تعديل

السبت، 19 مارس 2016

من فقه القرآن : «فكلوا منها واطعموا البائس الفقير »

من فقه القرآن
«فكلوا منها واطعموا البائس الفقير »
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
أستاذ الفقه المقارن / جامعة القدس


قوله تعالى: «فكلوا منها واطعموا البائس الفقير » الحج 29 . فقه هذا الجزء من الآية الكريمة في المسائل الآتية:

> المسألة الاولى: هذا خطاب للحاج ولغير الحاج، فيستحب للحاج الاكل من هديه، والتصدق بالاكثر، ويستحب لغير الحاج ان يأكل من أضحيته ويتصدق بالاكثر.

> المسألة الثانية: والاستحباب في المسألة السابقة على الندب لا على الوجوب، فلا يجب الاكل والاطعام، بل هو مسنون، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فكلوا وادخروا وتصدقوا .»

> المسألة الثالثة: وقد جوز جمهور الفقهاء للمسلم حاجا او غير حاج، ان يأكل هديه او اضحيته كلها، او ان يتصدق بهما جميعا، قاله القرطبي.

> المسألة الرابعة: ومع هذا الجواز من السادة جمهور الفقهاء، فانني ارى اتباع السنة، بالأكل والتصدق والإهداء للاقارب والاصحاب، وبخاصة ان ابناء شعبنا يعيشون ظروفا اقتصادية سيئة، ضمن التكافل والتناصر ان نجعل للفقراء والاصدقاء نصيبا من الاضاحي.


> المسألة الخامسة: وبعض الناس لا يرى من حوله من الفقراء والاصدقاء، فيذهب بأضحيته بعيدا عنهم الى اماكن اخرى، وهذا جهل بفقه الاضحية، ومخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.


> المسألة السادسة: والاضحية والهدي يكونان من بهيمة الانعام، كما قال الله تعالى: «ويذكروا اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام .»

> المسألة السابعة: وبهيمة الانعام هي: الابل والبقر والغنم، فقولنا: بهيمة الانعام اي الانعام، مثل قولنا: مسجد الجامع.

> المسألة الثامنة: وقد قدر الشارع الحكيم اسنانا لكل ما يذبح من الابل والبقر والغنم، كهدي او أضحية، والتزام ما جاء به الشرع اولى وافضل.

> المسألة التاسعة: ووقت ذبح الاضاحي، دخول وقت الصلاة ومقدار ما توقع فيه مع الخطبتين، وهذا قول الشافعي، فاعتبر الوقت دون الصلاة، فاذا فرغ الامام من الصلاة والخطبة يذبح المسلم اضحيته، فان ذبح قبل ذلك، لم تقع اضحية، قال ابن عبدالبر المالكي: «لا اعلم خلافا بين العلماء ان من ذبح قبل الصلاة وكان من اهل المصر انه غير مضح، لقوله عليه السلام: من ذبح قبل الصلاة فتلك شاة لحم .»


> المسألة العاشرة: ويجوز للمسلم ان يضحي في اول ايام العيد، وهو يوم النحر، وفي اليومين بعده، فهذه ثلاثة أيام يجوز للمسلم في أيها شاء ان يضحي، وهذا قول مالك وابو حنيفة والثوري واحمد بن حنبل، وقول ابي هريرة وانس بن مالك من غير اختلاف عنها.


> المسألة الحادية عشرة: واذا جاز الاكل من الهدي او الاضحية، فدماء الكفارات لا يأكل منها اصحابها، كجزاء الصيد، وفدية الاذى للحاج.

> المسألة الثانية عشرة: وأما النذر، فلا يجوز للناذر ان يأكل منه وفاء بالنذر، ويجب عليه إخراج النذر دما او هديا او غيره، امتثالا لقوله عز وجل: «وليوفوا نذورهم .»

> المسألة الثالثة عشرة: واما الهدايا والاضاحي، فجواز الاكل منها بنص الآية الكريمة«فكلوا منها » وبالسنة الفعلية، حيث اكل النبي صلى الله عليه وسلم من الهدي وشرب من مرقه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قارنا في اصح الروايات، فكان هديه واجبا، ولقول النبي عليه السلام: من ضحى فليأكل من اضحيته.


> المسألة الرابعة عشرة: والحكمة من اذن الله عزوجل للمسلمين من الاكل من الهدايا، لأن العرب كانت لا تأكل منها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم.

> المسألة الخامسة عشرة: والمسافر مخاطب بالاضحية، اذا كان قادرا على ثمنها، لأن الاصل عموم الخطاب بها، وبهذا قال كافة العلماء، ما عدا ابي حنيفة والنخعي وما روي عن علي.


> المسألة السادسة عشرة: واما المسلم المسافر لأداء فريضة الحج، فلا اضحية عليه، لأنه مخاطب بالهدي فاذا اراد ان يضحي جعله هديا.

> المسألة السابعة عشرة: ومن رحمه الله بالمسلمين، ان جعل لغير الحاج من الاعمال ما ينال بها الفضيلة والاجر، ولذلك خاطبهم بالاضحية ليتشبهوا بالحجاج بتقديم الهدي، فيكون لغير الحاج من الاجر، للحاج في اهراق الدم ايمانا بالله، واحتسابا للاجر والثواب.


> المسألة الثامنة عشرة: وارى ان المضحي اذا كان غنيا، يأكل اللحم طيلة العام من غير حرج مادي، ويستطيع ان يشتري من اللحم لعياله غير الاضحية، ارى ان يتصدق بالاضحية جميعها والا يدخر منها شيئا، لحاجة كثير من الناس في هذه الايام، وقد حدثني بعضهم انه لا يدخل اللحم الى بيته وعياله، لا في العيد ولا في غيره، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في وقت من الاوقات عن الادخار من لحوم الاضاحي، لوجود قوم في المدينة المنورة جاؤوا اليها، فنهاهم صلى الله عليه وسلم ليفرقوها بينهم، ويتصدقوا بها عليهم، ولما انتفت العلة الموجبة لمنع الادخار ارتفع المنع عنه، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «انما نهيتكم من اجل الدافة التي دفت .»


> المسألة التاسعة عشرة: والحكم المرفوع لارتفاع علته، يعود لعود العلة، قال القرطبي: فلو قدم على اهل بلدة ناس محتاجون في زمان الاضحى، ولم يكن عند اهل ذلك البلد تسعة يسدون بها فاقتهم الا الاضاحي لتعين عليهم الا يدخروها فوق ثلاث كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.


> المسألة العشرون: وكلما كان التصدق بلحم الاضحية اكثر كان الاجر اوفر. فمن اراد الاجر الوفير في يوم النحر فهذا بابه فلا يذهب اجره ببخله ومنه على الناس بهذه الصدقات، فان المن بالصدقة يبطلها «يا ايها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى ». وتقبل الله مني ومنكم سائر الطاعات والاعمال الصالحات


وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More