تعديل

السبت، 19 مارس 2016

من فقه القران : الانتفاع بالوقت الضائع

من فقه القران
الانتفاع بالوقت الضائع
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
أستاذ الفقه المقارن\ جامعة القدس
قال الله تعالى :(وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا اله إلا الذي آمنت  به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك ،لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون)
فقه الآيات الكريمات في المسائل الآتية:

المسألة الأولى: تتحدث الآيات عن خروج موسى ببني إسرائيل، حيث تبعه فرعون بصحبته عدد كبير من الجند، قيل عددهم مليونان وستمائة ألف
المسألة الثانية: قوله تعالى (بغيا وعدوا) أي: أن محاربة فرعون لموسى وبني إسرائيل ، كانت بغيا واعتداء وظلما، فهي حرب الكافر الطاغي على المسلم العابد لربه، المتمسك بدينه وشرعه
المسألة الثالثة : قوله تعالى (حتى إذا أدركه الغرق) أي أصابه الغرق ووصله وناله، فهو الآن في عرض البحر يغرق ويقابل الموت
المسألة الرابعة: قوله تعالى(قال آمنت ) أي في حالة غرقه وهذا جزء من الوقت الضائع الذي لم ينتفع به فرعون، حيث لم تنفعه الشهادة بإيمانه بإله بني إسرائيل كما قال(آمنت أنه لا اله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل)
المسألة الخامسة: وقد كانت أمام فرعون فرصة سانحة للإيمان في الوقت الضائع، حيث رأى موسى وبني إسرائيل يتحول البحر لهم إلى يابسة ويعبرونه وهذه معجزة كان عليه أن ينتفع بها، لكنه كان من الغافلين عنها ، فأصر على دخول البحر هو وجنوده، فكان مصيره الغرق.
المسألة السادسة: وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على استغلال الوقت الضائع، وهو الوقت الذي يعلم الإنسان أنه لو استغله فقد لا ينفعه، وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة،فإن استطاع أن يغرسها فليفعل)..
فلو تصور أحدنا أن الساعة قامت وفي يده شجرة، فما الفائدة من زراعتها وقد قامت الساعة ؟لا فائدة؟ ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن نستغل الوقت الضائع مهما كان موقفنا منه. وذلك أن الإنسان مخلوق لعبادة الله عز وجل ، وكل دقيقة من دقائق عمره تحسب له أو عليه ، ولهذا لا بد من استغلال الأوقات وعدم التهاون بقيمتها وفائدتها.
المسألة السابعة: وإذا علمنا أن العبرة بخواتم الأعمال أدركنا قيمة الأوقات الضائعة ،فقد يكون الوقت الضائع سببا في دخول الجنة ، وقد يكون سببا في دخول النار ، كما جاء في الحديث الشريف:(وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الاذراع فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.
المسألة الثامنة : واستغلال الوقت الضائع له فوائد كثيرة في الحياة العملية وسأضرب مثالا لذلك وهو: الانتظار في الأماكن العامة، كمحطة الحافلات ، أو عند الطبيب، أو في أحد المصارف، أو في أي مكان، لو استغله المسلم ، بحفظ آيات من القران الكريم أو قراءتها أو حفظ أحاديث أو فهمها، أو قراءة قصة نافعة ، أو قراءة كتاب فسيرى أنه بعد فترة من الزمن ، حفظ عديد السور الكريمة والأحاديث،أو قرأ عديد الكتب ، فيكون قد انتفع بهذا الوقت الضائع.
وأعداؤنا خير منا في هذا المجال، فهم يفعلون ذلك ونراهم ، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذ بها، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إليها
المسألة التاسعة: وفرعون لم ينتفع بهذا الوقت الضائع ، ولذلك كان مصيره الخزي في الدنيا ، والعذاب في الآخرة وسبب عدم انتفاعه بوقته الضائع هو الغفلة ، كما قال الله في نهاية الآيات (وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون)
المسألة العاشرة : فلنحذر من الغفلة عن أوقاتنا ، ولا نستهين بأي جزء منها ، لننتفع بها.ونكون منتجين في حياتنا لكل خير.




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More