تعديل

السبت، 19 مارس 2016

من فقه القرآن : اختيار الأصدقاء

بسم الله الرحمن الرحيم
من فقه القرآن
اختيار الأصدقاء
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
أستاذ الفقه المقارن / جامعة القدس


قال الله تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً) الفرقان (27-29)

فقه الآيات الكريمات وفوائدها في المسائل الآتية:


 المسألة الأولى: قولة تعالى : (ويوم) أي يوم القيامة,ووقوعه حق,والإيمان به من أركان الإيمان,ولا يصح الإيمان بدونه,وقد أكد الله وقوعه بذكره بصيغة الماضي حيث قال (مالك يوم الدين).

المسألة الثانية : قوله تعالى : (يعض الظالم على يديه) هذا هو فعل من ندم وحزن لأجل فعله الذي ندم عليه.

المسألة الثالثة : والسلم العاقل لا يغريه الهوى أو الشهوة بفعل يندم عليه في الآجل أو العاجل,فهو يحرص أن تكون أفعاله وأقواله صادرة بما يرضي الله تعالى,كي لا يندم يوم القيامة,أو في الدنيا,وحتى مع العباد يحرص العاقل على أن لا يفعل ما يوجب الاعتذار أو الندم.

المسألة الرابعة : وكل إنسان يوم القيامة يندم,كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف,فالكافر يندم لكفره والذي استحق به عذاب النار,والمسلم يندم لتقصيره في الأعمال الصالحات التي تزيده رفعة ودرجات في الجنان,وعلى هذا,فعلى المسلم أن يحذر من أن يعض على يديه ندماً في الدنيا أو في الآخرة

المسألة الخامسة : هذه الآيات الكريمات نزلت في عقبة بن أبي معيط.,وصاحبه وخليله أمية بن خلف,وقيل:صاحبه أبي بن خلف,وكان عقبة صنع وليمة فدعا إليها قريشاً,ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم,فأبى أن يأتيه إلا أن يسلم,وكره عقبة أن يتأخر عن طعامه من أشراف قريش احد,فاسلم ونطق بالشهادتين,فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل من طعامه,فعاتبه خليله أمية بن خلف أو أبي بن خلف وكان غائباً,فقال عقبة: رأيت عظيما ألا يحضر طعامي رجل من أشراف قريش . فقال له خليله : لا أرضى حتى ترجع وتبصق في وجهه وتطأ عنقه وتقول كيت وكيت . ففعل عدو الله ما أمره به خليله ; فأنزل الله عز وجل : ويوم يعض الظالم على يديه .

المسألة السادسة : وفيما فعله عقبة مع النبي صلى الله عليه وسلم استجابة لهوى صاحبه عبرة وعظمة لكل الأصدقاء والأخلاء من الشباب وغيرهم من الرجل والنساء,وهي أن لا يطيع الصديق صديقه في معصية الله,او في شر,لأن في ذلك خسارة له كبيرة عاجلة أو أجلة.

المسألة السابعة : وعلى العاقل ان يعلم,ان كل من صده عن سبيل الله,أو أمره بمعصية الله,فهذا الصاحب شيطان وعدو له عليه أن يحذره,ومن مظاهره عداوته له,انه يتركه عند نزول المصيبة به,كمن يغري غيره بالسرقة, أو بشرب المخدرات,أو بالاعتداء على الأعراض,فلا يتحمل المسؤولية إلا الفاعل,أما المغري والأمر,فيختفي عن الأنظار والأسماع وكأنه لم يفعل شيئاً,وهذا هو عمل الشيطان بعينه.

المسألة الثامنة : وفي الحديث الصحيح الذي يرويه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه,بيان لمثل أصدقاء السوء وأصدقاء الخير,يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبًا، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة).

المسألة التاسعة : فكل شاب عاقل,وامرأة عاقلة,يتخذ من الأبرار أصدقاء,وأما الأشرار فلا يقربهم,فمالك بن دينار يقول : (إِنَّكَ إِنْ تَنْقِلِ الْأَحْجَارَ مَعَ الْأَبْرَارِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَأْكُلَ الْخَبِيصَ مَعَ الْفُجَّارِ) والخبيص حلوى تعمل من تمر وسمن.

المسألة العاشرة : قوله تعالى (يا ويلنا) دعاء بالهلاك والثبور,بسبب محالفة الكافر والضال ومتابعته على كفره وضلاله.

المسألة الحادية عشرة : قوله تعالى: (لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) تمنى من الضال أو الكافر لو اتبع في الدنيا الإسلام,وهدي النبي صلى الله عليه وسلم..فلماذا لا تسارع ونتخذ طريقنا إلى الجنة مع المسلمين العاملين بهذا الدين ولهذا الدين.

المسألة الثانية عشرة : قوله تعالى (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً)..والشيطان يكون من الجن,يكون من الإنس,بل شيطان الإنس اشد وأعتى,لأنه يخضر على الإنسان أن قرينه من الإنس شيطاناً,يدعوه إلى الكفر والمعصية والضلال..كما قال الله في صفته على لسان الكافر النادم يوم القيامة (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي)..

المسألة الثالثة عشرة : فلا مجال للعاقل إلا أن يكون في رفقة المسقين..

اصحب خيار الناس حيث لقيتهم     خير الصحابة من يكون عفيفا
والناس مثل دراهم ميزتها     فوجدت منها فضة وزيوفا.




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More