تعديل

السبت، 19 مارس 2016

من فقه القرآن : المرجفون

من فقه القرآن
المرجفون
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
استاذ الفقه المقارن/ جامعة القدس


«لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها الا قليلاً، ملعونين أينما ثقفوا أخذوا.. الخ»الاحزاب 60- 61 من فقه الآيتين الكريمتين وفوائدهما المسائل الآتية:



المسألة الاولى: ذكرت الآيتان الكريمتان، ثلاث صفات، اذا اجتمعت في شخص واحد كانت الآية تعنيه.

المسألة الثانية: والاوصاف الثلاثة هي:
الصفة الاولى: النفاق.
الصفة الثانية: الفجور.
الصفة الثالثة: الارجاف بالكذب، وهو بث الاشاعات في صفوف المسلمين، لاحباطهم وتثبيطهم عن نصرة الدين والدفاع عنه.

المسألة الثالثة: وأما الصفة الاولى وهي النفاق، فالمقصود به النفاق المخرج من الدين، وهو ابطان الكفر واخفاؤه، واظهار الاسلام، وهذا نفاق الاعتقاد.

المسألة الرابعة: واما الصفة الثانية وهي الفجور الذي هو الزنى، وهو المقصود بقوله تعالى والذين في قلوبهم مرض.

المسألة الخامسة: وقيل: هاتان الآيتان، لثلاثة اصناف من الناس، الصنف الاول المرجفون، والصنف الثاني الذين يتبعون النساء للريبة، والصنف الثالث الذين يشككون المسلمين.


المسألة السادسة: وقال عكرمة الذين في قلوبهم مرض يعني: الذين في قلوبهم الزنى، وقال طاوس: نزلت هذه الآية في امر النساء، وقال سلمة ابن كهيل، نزلت في أصحاب الفواحش، والمعاني السابقة كلها متقاربة.


المسألة السابعة: فالزنى مرض مزروع في قلوب الضعفاء، الذين حرمهم الله الغيرة على الأعراض، وفقدوا المروءة والحياء، والا كيف يضع انسان فرجه فيما لا يحل له، وكيف ترضى امرأة متزوجة ان تدخل بالزنى على زوجها من ليس من صلبه ولا من نسبه؟ بل كيف ترضى ان تطأطىء رؤوس رجالها شهوة لا تدوم دقائق؟ وكيف يرضى رجل ان يزاني امرأة لا تحل له؟ او ان يعتدي على جاره بالزنى بزوجته؟ هل يقبل هذا لزوجته ولأمه ولأبنته؟ فكيف اذن يرضاه لغيره؟.



المسألة الثامنة: وقد جعل الله عقوبة الزنى كبيرة فهي للمحصن المتزوج الرجم حتى الموت، وللأعزب الجلد مائة جلدة والفضيحة! وهذا ان دل على شيء، فانما يدل على مدى قباحة هذه الجريمة، ولقباحتها فإن الأيتين الكريمتين اللتين نتحدث حولهما، جعلتا الزاني من جملة المنافقين ومرضى القلوب الذين يستوجبون اللعن والطرد من صفوف الجماعة المسلمة، وذلك لأنهم كالجرثومة، التي تفتك بالناس بسرعة، فكان لا بد من استئصالها.


المسألة التاسعة: ولجهل الناس، وضعف ايمانهم، وعدم قيامهم بواجب القوامة على اسرهم، من اولاد وزوجات وبنات، فإنه اذا زنت البنت البكر، وحملت، فانهم يسارعون الى جريمة القتل العمد التي لا يغفر الله لفاعلها، وذلك باجهاض الجنين وقتل الفتاة الزانية، وكان الاولى بالعقاب التعزيري أبوها او امها، ونقدم نصيحة لبناتنا الابكار ولجميع النساء ان يحفظن فروجهن، وان يضعن في حياتهن قاعدة يسرن عليها، وهي: ان الرجال ذئاب، لا يؤتمنون على عرض، وأنهم كذبة بين يدي النساء، وان الشهوة لحظات تعقبها ندامة عمر طويل! والآيات والاحاديث الشريفة في هذه المعاني كثيرة! ومعروفة لدى الناس.


المسألة العاشرة: وبمناسبة ذكر الفتاة البكر الزانية الحامل من الزنى، فإنه لا يجوز اسقاط الجنين اذا مضى على الحمل اثنان واربعون يوماً كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان واذا مر بالنطفة اثنان واربعون يوماً بعث الله اليها الملك فنفخ فيها الروح. ولا يلتفت الى قول من يقول انه يجوز الاسقاط قبل مرور اربعة اشهر، لأن هؤلاء العلماء افتوا وفق فهم مغلوط لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه المشهور وان احدكم يجمع خلقه.. الخ وليس هذا موضع مناقشته.


المسألة الحادية عشرة: قوله تعالى لنغرينك بهم يعني: لنحرشنك بهم، ولنسلطنك عليهم، وقال ابن عباس: لم ينتهوا عن ايذاء النساء.، وان الله عز وجل قد اغراه بهم.


المسألة الثانية عشرة: وقد أمر الله نبيه في ه􀀼ؤلاء الذين يجمعون هذه الصفات الثلاث، فقال سبحانه ولا تصل على أحد منهم مات ابداً ولا تقم على قبره ثم امره بلعنهم وهذا هو الاغراء، ثم اخبره باخراجهم من بين ظهراني المسلمين فقال له ثم لا يجاورونك فيها الا قليلا، ثم تبين انهم لعنوا من الله، فهم مطرودون من رحمته.


المسألة الثالثة عشرة: واذا عرفنا حكم الله فيمن جمع النفاق والاصرار على الزنى والاعتداء على اعراض المسلمات واثارة الاشاعات والفتن في صفوف المسلمين، فالواجب على كل مسلم ان:


* اولاً: يقاطعهم حتى يتوبوا.
* ثانياً: ان لم يتوبوا يتوجب عليه ادامة هجرانهم ولعنهم والتشهير بهم.
* ثالثاً: لا يصلي عليهم، ولا يستغفر لهم.
* رابعاً: ان يكون المسلمون يداً واحدة على هذه الزمرة المريضة فيهم، حتى ينتهوا عما هم عليه، بشرط الا يأخذوا احداً بالتهمة، وانما بالبينة الواضحة او الاقرار.


والاسلام اولاً والاسلام آخراً لا نقيل ولا نستقيل.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More