تعديل

الاثنين، 21 مارس 2016

خطبة الجمعة مكتوبة 27/9/2013م .. من فضائل بيت المقدس

خطبة الجمعة
من فضائل بيت المقدس
27/9/2013م

الحمد لله رب العالمين ،قال وهو أصدق القائلين (فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرّة وليتبروا ما علوا تتبيرا) ،قال المفسرون :المسجد المذكور في الآية هو المسجد الأقصى .وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، يحيي ويميت ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، بارك لنا في بيت المقدس ،فقال سبحانه( ونجيّناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين )، وأشهد أنّ سيدنا


محمدا عبد الله ورسوله ، أخبرنا وهو الصادق المصدوق  أنّ المسجد الأقصى حصن الإسلام ومعقل الإيمان إلى يوم القيامة ،فقال : "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ، لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم إلاّ ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك"،قالوا : يا رسول الله وأين هم؟ قال:"ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".اللهمّ صلّ وسلم وبارك عليه ، صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين ، ما  رابط في المسجد الأقصى مرابط ، وما سبّح فيه عابد ، وسجد فيه ساجد ،وعدد ما نزل على رحاب المسجد الأقصى من قطر ودماء ، وبقدر ما  أصاب المسلمين فيه من اللأواء ، وصلّ اللهمّ على آل محمد الطاهرين ، وعلى أصحابه الغرّ الميامين ، وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .

أمّا بعد
قال الله تعالى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلاّ خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ).
أيها المسلمون ،أيها المؤمنون :
ذهب أكثر أهل التأويل إلى أن كلمة "مساجد" في الآية الكريمة تعني مسجد بيت المقدس ،أي المسجد الأقصى ، وقد جاءت بصيغة الجمع للدلالة على عظمة المسجد إن كان هو المقصود بالذكر ، حيث إنّه القبلة الأولى



للمسلمين ، فاذكروا لهذا المسجد مكانته فيكم ، ولا تغفلوا عن شدّ الرحال إليه ، ولا تتقاعسوا عن الرباط فيه ، فهو أمانة أناطها الله بكم ، تشريفا لكم ، ولرفع درجاتكم ،فحذار حذار من التفريط فيه ، فالتفريط فيه تفريط في القرآن ، وتفريط في الدين ، فأنتم تعرفون منزلة المسجد الأقصى في الإسلام ، وتعلمون وتشاهدون ما يريد به أعداؤه ، وما ينال منه المستوطنون ، فالله الله في المسجد الأقصى ،ارتبطوا به ارتباط حب وإيمان ، وانصروه وأعزّوه فإنّ الله سائل المسلمين يوم القيامة : هل فرّطوا في المسجد الأقصى وتقاعسوا عن نصرته ، أم أعاذوه من المعتدين ،وكان له حماة ومن المرابطين؟
اللهمّ انصرنا  في المسجد الأقصى ومكن لنا فيه ، وارزقنا الثبات في رحابه ومحاريبه ، وردّعنه كيد الكائدين ،وعدوان المعتدين ،ودخول الكافرين ...

يا مؤمنون ، يا عباد الله :
 وفي قوله عزّ وجلّ :"ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها" إنباء من الله سبحانه أنّ المسجد الأقصى تعرض قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى نوعين من التخريب والاعتداءات ، وسيتعرض على مدى التاريخ إلى هذين النوعين من الاعتداءات  والتخريب أيضا ، فبخت نصّر خرّبه واعتدى عليه ، والنصارى خرّبوه واعتدوا عليه أكثر من مرّة ، والاحتلال منذ ما ينيف عن الأربعين عاما





يعتدي عليه ،ويعمل على تخريبه بنوعين من التخريب ، الأول التخريب الحقيقي بالحفريات المستدامة لهدمه ، وبالتخريب المجازي ،بمنع المصلين من دخوله وبمنعهم من الصلاة فيه ،وبمحاولته منع إقامة حلقات العلم فوق مساطبه ، وبتحديد أعمار المصلين ، وبالسماح للمستوطنين بتدنيس ساحاته ،وبالتزييف من  خلال اختلاق الروايات التاريخية الباطلة التي تزعم حقهم فيه ، وبسكوته عن التحريض على المسجد الأقصى عبر وسائل الإعلام المختلفة ، فإلى متى سيبقى هذا التزوير لتاريخ القدس والمسجد الأقصى؟وإلى متى سيظل من بيدهم مقاليد أمور المسلمين ينامون في كهف الذل والهوان ؟ وأمّا أنتم  أيها المصلّون يا حماة المسجد الأقصى ، حيّاكم الله على رباطكم ، وعلى ثباتكم ، وعلى دفاعكم عن مسرى الرسول صلى الله عليه وسلّم ، طبتم وطاب مسعاكم ، طبتم وطاب ممشاكم ، لا حرمنا الله منكم ، ولا فجعنا بكم ، فبكم نصول وبكم نجول ، وأنتهز الفرصة لأدعو علية القوم من أهل بيت المقدس ، من أعيانها وتجارها وعلمائها لإعداد برنامج مرابطة سلمي من حضراتكم يكون بشكل يومي عند باب المغاربة لمنع المستوطنين من دخول المسجد الأقصى وتدنيسه ، وهذا أقل الجهد نصرة لبيت الله المقدّس ،كما أدعو عامة المسلمين إلى شدّ الرحال إليه في الصلوات الخمس ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ،فإنّ من دخل المسجد الأقصى للصلاة فيه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه ، وكانت صلاته فيه  بألف صلاة فيما سواه والنبي صلى الله عليه وسلم  يقول لكم :" ائتوه فصلوا فيه " فاستجيبوا لأمر رسولكم ، وأطيعوه ، فالله عزّوجلّ: يقول "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم ".





يا مؤمنون ، يا عباد الله :
   الواجب على ولاة الأمور من المسلمين حماية المسجد الأقصى حتى لا يدنّس ، وحمايته حتى لا  يهدم ، وحمايته حتى لا يقسم ، وهذا كله يدخل تحت قول الله تعالى "ما كان لهم أن يدخلوها إلاّ خائفين" فالمسجد الحرام حرّمه الله على المشركين والكافرين ، والمساجد ما عدا المساجد الثلاثة التي تشدّ إليها الرحال، أجاز الفقهاء للكفار دخولها للحاجة ،فإن لم تكن ثمّة حاجة معتبرة فلا ينبغي لهم دخولها  ، وأمّا المسجد الأقصى فقوله عزّ وجلّ  "ما كان لهم أن يدخلوها إلاّ خائفين " يخصه ،والمعنى :أن المسجد الأقصى يجب أن يظلّ تحت مسئولية المسلمين ، ومحررا لا سلطة للكافر عليه ، فإذا دخله الكافر يوما دخله خائفا ، لأن المسلمين عليهم إخراجه منه ، فإذا اجتمع مع هذا المعنى دخول غير المسلمين إليه للاعتداء عليه  وتخريبه  والإفساد فيه ، تأكد وجوب حماية المسلمين له ، لإنقاذه من الهدم أو التقسيم أو بقاء سيطرة للاحتلال عليه وعلى رحابه المقدسة ، وعليه نطالب بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية ، واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لإنقاذ المسجد الأقصى من الاحتلال وعدوانه عليه ، وعلى كل حال فإننا نؤمن أنّ العدوان مهما علا عليه وطال ،فهو إلى اندحار وزوال ، فالله عز وجلّ يبشرنا بقوله" فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرّة"، فاللهمّ أتمم علينا نعمة العزة والتمكين في المسجد الأقصى وسائر بلاد المسلمين .
يا مسلمون :
وقد بشّر رسولنا صلى الله عليه وسلم بفتح بيت المقدس ،ففي حديث عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "اعدد ستا بين يدي الساعة :



موتي ثمّ فتح بيت المقدس" فالقدس حاضرة الدولة الإسلامية في آخر الزمان ، فعن عبدالله بن حوالة الأزدي قال : وضع رسول الله يده على رأسي أو قال على هامتي ، ثمّ قال : "يا ابن حوالة ،إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلال والبلابل والأمور العظام " ، فرحمة الله بكم يا عباد الله نازلة ، وجموعكم لنصره نائلة ، وما يحدث من فتن في بلاد الشام وسائر بلاد المسلمين ما هي إلاّ إرهاص بدنو النصر المرتقب من الله رب العالمين لعباده المؤمنين ،وصدق  ربنا العظيم وهو يقول "لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم "
يا عباد الله :
إنّ المسجد الأقصى  والقدس آيات في كتاب الله ، وأحاديث صحيحة في سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ،فهي شأن كل مسلم وهمّه وعنايته ، له فيهما كامل الحق ، ولهما عليه كامل النصرة  ، والحجة تبقى معنا فنحن
أهل الحق ، وأمّا أهل الباطل الذين يعتدون علينا وعلى مقدساتنا فالخزي لهم ، لأنهم يعتدون على أعظم مقدسات المسلمين ، والخزي لهم أمام الشعوب والأمم لهذا العدوان ،والخزي لهم في الآخرة لأنهم من المقصودين بقوله تعالى " لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم " ، اللهم إنا نعوذ بك من عذابك وخزيك في الدنيا والآخرة ،ونعوذ بك من ظلم الظالمين ، وبغي المعتدين ، ومكر الماكرين

عباد الله : استغفروا الله وادعوه وأنتم موقنون بالإجابة

  



الخطبة الثانية

   الحمد لله الذي اجتبانا لطاعته ،وأخلصنا لعبادته ،أعزّ المؤمنين بعزّته، وأذلّ المشركين والكافرين بجبروته وقدرته ،قدّر أن نكون في المسجد الأقصى مرابطين ، وفي بيت المقدس على الحق ثابتين ، ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له،  له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ،وصفيّه وخليله ، بلّغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، اللهمّ صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آلله وأصحابه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين
أمّا بعد:




 يا مرابطون ، يا مسلمون :
   اقترن المسجد الأقصى بالمسجد الحرام في عديد الأمور منها : كونهما قبلة للمسلمين ، وقد يكون في استقبال المسلمين بيت المقدس أوّلا ثمّ تحويله إلى المسجد الحرام إغراء للمسلمين ،وتنبيه لهم إلى أن للمسجد الأقصى حق على المسلمين  وهو أن يحفظوه من كل تدنيس ، ومن الرجس والمعاصي  والاعتداء عليه كما هو الحال في المسجد الحرام ، وأن القدس يجب أن تبقى في حياة المسلمين وفي قلوبهم وفي ضمائرهم حيّة خالدة لا تنسى ما بقي فيهم قرآن يتلى ، وما بقيت قلوبهم تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ..

 نعم يا عباد الله ، ويا أتباع رسول الله :
  وإذا كان الحج إلى مكّة وإلى المسجد الحرام كل عام ،فإن الحجّ إلى القدس وإلى المسجد الأقصى يجب أن يكون من المسلمين كل يوم ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حثّ على شدّ الرحال إليه مطلقا فقال : "لا تشدّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ،والمسجد الحرام والمسجد الأقصى " وبمناسبة ذكر الحجّ فإنني  أهنىء  الحجاج الذين سيغادروننا  لأداء فريضة الحج ، ونسأل الله أن يصلوا أرض الحجاز سالمين ،وأن يعودوا إلينا بحج مبرور وسعي مشكور ، ونطالبهم أن يقرأوا السلام منّا




نحن أهل بيت المقدس على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فنحن والله مشتاقون للقائه في الفردوس الأعلى ، فجزاه الله  عنّا خيرا ، ونطالبهم أن يذكّروا الحجاج من كافة الأقطار أننا رغم الاحتلال ،  فإن الله يكرمنا بشد الرحال إلى المساجد الثلاثة المباركة ، وهم محرمون من ذلك بتقاعسهم عن نصرة المسجد الأقصى ، فمتى يعقدون النيّة ليشاركونا هذه الفضيلة ، وينعم المسجد الأقصى بالاستظلال بظلهم ، فالحج
رسالة صريحة وظاهرة للكافرين أن أمّة محمد صلى الله عليه وسلم لا تراهن على دينها وأقصاها، ولا تساوم على عقيدتها ومقدساتها ، فالحج مظهر لوحدة المسلمين وإن تفرقوا ، ومظهر لقوتهم وإن ضعفوا ، ومظهر لعودتهم إلى دينهم وإلى ربهم وإن جهلوا يوما وعصوا ، فأمّة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أمّة التوحيد ،وأمّة النصر ،وأمّة العزّة ، وأمّة السيادة في الأرض بدين الإسلام الذي هو الدين الحق ، ولا حق في دين سواه ،
سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أيّ الأعمال أفضل ؟
قال : " إيمان بالله ورسوله " قيل : ثمّ ماذا ؟ قال "جهاد في سبيل الله " ، قيل : ثمّ ماذا ؟ قال " حج مبرور" .
أيها المسلمون ، يا عباد الله
   أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم قريشا في حجة الوداع فقال لهم " لا تجيئوا بالدنيا تحملونها على رقابكم ، ويجيء الناس بالآخرة فإني لا أغني عنكم من الله شيئا " وأنتم يا من حكمتم بلاد العرب والمسلمين إن الدنيا لا تغني عنكم من الآخرة ، فاتقوا الله في القدس وفي المسجد الأقصى واتقوا الله في شعوبكم ودمائهم وأعراضهم وأموالهم ، وأقيموا الدين ولا

تتفرقوا فيه واحتكموا إلى شريعته ، فاستسلموا لربكم ،وأطيعوا رسولكم ، وأجمعوا عليهما كلمتكم وحكمكم ،يقول الله لكم وللمسلمين "فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون "
 اللهم انصر الإسلام والمسلمين ،وأعل بفضلك وقوتك كلمتي الحق والدين
اللهم انصر المسلمين في بلاد الشام ،وفي مصر ،وفي كل مكان ، اللهم كن للمحاصرين من المسلمين خير معين ، ولا تشمت بهم المنافقين والكافرين اللهم كن مع أسرانا وأسرى المسلمين ، أطلق سراحهم ، وأرجعهم إلى ذويهم مكرمين ،اللهم حرر المسجد الأقصى ،وارفع عنه اعتداء الكافرين ، واجعله عامرا بالمسلمين إلى يوم الدين ، اللهم اقض الدين عن المدينين ، وامنن بالشفاء على المرضى ، واقض حوائج المحتاجين ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولأهلينا  ولجميع المسلمين ، واختم لنا بالخاتمة الحسنة ، ولا تعذبنا بالنار ،وأدخلنا الجنة مع الأبرار ...
وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون "




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More