تعديل

الاثنين، 21 مارس 2016

خطبة الجمعة مكتوبة 9/1/2015م .. العاصفة الثلجية.

خطبة الجمعة
العاصفة الثلجية 9/1/2015م


   الحمد لله رب العالمين القائل وهو أصدق القائلين:"وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسيّ كثيرا ولقد صرّفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا"... العاصفة الثلجية "هدى" فيها ريح قد تحمل الخير للعباد وقد تحمل الشر لهم فادعوا الله وقولوا "اللهم إنا نسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به "، وفي العاصفة الثلجية رعد وبرق ،فاذكروا الله عند سماع الرعد وقولوا " سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته" ، وفي العاصفة الثلجية أمطار وثلوج ،فارفعوا أياديكم بالدعاء "اللهمّ صيبا نافعا، اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر، اللهم لك الحمد مطرنا بفضلك ورحمتك"...

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، جعل الريح والأمطار والثلوج آيات من آياته ، وجنودا من جنوده ، يرحم وينصر بهما من يشاء ، ويعذب  وينتقم بهما ممن يشاء فقال سبحانه :"أم أمنتم من السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير" وقال :"وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم"وقال سبحانه أيضا:" استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا"، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا ، وامددنا بأموال ننفقها في سبيلك ،وبنين يرابطون في مسرى رسولك ، واجعل لنا من جنودك أعوانا وأنصارا
ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله ،وصفيه وخليله ، حبيب القلوب وقرة العيون ، قابل النعم بالشكر ، وواجه الضر والبأس بالرضى والصبر، فكان العبد الشكور ،والراضي المرضي الصبور ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين  ،أما بعد:في اليومين السابقين بسبب العاصفة الثلجية  خرج الناس في بلادنا فزعين مذعورين إلى الدكاكين ،ولا أبلغ إذا قلت كأنهم جراد منتشر،فاشتروا ما يكفيهم ويزيد عن حاجتهم من الفواكه والخضراوات واللحوم وغيرها حتى قالت وكالات الأنباء إن أهل فلسطين اشتروا ثلاثة ملايين رغيف خبز،وحتى قال بعض الناس:جمعت مؤنة ثلاثة أشهر،وحتى قال بعضهم:استعددنا للعاصفة الثلجية استعدادا نفسيا ومعنويا وماديا..وقد أخذت الأجهزة الحكومية كافة ما تستطيع من استعدادات لمواجهة هذه الآية الربانية التي أطلق الناس عليها اسم"هدى"

أيها المسلمون،أيها المؤمنون،العاصفة الثلجية التي تجتاح بلادنا آية عظيمة من آيات ربنا عز وجل،تذكرنا بالحشر في القبور،والبعث للحساب بعد النشور،فقد حشرتكم هذه العاصفة في بيوتكم،وشغلتكم عن أعمالكم وأعددتم لمحشركم فيها بما تحتاجون من الطعام والشراب والكساء...وكذلك تحشرون في القبور،وتحشرون حين تخرجون منها في أرض المحشر للحساب،فمن أعد منكم الطعام والشراب والكساء لنفسه لمواجهة هذه العاصفة الثلجية،فماذا أعد ليوم يحشر فيه في قبره ويسأل فيه عما قدم أو أخر..وماذا أعد ليوم يقف فيه بين يدي ربه يسأله وعن يمينه وعن شماله ومن أمامه وخلفه نار جهنم ؟؟
إن العاصفة الثلجية حشرتكم في بيوتكم لتكون لكم عبرة وذكرى لمحشركم يوم آخرتكم الذي أقسم الله على أنه حق فقال سبحانه:"فوربك لنحشرنهم والشياطين حول جهنم جثيا"
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن حشر الناس يوم القيامة للحساب،حيث يطول بهم الموقف والكرب فقال:كيف بكم إذا جمعكم الله كما يجمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة ثم لا ينظر الله إليكم"
أيها المؤمنون يا عباد الله،وفي البرد الشديد الذي تحشرون به  في بيوتكم تذكير بنار جهنم فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"اشتكت النار إلى ربها فقالت:يا رب أكل بعضي بعضا،فجعل لها نفسين،نفس في الشتاء،ونفس في الصيف،فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها،وشدة ما تجدون من الحر من سمومها"،إنكم تفزعون إلى المدافىء بكافة أنواعها لتبعدوا عنكم هذا البرد فما أنتم مقدمون بين يدي  زمهرير جهنم لتنجوا منها؟



المرأة المسلمة التي تخرج متبرجة عارية في الصيف ، في هذه العاصفة الباردة  تستر جسمها بالثياب لتحتمي من البرد ، فبماذا تدفع عن نفسها نار جهنم إن ظلت سادرة في غيها وتبرجها ، وتارك الصلاة ،وقاطع الرحم ، ومتعاطي المخدرات،ومؤذي الجيران ،وبائع الأرض والعرض والدين لأعداء المسلمين ماذا يقيه من غضب الله وعذابه يوم القيامة إن لم يسارع إلى التوبة النصوح؟؟؟يا عباد الله يا مسلمون:
العواصف الثلجية التي نعيشها،ابتلاء للأغنياء هل يسدون حوائج المحتاجين من إخوانهم المسلمين أم لا؟وابتلاء للفقراء هل يصبرون على الجوع والبرد أم لا؟وفي الروايات عن الصالحين الأغنياء وهو محمد بن عبدوس المالكي تصدق في ليلة شاتية بقيمة غلة بستانه كلها وكانت مئة دينار ذهبي وقال:ما نمت الليلة غما لفقراء أمة محمد صلى الله عليه وسلم..
وفي هذه الأيام والليالي الشاتية والباردة والمثلجة نتذكر إخواننا المسلمين في كل مكان، وبخاصة في سوريا ولبنان فقد عرضت وكالات الأنباء المتلفزة صورة طفل مسلم رضيع في الرستن متجمدا من البرد ويداه ممدودتان متثلجتان لا تنثيان وقالت إن ثمانية ماتوا جرّاء العاصفة الثلجية ، والحكام في بلاد المسلمين وغيرها مسؤولون عن هذا الظلم البشع الذي تقشعر له الأبدان،الحاصل للاجئين المسلمين في بلاد الشام وفي غيرها من الأماكن والبلدان ،ألم يسمعوا قول الله عز وجل"وقفوهم إنهم مسؤولون"..؟؟ألم يسمعوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"إنما يرحم الله من عباده الرحماء"،أيها المؤمنون أيها المسلمون:لقد سلط الله الرياح الشديدة البرودة على الأحزاب الذين حاصروا المدينة المنورة حين اشتد الحصار وعظم الكرب على المسلمين فيها..فقال سبحانه:"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودا فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها"..

ونقول للمسلمين المحاصرين في بلاد الشام وللمسلمين الأسرى : صبرا صبرا فالله ناصركم وجاعل لكم فرجا ومخرجا ،والعذاب والخزي والعار للكافرين وأوليائهم في الدنيا والآخرة.، والله تعالى يقول :" ولا يحسبن الين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون"،يا مسلمون يا عباد الله:
إن إنزال المطر لا يدل على رضا الله عن العباد،فالله عز وجل ينزل المطر على الكفار وأهل الضلال كما ينزله على المسلمين ، ومن المسلمين من يصر على العصيان والعدوان والتقصير في حق الله،والجرأة على ظلم عباده ،فالمطر ينزل رحمة منه سبحانه،رحمة للبهائم والأطفال والشيوخ وقد يكون نزول الأمطار استدراجا من الله لعباده،أو تذكيرا للمقصرين منهم للتوبة والرجوع إليه..وقد جاء في الحديث الشريف:"لم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا"،فأين التجار التائبون من الغش والجشع والتطفيف في الميزان؟وأين الحكام الذين يحكمون بالإسلام وينشرون العدل ويحاربون الظلم والعدوان؟وأين المسلمون الذين يعظمون ربهم وكتابهم،ويعتدّون برسولهم صلى الله عليه وسلم ويسيرون على هديه...يا مسلمون يا مؤمنون:إن فصل الشتاء فرصة ثمينة لا تعوض فاستثمروه بالطاعات والأعمال الصالحات،وتوبوا إلى الله فيه من المحرمات والمعصيات
فهذا عمر الفاروق يقول:"الشتاء غنيمة العابدين"ويقول الحسن رضي الله عنه"نعم زمان المؤمن الشتاء،ليله طويل يقومه،ونهاره قصير يصومه"،والشتاء يا عباد الله فصل يمر من أعماركم،فقفوموا مع أنفسكم وحاسبوها أين الزاد الذي قدمته ليوم القيامة؟وقد قال الله تعالى"وتزودوا فإن خير الزاد التقوى".؟؟؟يا مسلمون يا مؤمنون:أطلق الناس اسم"هدى"على العاصفة الثلجية تفاؤلا أن تكون خيرا على الناس،وهذا لا بأس به،ولكن بعض الناس قام بالتعليق على هذه العاصفة بهذا الاسم تعليقات تخل بإيمانهم،فاحذروا من كل قول يتناقض مع الإيمان،

ومن ذلك ما رواه زيد بن خالد الجهيني رضي الله عنه قال:صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف اقبل على الناس فقال:"هل تدرون ماذا قال ربكم؟قالوا:الله ورسوله أعلم ،قال:"أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر،فأما من قال:مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب وأما من قال:مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب"فاتقوا الله عباد الله ولا تقولوا إلا خيرا،واتعظوا بهذه العاصفة بما فيها من رياح وأمطار وثلوج فقد قال سبحانه"ولقد صرفناه بينهم ليذكروا"،واشكروا الله على هذه النعمة وكل النعم..فالله عز وجل يقول:"ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض"،اللهم افتح علينا بركات من السماء وافتح علينا بركات من الأرض..وبارك لنا في أنفسنا وأهلينا وأموالنا..واجعل عاقبة هذه العاصفة خيرا لنا وللمسلمين..
عباد الله:استغفروا الله فإنه غفور رحيم وادعوه وأنتم مؤمنون بالإجابة
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا، ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له،كان بما خلق عليما قديرا ونشهد أنه سيدنا محمدا عبده ورسوله،أرسله إلى العالمين بشيرا ونذيرا"صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة ،أما بعد، أيها المسلمون: من الأحكام التي تخص فصل الشتاء :المسح على الجوارب والخفاف فهو جائز وهو رحمة من الله لعباده،يمسح المقيم يوما وليلة إذا لبس الجوارب أو الخف على طهارة ،ويمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن






وأما الجمع بين صلاتي الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فهو سنة إذا وجد سببه كالمشقة والحرج في الذهاب إلى المسجد في الشتاء من مطر أو وحل أو ثلج ولا يجوز الجمع في هذه الحالات إلا في المسجد
وأما اللعب بالثلج فهو مباح إن لم يصحبه محرم كلعب الرجال والنساء فهذا حرام وإن لم يؤد إلى ضرر بالنفس أو بالغير والأولى تركه
وننوه  إخواننا السائقين أن يخفضوا من السرعة بقدر الإمكان إذا مروا بالقرب من أناس راجلين حتى لا يؤذوهم بالمياه الملوثة،وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم"..  

يا عباد الله يا مسلمون  :تفقدوا المحتاجين من أقاربكم وجيرانكم وأصدقائكم ، أغيثوهم وأعينوهم "فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " و"من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة" ، وبهذه المناسبة نتوجه بالشكر لحراس المسجد الأقصى وسدنته الذين يواصلون الرباط فيه ليل نهار ، ونتوجه بالشكر لأبناء القدس الذين يقفون مع أبناء شعبهم في ظل هذه العاصفة الثلجية شركات ولجان ومؤسسات وأفراد وغيرهم ، فبارك الله فيكم وحياكم يا صقور القدس ونسورها
...

اللهم بارك في شباب القدس وفي رجالها وفي نسائها وفي المسلمين أجمعين ، اللهم ارزقنا خير هذه العاصفة الثلجية وخير ما جاءت به ، وأجرنا من شرها ومن شر ما جاءت به  ،اللهم ألف بين قلوب المسلمين ،واجمع كلمتهم، ووحد صفوفهم وانصرهم على القوم الكافرين ، اللهم احفظ أقصانا من كيد أعدانا ، وانصرنا على من عادنا ، أنت ربنا ومولانا، اللهم فرج كربات المسلمين وارفع عنهم الحصار وظلم الظالمين في سوريا ولبنان وفلسطين وسائر بلاد المسلمين ،اللهم انصر الإسلام وارفع رايته في ربوع الدنيا ، واجعل كلمة المسلمين هي العليا وكلمة الكافرين هي الدنيا ، اللهم أطعم جوعى المسلمين ،وأطلق سراح المأسورين ، واقض الدين عن المدينين ، وأتمم نعمة الشفاء على مرضى المسلمين ، وارفع الحصار عن المحاصرين ،واغفر لنا ولولدينا ولمن لهم حق علينا ، واغفر اللهم للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ، وارزقنا موت السعداء ،وأجر الشهداء ...وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة :" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون"


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More