تعديل

السبت، 19 مارس 2016

من فقه القرآن : الخلق العظيم

من فقه القرآن
الخلق العظيم
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
أستاذ الفقه المقارن/ جامعة القدس

قال الله تعالى: «وانك لعلى خلق عظيم .» فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية:


المسألة الأولى: الآية امتداح للرسول صلى الله عليه وسلم، من الله الخالق العظيم، وفي هذا شرف للرسول عليه الصلاة والسلام، وشرف لأمته، لانهم اتباعه، ولأنهم يسيرون على خلقه الممدوح به.



المسألة الثانية: الخلق العظيم هو دين الاسلام.

المسألة الثالثة: والخلق العظيم هو الالتزام باحكام القرآن،. فحين سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم قالت: «كان خلقه القرآن .»


المسألة الرابعة: وقال الحسن: الخلق العظيم هو: آداب القرآن، وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي عن هذه الآية الكريمة: «وانك لعلى خلق عظيم » أي: عالياً به، مستعلياً بخلقك الذي منّ الله عليك به، وحاصل خلقه العظيم خصته به آم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت: «كان خلقه القرآن » وذلك نحو قوله تعالى له «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين » وقوله «فبما رحمة من الله لنت لهم » وقوله لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم » وما اشبه ذلك من الآيات الدالات على اتصافه صلى الله عليه وسلم بمكارم الاخلاق، والآيات الحاثات على الخلق العظيم، فكان له منها اكملها وأجلها، وهو في كل خصلة منها، في الذروة العليا، فكان صلى الله عليه وسلم، ليناً قريباً من الناس، مجيباً للدعوة من اذا دعاه، قاضياً لحاجة من استقضاه، جابراً لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائباً، واذا اراد اصحابه منه امراً وافقهم عليه، وتابعهم فيه

المسألة الخامسة: ومن هذه الاخلاق التي هو لنا فيها قدوة، ونحن نستدبرها في هذا الزمان، خلق العفو عن الزلات، وعدم مقابلة السيئة بمثلها، ولو التزمنا في مجتمعنا الفلسطيني بهذا الخلق، لصلحت الكثير من امورنا، وأحوالنا، ولاجتمعت قلوبنا وما تفرقت ابداً.

المسألة السادسة: والرسول صلى الله عليه وسلم منذ ان بعثه الله تعالى، حدد الحكمة والغاية من بعثته، فقال: انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق.

المسألة السابعة: فكل تعاليم الاسلام وشرائعه، مرتبطة بالاخلاق، ومن ذلك فريضة الصلاة، فهي عبادة لها آثارها الدنيوية، وهي ترك الاخلاق السيئة من الفواحش والمنكرات، كما قال الله سبحانه: اقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .» فلماذا لا يكون لصلاة المسلمين اليوم هذا الاثر في حياتهم؟ وعلى هذا تقاس كل العبادات والشعائر والاحكام.

المسألة الثامنة: وفرد بلا أخلاق، بطن الارض خير له من ظاهرها، ومجتمع بلا اخلاق هو مجتمع الغاب والرذيلة، لأن الاخلاق ليست من ادوات الترفيه، او الكماليات، بل هي اساس في قيام المجتمع الفاضل.

المسألة التاسعة: والمسلم يكون على درجة عالية من الاخلاق، مع كافة المخلوقات، البشر وغير البشر، مع المسلم والكافر، ومع الطير والحيوان، ومع الهواء والماء لان الاخلاق في الاسلام، هي الدين كله، اليست هي الاسلام، كما فسّرها اهل التأويل؟ أليست هي التخلق بأخلاق القرآن الكريم، كما قالت عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها.


المسألة العاشرة: ولأن الاخالق يقوم عليها الدين كله، فقد شرع الاسلام الحدود، والعفو بات على الجرائم الخلقية، لتكون جابرة وزاجرة، للأفراد والمجتمع لأن المجتمع المسلم يجب ان يكون نظيفا من كل خلق سيء، ومن كل ظاهرة لا علاقة نسبية بينها وبين الاخلاق الكريمة.

المسألة الحادية عشرة: وما نحياه في بيت المقدس واكنافه خاصة، وفي مجتمعنا الفلسطيني عامة، من انفلات شامل سببه «الانفلات الاخلاقي » ومن اهم اسبابه: العزوف عن التربية على تعاليم الاسلام، وفقداننا للقدوة الحسنة.. وما احسن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ان العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة، واشرف المنازل، وانه لضعيف العبادة، وانه ليبلغ بسوء خلقه اسفل درجة من جهنم.








0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More