تعديل

السبت، 19 مارس 2016

من فقه القرآن : خصال الخير

بسم الله الرحمن الرحيم
خصال الخير
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
أستاذ الفقه المقارن/ جامعة القدس


قال الله تعالى : (إن إبراهيم كان امة قانتاً لله شاكراً لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم واتيناه في الدنيا حسنة وانه في الآخرة لمن الصالحين) النحل 120-122 فقه الآيات الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية:


المسألة الأولى : الأنبياء عليهم الصلوات والتسليمات,قدوة للخلف,وقد جمعوا خصال الخير,فحري بالعاقل أن يقتدي بهم.

المسألة الثانية : وإبراهيم عليه الصلاة والسلام قد جمع خصال الخير,وأثنى الله عليه بها كما في الآيات السابقة.

المسألة الثالثة : وإبراهيم عليه الصلاة والسلام التي تتحدث الآيات عن صفاته,هو من أولي العزم من الرسل,وأولو العزم هم: إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ونوح,وقد سماهم الله (أولو العزم) لشدة ما لقوا من أذى الكافرين,ولصبرهم وثباتهم على الإيذاء والبلاء.


المسألة الرابعة : والمسلمون أتباع محمد صلى الله عليه وسلم,جدير أن يقتدوا بأولي العزم,فيصبروا على الإيذاء والابتلاء الذي يصيبهم,وذلك بالثبات على دينهم,وبالعمل من اجل نصرته.

المسألة الخامسة : وصف الله عز وجل إبراهيم عليه السلام بأنه (امة) فقال سبحانه: (إن إبراهيم كان امة) والرجل إذا كان عالماً جامعاً لخصال الخير ومعلماً للخير يسمى امة..

المسألة السادسة : وفي هذا تنبيه لعلماء المسلمين أن يكون كل واحد منهم (امة) وألا يكون (امعة) تابعاً,يفصل الفتاوي على مقاس الحاكم الذي يحكمه,بل ينطق بحكم الله تعالى,ثم يكون جامعاً لخصال الخير ومعلماً إياها للناس,فيكون بذلك عالماً عاملاً,وهذا نادر الوجود في زماننا,فقلما نرى عالماً قدوة للمسلمين,مع كثرة العلماء,وهذا سببه لان العلماء وضعوا الدنيا في قلوبهم فليتهم يضعونها تحت أقدامهم,أو على الأقل,يضعوها في جيوبهم.

المسألة السابعة : وقيل معنى (امة) أي مأموماً بمعنى: أن يؤمه الناس ليأخذوا منه كما قال سبحانه )إني جاعلك للناس إماما) .

المسألة الثامنة : فالعالم المسلم الجامع لخصال الخير والعامل بها,أي العالم الرباني,يذهب إليه الناس ويتبعونه ليأخذوا منه أحكام دينهم,أقوالا وسلوكاً,وأحكاما وعملاً..
فتعساً لعالم لا يكون قبلة للناس! وتعساً لعالم لا يقتدي به! وتعساً لعالم يتخذ الدين مطية للدنيا ولشهواتها..

المسألة التاسعة : ومن صفات الخير التي على المسلمين,وبخاصة العلماء منهم,أن يتصفوا بها,ضفة دوام الطاعة لله عز وجل,وهي صفة القنوت التي امتدح الله بها إبراهيم عليه السلام فقال في صفه انه كان (قانتاً) .

المسألة العاشرة : ومن صفات الخير,أن تكون كإبراهيم عليه السلام,فقد كان (حنيفاً) أي مائلاً عن الأديان الباطلة إلى الإسلام .

المسألة الحادية عشرة :  ولم يكن إبراهيم عليه السلام كما زعمت قريش,انه كان على دينها,وقد أكد الله هذا القول بقوله عن إبراهيم (ولم يكن من المشركين)..ولم يكن إبراهيم على دين غير دين الإسلام,كما أكد سبحانه في موطن أخر فقال (ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين).
المسألة الثانية عشرة : ومن خصال الخير التي كان عليها إبراهيم عليه السلام انه كان (شاكراً لأنعمه) أي شاكراً لنعم الله عليه ولو كانت قليلة ويدل على هذا جمع القلة فهو شاكرا لما كثر منها بالأولى.

المسالة الثالثة عشرة : فالمسلم حتى يجمع خصال الخير لا بد أن يحقق خصلة شكر نعم الله عليه كبيرها وقليلها بقلبه ولسانه وبجوارحه كلها وهو مع هذا الشكر بهذه الصفة مقصر في شكر نعم الله عليه (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها) وشكر نعم الله من العبد عدا عن كونها عبادة فهي أدب يتأدب به العبد مع ربه لان المنعم عليه من الأدب أن يشكر من انعم عليه.

المسألة الرابعة عشرة : ومن جمع خصال الخير فكان عالماً عاملاً بعلمه مطيعاً لربه في كل أحواله وشاكراً له سبحانه على نعمائه ولا يميل عن الإسلام إلى غيره من الملل الباطلة فان الله يجتبيه ويهديه ويرزقه الذرية الصالحة كما أكرم الله إبراهيم حيث اجتباه وهداه.

المسألة الخامسة عشرة : والاجتباء كما يكون للأفراد يكون للمجتمعات أما الفرد فيجتبيه ربه بان ان يرفع منزلته في الدنيا ويرزقه الذرية الصالحة ويذكر اسمه في مجامع الخيرات.
وأما الأمم الجامعة لخصال الخير هذه فان الله يمكن لها في الأرض وتكون الرعية صالحة وقد رأينا هذا في زمن ألنبوه الأولى وفي عهد الخلافة الراشدة.

وهي متحققة إن شاء الله تعالى في كل مجتمع مسلم يلتزم في هذه الصفات ولكل فرد مسلم يختص بها ويجعلها من صفاته الأصيلة التي يقيم حياته عليها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More