تعديل

السبت، 19 مارس 2016

الوقاية من النار

بسم الله الرحمن الرحيم
الوقاية من النار
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
أستاذ الفقه المقارن / جامعة القدس


قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ.) [التحريم:6]
فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية:

المسألة الأولى : هذه الآية الكريمة أمر من الله تعالى للأزواج بإصلاح أنفسهم وإصلاح أهلهم.

المسألة الثانية : قوله تعالى (قوا أنفسكم) فيه أقوال وهي :
القول الأول : قوا أنفسكم وأهلكم النار.
القول الثاني : قوا أنفسكم النار,وأهلوكم عليهم أن يقوا أنفسهم ناراً.
القول الثالث : قوا أنفسكم,وأمروا اهليكم بذكر الله ودعائه حتى يقيهم الله بكم.
القول الرابع : قوا أنفسكم بأفعالكم وقوا أهليكم بوصيتكم.

المسألة الثالثة : ورجح ابن العربي من علماء المالكية القول الرابع,لان العطف يقتضي المشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه بالفعل.

المسألة الرابع : فالواجب على الرجل,بنص الآية الكريمة شيئان,
الأول : إصلاح نفسه,بإصلاح أفعاله وأقواله,فتكون وفق تعاليم الشرع,فلا يخرج عنها.
والثاني : إصلاح الرحل أهله,زوجته وأولاده وبناته,ويدل على هذا الواجب,قول النبي صلى الله عليه وسلم :
(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم,والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم.

المسألة الخامسة : فالأب أو الزوج,يأمر أهله بالطاعات,وينهاهم عن المنكرات,ولا يكفي بالأمر والنهي,بل استعمال القوة,معهم,إن هم رفضوا بعد البيان والتوضيح والإقناع,لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده) والأمر بتغيير المنكر باليد هو لذوي السلطة كالآباء والأزواج وغيرهم.

المسألة السادسة : ووقاية الولد من النار بأمره بطاعة الله,ونهيه عن معصيته,يفهم من قوله تعالى : (قوا أنفسكم),لان الولد جزء من أبيه.

المسألة السابعة : ومن واجبات الولد على أبيه,أن يعلمه أحكام الحلال والحرام,ويجنبه المعاصي والآثام,وما يجب عليه من أحكام الدين,فان عجز الأب عن ذلك,لقلة علمه,وجب أن يعلمه أحكام الدين في الأماكن المعدة لها كالمساجد وكليات الشريعة في الجامعات ودور القران الكريم والحديث الشريف.

المسألة الثامنة : ومن حق الولد على أبيه,إن يؤدبه,ويربيه على الأخلاق الحسنة,فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (‏ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن).

المسألة التاسعة : وفرض على الأب أمر أولاده بالصلاة,ومتابعتهم في كل الأوقات للتأكد من أدائها,لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها).

المسألة العاشرة : وللزوجة على زوجها حق الأمر بالطاعة,والنهي عن المنكر,وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوثر يقول : (قومي فأوثري يا عائشة),وكان يقول : (أيقظوا صواحب الحجر).

المسألة الحادية عشرة : وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم كيف يقي الزوج أهله حين سأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلاً له نقي أنفسنا؟ فكيف لنا بأهلينا ؟ فقال : تنهونهم عما نهاكم الله, وتأمرونهم أمر الله..
المسألة الثانية عشرة : وليس للزوج مناص من أداء هذا الواجب,فقائل من التابعين يقول : ذلك حق عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وامائه وقال الكي  : فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير,وما لا يستغنى عنه من الأدب.

المسألة الثالثة عشرة : وإذا علم الإباء هذا الواجب فعليهم أن ينهضوا لأدائه قبل فوات الأوان بخراب أسرهم في الدنيا!وعذابهم في الآخرة,فان ما نراه اليوم من فساد الأبناء,وسوء أخلاقهم,وشرور أفعالهم,إنما هو نتيجة لترا في الآباء عن مسؤوليتهم تجاههم بالتربية والتأديب.

المسألة الرابعة عشرة : والزوجة (الأم) مسؤوله مع الرجل في أداء واجب التربية والإصلاح للأبناء ولا تعض منه (فالمرأة راعية في بيت زوجها)..وكلاهما,الأب والأم مسؤولان,فان قصرا في المسؤولية عن الابناء خربت الأسر! واضطرب المجتمع,ولذلك كانت النار مصير كل مقصر منهما في الآخرة!





0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More