تعديل

السبت، 19 مارس 2016

من فقه القران : " تحاسد القربى بينهم "

من فقه القران
" تحاسد القربى بينهم "
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي

قال تعالى : ( قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ) سورة يوسف 91 فقه الآية الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية :

المسألة الأولى : هذه الآية اعتذار عن خطأ ، واعتراف بذنب ، وهو ذنب الحسد وما نتج عنه من تآمر على المحسود لدرجة التفكير بقتله  لشدة الحسد .

المسألة الثانية : والحاسد هم أخوة يوسف عليه  الصلاة والسلام ، والمحسود هو يوسف نفسه ، حسدوه على اصطفاه الله، ووهبه من فضله .

المسألة الثالثة : والمذنب الذي في قلبه خير ، وفي عقله أثاره  من استدراك ، يرجع عن ذنبه ، ويقلع عن خطيئته ، وهذا ما فعله إخوة يوسف ، حيث اعترفوا بذنبهم وقالوا ليوسف أخيهم ( تا الله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ) .

المسألة الرابعة : وكل مظلوم بالحسد أو غيره ، لا بد أن يعوضه الله خيرا من مظلمته ، ولهذا تفضل الله بالعطاء على يوسف عليه السلام ، وأنجاه من مكر الحسد، فنجاه من الموت في البئر ، وجعله عزيز مصر ، ورد إليه أبويه ، وجمع شمله بعد فرقة ، وهذا ما اعترف به أخوته الحاسدون حيث قالوا له  : (تا الله لقد آثرك الله علينا ) . " والإيثار : التفضيل بالعطاء " . وقد أكد إخوة يوسف هذه الحقيقة بصيغة القسم (تا الله ) . والإيثار هنا في الدنيا بالنعم ، وهذا غير نعيم الآخرة للمحسود الصابر على من يحسده ، ويحسن هنا أن نتذكر قول الشاعر :
"اصبر على حسد الحسود        فإن صبرك قاتله "
المسألة الخامسة : والحسد مرض القلب يتعارض مع صفاء الإيمان ، وكمال الإسلام ، وهو انتصار لحظ النفس ، واستجابة لوسواس الشيطان ، فإذا رأيت أخاك أنعم الله عليه بنعمة من نعمه ، فاسأل الله له دوامها ، واسأله أن يعطيك مثلها ، لتعيش خلق الغبطة، بدل أن تعيش مرض الحسد ، وبخاصة إذا كنت تحسد أقرب الناس إليك .

المسألة السادسة : فيوسف عليه السلام ، حسده إخوته ، وتآمروا على قتله ، بل عزموا على ذلك ، وهذا منكر عجيب ، فالمنطق يقول : أن يقف الأخ مع أخيه ، يفرح لفرحه ، ويحزن لحزنه ، ولكن الله تعالى يعلمنا في سورة يوسف ، أن مرض الحسد كالنار يأكل كل شيء أمامه ، ولذلك على المسلم أن يسارع إلى إخماد حريق الحسد وناره ، بماء الإيمان والتقوى ، وقد علم يوسف إخوته هذا قائلا لهم : ( إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) .

المسألة السابعة : وقد نهانا الإسلام عن التحاسد وغيره من الأخلاق الرذيلة ، ومن ذلك ما جاء في الحديث المتفق عليه : ( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا ) والنبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ، يعلمنا في قوله السابق ، أن التباغض سبب التحاسد ، وأن التحاسد نتيجته التدابر والتقاطع .. ومجتمعنا الفلسطيني ، ينتشر فيه مرض التدابر والتقاطع ، لانتشار مرض الحسود في قلوب الناس .
المسألة الثامنة : والحسد حرام وهو : تمني زوال النعمة عن صاحبها ، ففي الحديث الشريف : ( إياكم والحسد ، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ) ، فكيف يرضى مسلم لنفسه  بخلق مذموم محرم وهو الحسد ، يذهب حسنات أعماله الصالحة ، كما تلتهم النار الحشيش اليابس 
المسألة التاسعة : وحتى لا ينتشر الحسد بين الأبناء ، على الآباء والأمهات أن يعدلوا بين أبنائهم ، فإخوة يوسف تذرعوا لحسدهم بقولهم " ليوسف وأخوه أحب إلى أبانا منا " وأما الحسد بين الأقرباء وغيرهم ، فعلى كل مسلم ، أن يتذكر أن الحسد مرض ، وأن المريض يطلب العلاج ، وأن العلاج بحب المسلمين وإرادة الخير لهم كما قال الله تعالى ( إنما المؤمنون إخوة ),.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More