائي مع تكاليف «المكياج » القريبات للعروسين مع ثمن المفرقعات والعيارات النارية التي تطلق في الاعراس تزيد عن الثلاثين الف شيقل، اي انها تساوي ثلثي المهر المطلوب من العريس، فكيف يطالب هؤلاء بالتخفيض من المهور وهي حق للزوجة، مع انفاقهم على الحرام بما يعادل ثلثيه!!.


المسألة السابعة: والانفاق في غير طاعة الله هو الاسراف الذي ذكره الله في الاية«والذين اذا انفقوا لم يسرفوا »، قال ابن عباس: «من انفق مائة الف في حق فليس بسرف، ومن انفق درهما في غير حقه فهو سرف .»


المسألة الثامنة: وقد نهى الله تعالى عن التبذير الذي هو الاسراف، فقال سبحانه في سورة الاسراء )ولا تبذر تبذيرا( اي: لا تسرف في الانفاق في غير حق. وقد قال الامام الشافعي: «والتبذير انفاق المال في غير حقه » وقال الامام مالك: «التبذير اخذ المال من حقه ووضعه في غير حقه .»


المسألة التاسعة: والاسراف الذي هو التبذير حرام، لقوله عز وجل )ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين( اي: كانوا في حكم الشياطين.


المسألة العاشرة: واغرب ما أراه اليوم من الناس، انهم يضعون اموالهم في بطونهم، وعلى اجسامهم، وقد قال حاتم الطائي: اذا انت قد اعطيت بطنك سؤله وفرجك نالا منتهى الذم اجمعا واوصى الفاروق عمر ابنه عاصما قائلا له: «يا بني، كل في نصف بطنك، ولا تطرح ثوبا حتى تستخلقه، ولا تكن من قوم يجعلون ما رزقهم الله في بطونهم وعلى ظهورهم. وقال الفاروق ايضا: «كفى بالمرء سرفا الا يشتهي شيئا الا اشتراه فأكله .»


المسألة الحادية عشرة: واذا عرفنا هذا، وجب علينا ونحن نعيش في ضيق من العيش، وازمة مالية، ان نقلع عن الظواهر التي تتعارض مع قوله تعالى ( .. اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) .ومن هذه الظواهر:

اولا: شراء الكماليات كالتحف وغيرها: فبعض النساء تجعل من بيتها متحفا للكماليات، او قل سوقا لها ، وهذا انفاق في غير مكانه، وبخاصة اذا زاد عن حده الطبيعي.
ثانيا: وبعض النساء عندما تنزل الى السوق، لو استطاعت ان تضع السوق على ظهرها وتذهب به الى بيتها لفعلت، وهذا انفاق في غير محله، والمسلم مطالب بتربية نفسه وقمعها عن الاستجابة للشهوات ولو كانت مباحة، وقد جعل الله لنا في العام شهرا نؤدب فيه انفسنا بحرمانها من الشهوات نهارا وهو شهر رمضان، فلننتبه لهذا.
ثالثا: بعض الازواج يحرم اولاده وبناته من النفقات الاساسية الواجبة عليه، كالنفقة على التعليم، او شراء الملابس الشرعية للبنات، او غيرها، وقد قال العلماء عن الاية التي نتحدث عنها:
النفقة في معصية امر قد حظرت الشريعة قليلة وكثيرة، وكذلك التعدي على مال الغير، وهؤلاء الموصوفون وفي الاية - منزهون عن ذلك، وانما التأديب في هذه الاية هو في نفقة الطاعات في المباحات، فأدب الشرع فيها الا يفرط الانسان حتى يضيع حقا اخر، او عيالا ونحو هذا، والا يضيق ايضا ويقتر حتى يجيع العيال ويفرط في الشح، والحسن في ذلك هو القوام، اي: العدل. والقوام في كل واحد بحسب عياله وحاله، وخفة ظهره وجلده وصبره على الكسب، او ضد هذه الخصال، وخير الامور اوساطها.


المسألة الثانية عشرة: فالرشد في النفقة يرضي الله تعالى، ولا يجعل الانسان يفتقر، او يضيق على نفسه في العيش، من مظاهر الرشد في النفقة:

اولا: الانفاق في طاعة الله.
ثانيا: ترك الانفاق على المعاصي ولو كان بشيقل او دينار واحد.

ثالثا: عدم الاسراف في شراء الكماليات وغير الحاجيات الاساسية.

رابعا: الالتزام بالنفقة الواجبة على الزوجة والعيال،

خامسا: اعانة الزوجة الزوج على الرشد في النفقة، بالانفاق الضروري.

سادسا: ترك الانفاق في كل مباح، اي عدم التوسع في المباحات.

سابعا: ان تنفق مما زاد عندك من مال، على المحتاجين من الاقارب والاباء وفي وجوه الخير.


وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله
وصحبه وسلم









0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More