تعديل

السبت، 19 مارس 2016

من فقه القرآن : الأب الصالح

من فقه القرآن
الأب الصالح
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
استاذ الفقه المقارن /جامعة القدس

نتحدث عن الأب الصالح في القرآن من خلال المسائل الآتية :
المسألة الأولى : ذكر الله تعالى الأب الصالح بهذا اللفظ صراحة في القرآن ، فقال سبحانه( وكان أبوهما صالحا )، وبين في الآية ثمرة صلاح الأب في الدنيا ، بحفظ ماله لأولاده من بعده ، وعدم ضياعه ، فقال ( فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ,ويسخترجا كنزهما رحمة من ربك ) فصلاح الأب سبب في حفظ ذريته من بعده ، وحفظ ما ادخره لهم )

المسألة الثانية : الأب الصالح شديد الحرص على استقامة ذريته على الهدى والاسلام والثبات على الدين وأحكامه فهذا يعقوب عليه الصلاة والسلام وقبل خروجه من الدنيا يريد أن يطمئن على سلامة ايمان أولاده بعد موته فيسألهم ( ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك واله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق الها واحدا ونحن له مسلمون )

المسألة الثالثة : ومن صفات الأب الصالح خوفه على أولاده من الفتنة والانحراف ، فيلجأ الى الله تعالى بالدعاء ويلح في دعائه أن تكون ذريته صالحة كما فعل زكريا ( رب هب لي من لدنك ذرية طيبة ) ،واذا كان من أولاده مقصر في أداء فريضة ،دعا الله تعالى له باتمامها، أو كان مجترئا على معصية دعا الله له بحفظه منها، كما دعا ابراهيم ربه ( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ) ،ولا بأس أن يدعو المسلم قائلا رب اجعلني مقيم الصلاة أنا وذريتي ،لأن المسلم ذريته مخصوصة محددة ، بينما ذرية ابراهيم عليه الصلاة والسلام كل من اتبعه ، وليس كل المسلمين على درجة واحدة من الطاعة والاستقامة .
المسألة الرابعة: الأب الصالح لاييأس من دعوة أولاده الى الاستقامة على الحق والدين ، ولو وجد منهم عنادا واستكبارا ، لأن هذا واجب عليه يأثم بتركه ، ولأن أولاده فلذة كبده ، ويخاف عليهم من كل مكروه وأذى ، فكيف اذا كان هذا المكروه هو عذاب النار وسدنا نوح قدوة لنا في ذلك ( ونادى نوح ابنه قال يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ) وكان هذا النداء في آخر لحظات اللقاء بينها ، فلم يمنع الطوفان نوحا عليه السلام من دعوة ابه الى الخير .
المسألة الخامسة: الأب الصالح يفت بابا للحوار مع أولاده فيما هو خير ،ويعطيهم ثقة بأنفسهم من خلال الاستماع والأصغاء الجيد لهم ، ومن خلال احترام ارآئهم ، وبخاصة اذا كانوا بالغين كما فعل يوسف مع ابنائه ( اذ قال يوسف لأبيه يا أبت اني رأيت أحد عشر كوكبا ......... ) وحاره عليه السلام مع ابنائه كلهم ، وهذا واضح من خلال السورة امن يتلوها .
المسألة السادسة : الأب الصالح يزرع في قلوب ابنائه الأمل ،ويدفعهم الى كل عمل نافع ، فسيدنا يعقوب يقول ليوسف (وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك ..... ).
المسألة السابعة : الأب الصالح لايستبد برأيه ، بل يأخذ برأي أولاده ان كان في ذلك مصلحة متحققة لهم ، فيعقوب استجاب لأولاده باصطحاب أخيهم يوسف معهم ، رغم كراهته لذلك ( قال اني لحزنني أن تذهبوا به.....)
المسألة الثامنة :الأب الصالح يحرص على مصلحة أولاده ، ويظل دائم التحذير لهم من كل شر يتوقع أن يصيبهم، فيعقوب لخشيته على ابنلئه من الحسد ومن شر الناس ، يحذرهم قائلا ( يا بني لاتدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ) ، وهو حين يحذرهم من خطلر أو شر ، يبين لهم طريق النجاة والوقاية منه ، كما قال يعقوب لأبنائه ( وادخلوا من أبواب ومتفرقة).
المسألة التاسعة : الأب الصالح دائم الانشغال والسؤال عن أولاده ما داموا خارج البيت ، ويطلب من أقاربهم متابعة أحوالهم والسؤال عنهم ، فيعقوب يطلب من ابنائه البحث عن أخيهم يوسف والسؤال عنه (يا بني اذهبوا فحتسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله ).
المسألة العاشرة : الأب الصالح له المكانة الأولى في البيت ، والاحترام ، وعلو الشأن ، وهذا ما فعله النبي الصالح يوسف بأبيه الصالح يعقوب ( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا )

اللهم ارزقنا الآباء الصالحين ، ونفعنا بهم يا رب العالمين.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More