تعديل

الأحد، 20 مارس 2016

من فقه القرآن : الفاحشة وعواقبها

من فقه القرآن
الفاحشة وعواقبها
الشيخ الدكتور محمد سليم محمد علي
إمام وخطيب المسجد ألأقصى المبارك
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة ببيت المقدس

قال الله تعالى ( ولا تقربوا الزنى  إنّه كان فاحشة وساء سبيلا ) سورة الإسراء : 32
فقه الآية  الكريمة وفوائدها في المسائل الآتية :
المسألة الأولى : الواو في قوله (ولا) واو العطف ، فالآية معطوفة على ما قبلها وهو قوله تعالى (ولا تقتلوا  أولادكم ...) ، والآية التي بعدها معطوفة عليها ، وهي قوله تعالى (ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله  إلاّ بالحق ..) ، وفي هذا تأكيد لمعنيين اثنين هما :
الأول : خطورة جريمة الزنى ، وعظم مآلاتها السيئة على الزاني ، وعلى المجتمع .
الثاني : أنّ جريمة الزنى ، ينتج عنها قتلا للولد ، وهو المتولد من الزنى ، وهو قتل للنفس التي حرّم الله تعالى .
    وقد أكّد الله تعالى العلاقة بين القتل والزنى في سورة (الرحمن) فقال سبحانه ( ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا  يزنون ).
    فالزاني والزانية – والعياذ بالله تعالى – يجمعان بارتكاب جريمة الزنى أقبح  المعاصي وأكبرها ، وهي الزنى  ، والقتل ، والخيانة .
المسألة الثانية : ولما سبق بيانه ، وصف الله تعالى  الزنى  ب (  الفاحشة) ،وفي هذا تنفير لأصحاب العقول ، وذوي المروءات ، ومن في صدره وازع من دين أو حياء ، أن لا يقرب هذه الجريمة مهما كانت دوافعها الشهوانية والمادية .
المسألة الثالثة : وقد جعل الله تعالى من صفات عباده (عباد الرحمن) ، (ولا يزنون ) ، وهو مقام رفيع ، لا يناله  إلا  أهل التقى ، وأصحاب الهمم العالية ، والقلوب الطاهرة ، والضمائر الحيّة ، الذين لا يعتدون على أعراض الناس ، ولا يغررون بغيرهم من النساء أو الرجال ، لأنهم يعلمون أنّ منزلة الزنى لا تليق بهم ، وأن هذه الجريمة من أكبر الذنوب عند الله تعالى التي تستوجب سخطه ، ومقته ، وعذابه ،ففي الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه ، من حديث عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه- قال : قلت: يا رسول الله ، أيّ الذنب أعظم ؟ قال : ( أن تجعل لله ندا وقد خلقك ) قال : ثمّ أي ؟قال : ( أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم ) قال : ثمّ أي ؟ قال : ( أن تزاني حليلة جارك).
المسألة الرابعة :  وفي الحديث الشريف السابق ، بيان لعظم جريمة الزنى ، وبخاصة من الرجل مع زوجة جاره ، وأيضا من المرأة مع جارها ، وما أقبحها من جريمة ! وما أرذله من سلوك ! وما أقبح هذه الجريمة من الشاب الأعزب غير المتزوج ! فكيف يكون عظم قبحها من رجل محصن "متزوج" يزاني النساء ؟ وكيف يكون قبحها من امرأة متزوجة ، تضع ثيابها في غير مخدع زوجها ، وترضى لنفسها أن تكون في حضن رجل محرّم عليها ؟ ألا تخجل من ربها ؟ ألا تخجل من نفسها ؟ وكيف ترضى أن يكون لها أولاد من سفاح ؟ أو تقتل جنينا في بطنها من سفاح ؟ أين العقل ؟ وأين الرشد ؟ ، وأين الإيمان ، وأين الحياء ؟
المسألة الخامسة : و في قوله تعالى ( ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون )
قال القرطبي ( ودلّت هذه الآية على أنّه ليس بعد الكفر أعظم من قتل النفس بغير حق ثمّ  الزنى ،ولهذا ثبت حدّ القتل لمن كان محصنا ، أو أقصى الجلد لمن كان غير محصن ).
المسألة السادسة :  ومن  نجى  من عقوبة القتل  على جريمة الزنى في الدنيا ، ولم يتب توبة نصوحا ، فإن نار جهنم تتلظى     للقائه ، وهي له بالمرصاد .
المسألة السابعة :قوله تعالى " تقربوا " في قوله ( ولا تقربوا ) أبلغ في النهي والزجر عن الزنى من قوله : ولا تزنوا . وفي هذا تأكيد آخر على عظم هذه الجريمة النكراء ، ووجوب عدم الاقتراب منها ، بكل دواعي الزنى ، كالاختلاط بغير المحارم ، والتبرج ، ومشاهدة القنوات الفضائية المفسدة ، وغير ذلك مما يدعو إلى الزنى ، أو إلى التفكير  والإغراء  به
  المسألة الثامنة :قوله تعالى في وصف الزنى ( إنه كان فاحشة ) أي كان معصية كبيرة قبيحة ، والفواحش نوعان : فواحش  باطنة  ، متعلقة بالقلوب كالكفر والنفاق ، وفواحش ظاهرة كالزنى ، قال الله تعالى ( ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ).
المسألة التاسعة : والزنى طريق من أسوأ الطرق ، ولهذا قال الله تعالى فيه ( وسار سبيلا) ، قال القرطبي ( وساء سبيله سبيلا ، لأنه يؤدي إلى النار  ، والزنى من الكبائر ، ولا خلاف في قبحه لا  سيّما  بحليلة الجار ، وينشأ عنه استخدام ولد الغير ، واتخاذه ابنا وغير ذلك من الميراث وفساد الأنساب باختلاط المياه ).
المسألة العاشرة : والناظر في أحوال المجتمعات الإنسانية ، يرى انتشار الزنى من غير نكير ،وهذا يؤدي إلى إنزال الله تعالى بعباده ألوانا من العذاب ، فالواجب على كل مسلم :
أولا : أن  يستقيم على طاعة الله تعالى .
ثانيا : أن يقلع عن المعاصي ويتوب منها ، وبخاصة الكبائر  ومنها الزنى .
ثالثا : أن يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .


رابعا : أن نتعاون جميعا على محاربة المنكرات ، وعلى المحافظة على أعراض المسلمات ، فهن إمّا أخوات أو بنات أو قريبات أو مسلمات يجمعنا معهن الأخوة في الدين ، واذا كان المعتصم خرج بجيش عرمرم للمحافظة على عرض امرأة مسلمة ، فعلينا على الأقل أن نكفّ شرنا ، عن أخواتنا المسلمات ، وأن نردهن إلى حوض الإسلام ، حوض النبي محمد صللا الله عليه وسلم .ن يقتل ولدك مخافة أن يطعم )أ



0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More